تدير إسرائيل وإيران في السنوات الأخيرة حربا خفية، تتركز حاليا في ساحتين: المُسيرات والسايبر.
وقضى رئيس الوزراء نفتالي بينيت أن هدف الحرب منذ أن كان في منصبه السابق كوزير للدفاع: "حين تضربك أذرع الأخطبوط، لا تقاتل الأذرع فقط بل اخنق الرأس... والآن نحن نغير الفكرة، فنحن في معركة متواصلة لإضعاف رأس الأخطبوط الإيراني نفسه. بأعمال اقتصادية، سياسية، استخبارية، عسكرية وبحجوم أخرى أيضا".
تقدم بينيت منذئذ ويواصل هذا الخط بقوة أكبر. وهكذا سجل هذا الأسبوع تصعيد آخر في المواجهة، حين هاجمت إيران بالصواريخ من أراضيها ما وصفته قاعدة استخبارات إسرائيلية سرية في كردستان.
وعلل الهجوم كرد على قصف مسيرات إسرائيلية انطلق من إقليم الحكم الذاتي الكردي في الشهر الماضي "وألحق ضررا كبيرا"، حسب قناة مقربة من إيران.
وقبل ذلك قتل الجيش الإسرائيلي ضابطين من الحرس الثوري الإيراني في قصف قرب دمشق.
وأمس اتهم الطرفان كل منهما الآخر بمحاولة المس بالمنشأة النووية في فوردو، وهجمة سايبر على مواقع حكومية في إسرائيل.
تدور الجولات العنيفة إلى جانب المفاوضات على الاتفاق النووي بين القوى العظمى وإيران والتقارب الأمني العلني بين إسرائيل ودول الخليج.
لا يجرى في إسرائيل نقاش جماهيري حول الأهداف، طرق العمل والنتائج لـ"المعركة بين الحروب" في سورية، لبنان وإيران.
وتنشر وسائل الإعلام بين الحين والآخر أشرطة مسجلة عن القصف في سورية المنسوب لإسرائيل، وكبار رجالات الجيش والحكم يتباهون بفرص مختلفة في الأعمال العملياتية الواسعة في الشمال وفي الشرق، بأعداد الهجمات وبقتلى العدو وبالطائرات التي فقدها.
وفي الأسابيع الأخيرة يستخدمون المعركة ما بين الحروب كي يبرروا الحيادية الإسرائيلية بين روسيا وأوكرانيا، بخلاف تام مع موقف حكومات الغرب المؤيدة لكييف بدعوى أن فلاديمير بوتين يسمح لسلاح الجو بالعمل في سورية ومن شأنه أن يندم ويعرقل.
وتفرض الرقابة العسكرية الغموض الرسمي بحيث تمنع النقاش الجماهيري ولا تسمح بالتبليغ عن اتخاذ القرارات بالنسبة للمعركة ما بين الحروب وعن بدائل المناوشات العنيفة، وإذا كانت فحصت على الإطلاق.
لا ينبغي الاستخفاف بالتهديدات القادمة من طهران: فذات يوم قد يستيقظ الجمهور الإسرائيلي على مواجهة علنية وعنيفة، دون أن يفهم على ماذا نقاتل في واقع الأمر وما الذي حصل هنا.
لا يكفي تشبيهات بينيت عن الأخطبوط والأذرع. عليه أن يشرح لمواطني إسرائيل ما هي أهداف الحرب ضد إيران، وهل تبادل القصف ومعارك السايبر حيوية لأمن الدولة، وكيف برأيه سيمنع تصعيداً أوسع. مثل هذا النقاش حيوي في دولة ديمقراطية.
عن "هآرتس"/ افتتاحية