شايلوسكي..سقوط ورقة التوت "اليهودية"!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 بعد محاولات متلاحقة، وتوسلا نادرا تحت عباءة "يهوديته"، وافق الكنيست الإسرائيلي الاستماع الى رئيس أوكرانيا زيلينسكي، كي يقدم روايته التي تنقل بها من برلمان آخر، في مشهد استعراضي لم يقدم له ولأوكرانيا سوى مزيد من المصائب، بعدما بات ضحية خداع محور الغرب.

حاول "تاجر كييف" الممثل غير الموهوب زيلينسكي أن يقدم نفسه أمام برلمان دولة الفصل العنصري، بدور الضحية التي تدفع ثمن "يهوديتها"، وأن العملية العسكرية الروسية ليست سوى "حرب تطهير عرقي" و"محرقة جديدة" تماثل "الهولوكوست"، وذهب بعيدا في وصف ما يجري، معتقدا أن "مكذبة المظلومية" بذلك الاستخدام ستفتح له أبواب "الرزق العسكري – السياسي"، من كيان يدرك جيدا أن مصلحته الأمنية ترتبط بواقع لا يمكن له أن يغامر به، لمجرد "دموع تمثيلية".

وقبل نهاية الخطاب، حدث تماما عكس ما أراد الأوكراني اليهودي، ففتح عليه موجة غضب لم تكن ضمن حساباته التي حاول ابتزازهم بها، فسقط كما سقط "شايلوك" تاجر البندقية الشهير جراء حقد وكراهية لغيره، وبدلا من نيله "تعاطفا" خرج بكمية من الألقاب التي ما توقعها، أقلها أنه "خطاب شائن"، مع تذكيره بأنه "جاهل" في التاريخ، ولا يعلم حقيقة أحداث ومسار الحرب العالمية الثانية، ودور بعض سكان أوكرانيا ضد اليهود.

رب ضارة كلامية تمثل خدمة سياسية من حيث لم يرد لها، لا المتكلم ولا المستمع، فذلك السقوط الكبير الذي حاول تقليد مسيره في واشنطن الرئيس بايدن، عندما وصف بوتين كـ "مجرم حرب" أدت لحظر ظهوره عن الكلام العلني حتى يتم إعادة برمجته كي لا يكرر مهازله، لكن الشاب لم يتحسس رد فعل التعبير الساذج، فذهب أبعد كثيرا من بايدن.

الرئيس الأوكراني تجاهل أنه يهودي لشعب غالبيته مسيحي أو غير متدين، ولجأ الى استغلال " الانتماء الديني" على حساب الانتماء السياسي، فكان السقوط الكبير الذي أوصله الى خسارة كثيرا مما انتظر "عطفا" خاصة وأن حكومة دولة الكيان، تحسب خطواتها بميزان من ألماس في الحرب الدائرة، ضمن حسابات المصالح، رغم الضغط الأمريكي كي تذهب الى الانحياز المطلق نحو محور الغرب في تلك الحرب، ما سيدفعها الى مواجهة متعددة الوجوه مع روسيا.

خطاب زيلينسكي، لم يسقط فقط بمحاولة "ابتزاز الذاكرة" عبر "هولوكوست" وهمي في أوكرانيا، بل أظهر نكران كامل لأي عربي قبل الفلسطيني، تحدث من يهودي الى يهود، متجاهلا ربع سكان دولة الكيان من الفلسطينيين العرب، وكذا كل مستمع عربي حاول متابعة الخطاب، خاصة أولئك المصابين بكراهية "جينية" لروسيا شيوعية كانت أم بوتينية، فأسقطهم في بئر من "سذاجة التعاطف الوهمي".

زيلينسكي، بالخطاب لم يربح "اليهود" في إسرائيل ولكنه بالقطع خسر كل فلسطيني غير ملوث بحقد الكراهية لروسيا، فما قاله لا يمكن أن يجد داعما له بين العرب والفلسطينيين سوى "الذيليين" لأمريكا ومحورها، دون إحساس بانتماء وطني وقومي.

خطاب "شايلوسكي" عله يكون جرس انذار حول حقيقة الحدث الأوكراني، وحقيقة الاستخدام الغربي ليكون "راس حربة" لحصار روسيا، ولاحقا كل من ليس على هوى ذلك المحور بقيادة "راس الحية – أمريكا".

انتصار محور الغرب السياسي في حرب أوكرانيا، هو شر سياسي مطلق للمنطقة العربية عامة، وفلسطين خاصة، وسيعود زمن الاستعباد الاستعماري (10 جي)، فالمسألة ليس بين بلد أوروبي وآخر، بل هي حرب محور غربي يريدها للسيطرة العالمية بمفهوم جديد، ولذا فالصين قبل غيرها تدرك جوهر الحقيقية السياسية، وهو ما لخصه وزير خارجيتها بدقة متناهية، أن "الصين تقف الى الجانب الصحيح من التاريخ".

بعد خطاب "شايلوسكي"، على الدول العربية التي تتمرد نسبيا على القرار الاستعماري الجديد، أن تسارع في خطى حسابات الذهاب الى تلك الناحية الصحيحة من التاريخ، وقبل لا ينفع ندما مع الغزاة "القدماء الجدد".

ملاحظة: في 21 مارس 1968، صنع الفدائي الفلسطيني من جزمته أفقا وطنيا في معركة بلدة "الكرامة" بغور الأردن...يوم الكرامة ليس يوما من تاريخ، بل يجب أن يكون الحاضر الدائم..في ذكرى "معركة الكرامة العسكرية" هل تعود "الكرامة السياسية" بعد فقدانها طويلا..!؟

تنويه خاص: 21 مارس، عيد للربيع فعيدا للأم وعيدا كرديا خاصا باسم نيروز، ومعهم بات يوما لـ "الكرامة" الفلسطينية..لك المجد أيها اليوم العجيب.