أغلب الموقعين على بيان “ملتقى فلسطين” الذين قرروا ان ما تقوم به روسيا في اوكرانيا هو احتلال، ثم قرنوه بالاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، أغلبهم شخصيات مجتمعية واصحاب قلم وبعضهم لهم تجارب نضالية تحترم، ومن هنا تأتي خطورة بيانهم وملتقاهم .
أولا : يتعدى ما صدّروه الرأي وحريته الى الموقف والتكتل في جسم حمل اسم فلسطين “ملتقى فلسطين من حيفا الى رام الله الى القدس الى غزة الى الشتات”، ونظرة سريعة الى الاسماء الموقعة تعرف انهم جماعة الدكتور عزمي بشارة .
ثانيا: هؤلاء لهم موقف من سوريا، تجاوز القيل والقال، ليس لانهم اصحاب فكر متنور او حتى متخلف، بل لقربهم من صاحب الجاه والسلطان، وحتى في بيانهم الاوكراني الاخير لم يفتهم ان يعرجوا على سوريا وكيف ان روسيا وقفت الى جانب النظام ضد الشعب .
ثالثا: مخطيء كل من رد عليهم من باب انه بالامكان ثنيهم عن موقفهم والتراجع عنه ؛ من ان اوكرانيا ليست فلسطين ، بل هي اقرب الى اسرائيل والصهيونية والنازية من اي طرف آخر في العالم، ولو كانت اوكرانيا اقرب الى فلسطين لما كانت اول الدول التي اعترفت بصفقة ترامب “القرن” ولما نقلت سفارتها الى القدس، ولما كان طلب رئيس وزرائها مؤخرا ان يلقي خطابا امام الكنيست .
رابعا : هذا الموقف الذي بكل تأكيد سيتطور، الى ما هو ابعد من ادانة “الاحتلال الروسي”، الى دعم اوكرانيا ماليا وعسكريا واعلاميا من أجل التحرير وتقرير المصير وحقوق الانسان … الى آخر الاسطوانة المعروفة والمشروخة . لقد فعلوا ذلك في سوريا عبر عشر سنوات، ووصل بهم الامر ان قادوا “الثورة” “برهان غليون” ، ثم وافقوا ان يحتلوا مقعد سوريا في جامعة الدول العربية “معاذ الخطيب” ، ثم قبلوا بحثالات العالم “داعش والنصرة” ان تقودهم .
خامسا : لا يخجل اصحاب الملتقى من ان يتقاطعوا في موقفهم مع اميركا ضد روسيا ازاء هذا الكم الهائل من العقوبات …، عقوبات طالت حتى الرياضة والموسيقى والكتب والخفافيش البيولوجية ، وهذه العقوبات اذا ما طال أمدها ترقى الى اقرب ما يكون حرب كونية ضروس ، وهي بالمناسبة مفروضة على الكثير من دول العالم بما فيها روسيا وسوريا وايران وكوريا وكوبا وفنزويلا ولبنان وقطاع غزة ، بل لمن لا يعرف ، فإن الملتقى والموقف هو تنفيذ فلسطيني للاوامر الاميركية التي قال عنها حسن نصر الله انها في لبنان صيغت في السفارة الاميركية وسلمت للخارجية من اجل تنفيذها. وبالتأكيد فإنها سلمت ايضا الى قطر التي يقيم فيها عزمي بشارة .
سادسا: سيعكف الملتقى على ارسال متطوعين الى اوكرانيا ، مقاتلو حرية، مناضلون أمميون ، وهم في حقيقة الامر مرتزقة ، يبحثون من خلال بنادقهم الى “لقمة عيش” مغمسة بأي دم ، لقد كشف ان دول الخليج كانت تدفع خمسين الف دولار سنويا لكل من يذهب للقتال في سوريا، تخيلوا ، من يمكن ان يرفض عرضا كهذا من ضمن ملايين الشبان العاطلين عن العمل ؟ لكني لا أعتقد انه يلزم في اوكرانيا ارسال “نكاح جهاد” لتحريرها من براثن الاحتلال الروسي ، فهي لديها فائض في هذا المجال