شكّل فيلم “صالون هدى” صدمة للكثيرين من ابناء الشعب الفلسطيني ، وأكيد من ابناء بقية الشعوب العربية التي تنتمي لبعضها البعض ، واذا كان “الفيلم” هو سبب صدمتنا ، فإن سبب صدمة الاخرين هو “البنت” الفلسطينية التي قبلت ان تتعرى بالكامل امام الكاميرا وبالتالي امام الملأ على اختلاف جنسيات الناس واعراقها واعرافها.
الصدمة الثانية : كيف يمكن ان نرد على الآخرين اننا لسنا كذلك ، وان “البنت” حالة شاذة ، ولكنها “البطلة” التي وكأنها تسعى لتأخذ مكان البطلة الفلسطينية التقليدية ؛ دلال المغربي ، ليلى خالد ، ، فدوى طوقان ، مي زيادة ، كريمة عبود ، سميحة خليل ، حنان عشراوي ، هيام عباس ، ريم بنا ، ماري جاسر وعشرات الرائدات والمبدعات الفلسطينيات ، آخرهن براء عساكر من غزة الحاصلة قبل ايام على براءة اختراع علاج سرطان البنكرياس من اسبانيا.
الصدمة الثالثة هي الحوار المخزي “التحقيق” بين الفدائي وبين صاحبة الصالون ، وهو حوار افتراضي كاذب ، حين بدت انها محقة في ارتكاب حقاراتها ، وانها هي التي تقرر من هي”البنت” التي تريد اسقاطها ، وانها تسقط هذه دون تلك انتقاما شخصيا لان زوجها سيء وهي لا تثور في وجهه كما فعلت هي مع زوجها السيء – سيء لانه ضبطها تخونه مع رجل آخر – . السبب الحقيقي في الاسقاط هو الاحتلال الذي يعرف كيف يبتز المرأة ، وهي لا تعرف كيف ترفض و تصد ابتزازه.
الصدمة الرابعة: ان “الفدائي” الفلسطيني اصبح كذلك تكفيرا عن جرم او خطأ ارتكبه في طفولته “11 سنة” ، وبالتالي فإن كل الفدائيين والعمل المقاوم في فلسطين، وربما في العالم، خطأ مركب على خطأ.
الصدمة الخامسة: لا أذكر في تاريخ المقاومة الفلسطينية ان قامت بإحراق عميل بعد ان تكون قد سكبت البنزين على جسمه وإن كانت قد أعدمت بعضهم بالشنق او بالرصاص ، وفي الانتفاضة الاولى فسحت المجال امامهم لاعلان توبتهم في المساجد.
الصدمة السادسة: ان المخرج الفذ المتجنس بالجنسيتين الاسرائيلية والهولندية ، ولا اعرف ما إن كان ممنوحا جنسيتنا ايضا او جواز سفر احمر ، قد وضع حلا او علاجا لقضية الابتزاز التي صورها وكأنها ظاهرة ، في صالون واحد في مدينة واحدة اسقطت “هدى” 15 امرأة . و هذا الحل معروف في ادبيات المقاومة ، من ان تقوم الضحية بمجرد معرفتها انه تم تصويرها او توريطها بتبليغ أهلها واقرب مقربيها بما حصل معها ، لطالما انها لم ترتكب اي جريمة ، بل ان العدو هو الذي ارتكب الجريمة بحقها وحق غيرها ، وبالمناسبة فإن التوريط ليس مقتصرا على البنت دون الذكر.
الصدمة السابعة: التصريح الذي نسب “للبطلة” منال عوض “صاحبة الصالون” تنفي فيه بيان وزارة الثقافة من ان الفيلم عرض على الوزارة بدون مشهد التعرية، قولها ان الوزارة شاهدت المشهد ووافقت عليه. والصحيح ان ليست هذه صدمتنا، بل لماذا يعرض الفيلم من اصله على وزارتنا، فلا المخرج “ابو اسعد” ولا المنتج “هولندا” ولا المتعرية، فلسطينيون كي ينعموا بالموافقة الفلسطينية، عدا عن ان عورة فيلمه “اميرة” المتعلق بنطف الاسرى المهربة من انها لضباط اسرائيليين، لم يمض طويل وقت لإخفائها او سترها. أم تراه يكون قد عرج على “صالون هدى” فرع الناصرة مثلا .