عن شروط الاتحاد الأوروبي..من نصدق اشتية أم المالكي؟!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ عدة أشهر ومسألة دعم دول الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية، تحتل جزءا هاما من "النقاش الوطني"، نظرا لقيمتها في الموازنة العامة وتأثيرها على رواتب موظفي "القطاع الحكومي"، وبالتالي على الوضع الاقتصادي العام.

منذ عام 2020، والاتحاد الأوروبي عالق أمام موقف المجر وممثلها أوليفر فاريلي، الذي يشترط تمرير الدعم المالي (يقارب 300 مليون يورو) بتغيير المنهاج التعليمي الفلسطيني، بما يتوافق ورؤيتهم، تحت شعار "تنظيفه من التحريض والكراهية"، ولغياب الإجماع غاب الدعم، الى حين حسم أحد الأمرين، الرضوخ الرسمي الفلسطيني لتمرير الدعم، أو وقفه لعدم الاستجابة للإملاء "الاستعماري الجديد.

موقف الاتحاد الأوروبي ليس سرا ابدا، فالإعلام العبري لا يتأخر في نشر كل تفاصيله، رغم محاولات ممثليهم في القدس وفلسطين تخفيف وقع "الصدمة" عن ذلك الإجراء، والذي يبدو أنه لن يتم حله دون رضوخ رسمي فلسطيني.

المفاجأة الأهم، لم تكن في رفض تقديم الدعم المقرر وفقا لثمن دور أوروبي بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ 1993، ما يعرف إعلاميا بـ "اتفاق أوسلو"، بل جاءت وفي نفس اليوم 21 مارس 2022، بل ما أعلنه وزير الخارجية رياض المالكي في تصريح للإذاعة الرسمية أن "الاتحاد الأوروبي يواصل إصراره على موقفه المتعلق بتعديل المناهج الدراسية الفلسطينية قبل استئناف الدعم المالي المتوقف منذ عامين“.

وفي ذات اليوم، بعد فترة وجيزة، حيا رئيس الحكومة الفلسطينية د.محمد اشتية خلال اجتماع المجلس الوزاري "موقف دول الاتحاد الأوروبي التي صوتت ضد مقترح ربط مساعدات الاتحاد الأوربي إلى فلسطين بشروط، شاكرا الاتحاد الأوروبي الذي يؤكد استمرار دعمه السياسي والمالي لفلسطين."

الرسالة هنا تكشف عن مأساة سياسية بالمعنى الكامل، تشير الى أن هناك مراكز تعمل بعيدا عن الحكومة، وأن رئيس الوزراء فاقد الاتصالات معها، فليس منطقيا أبدا أن يعلن وزير في الحكومة كلاما هو نقيض كامل لما أشار له رئيس تلك الحكومة، وليس تصريحا ملتبسا لكي نجد عذرا للتناقض فيما قال كل منهما.

موضوعيا، ما قاله المالكي هو الأدق، وهو ما يجب العمل وفقا له، وترويج غير ذلك لا يخدم أبدا الموقف الفلسطيني، وأيضا دون الذهاب الى فتح "جبهة مواجهة علنية" مع دول الاتحاد الأوروبي، مقابل عدم الإيحاء بأي إشارة يمكن أن تشير الى إمكانية دراسة ما تلك التعديلات العدائية لفلسطين، شعبا وكفاحا وتاريخا.

الاتحاد الأوروبي عندما قرر تقديم تلك الأموال، كجزء من دعم اتفاق السلام لم يشترط مثل تلك الشروط، بل كانوا "على استعداد دوما بحث تعزيز أشكال التعاون المالي – الاقتصادي في فلسطين"، كل ما كان لهم حديثا متعلق بمبدأ "الشفافية وعدم الفساد"، أما أن تبرز تلك المسألة بعد عام 2020 فتلك نقيصة سياسية من السلطة ذاتها، والتي حاولت بعض أطراف منها الإيحاء بإمكانية دراسة المطلب الذي أصله أمريكي، خاصة ما يتعلق برواتب الأسرى، ما شجع بعض مراكز القوى الموالية لدولة الكيان، وضع ذلك الربط العدائي.

المفارقة، أن تبدأ دول الاتحاد الأوروبي فرض شروطها المعادية لفلسطين، في وقت تنامي العنصرية بحدها الأعلى في إسرائيل، بحيث باتت آخر "دولة أبرتها يد" على الكوكب الأرضي، عبر قوانينها ومن خلال ممارسات أجهزة احتلالها في فلسطين، والتي يراها ممثلو تلك الدول يوميا في الشيخ جراح وسلوان والضفة وجرائم حرب في قطاع غزة، ونمو الحركة الإرهابية الاستيطانية.

التناقض في المعلومات بين رئيس الحكومة ووزير فيها، يجب أن ينتهي والبدء بتجهيز موقف موحد استباقا لحضور الممثل المجري الى فلسطين، كي لا يصبح الارباك الداخلي فرصة مضادة بيد الباحثين عن خطة التسليم السياسي الفلسطيني بالمشروع التهويدي عبر أثواب مختلفة.

يجب تشكيل "خلية عمل" من المكونات ذات الصلة، وتبدأ وضع رؤيتها بشكل شمولي وعدم انتظار وصول المجري، وأيضا عدم السماح بلقاءات منفردة معه لبحث تلك المسألة، كي لا يجد ثغرات تساعده على موقفه الكريه، لو أريد حقا عدم الرضوخ.

المسألة ليست "عقدة أدويب" بل هي إجراء وظيفي سهل جدا لمن يريد موقفا غير ملتبسا.

ملاحظة: محزن أن لا تقف غالبية فصائل "الثورة الفلسطينية" ومنظمة التحرير أمام استخلاص عبر "معركة الكرامة" 1968، التي فتحت باب الانطلاقة الثانية للعصر الفلسطيني...غياب أكد أن "الضمور الفكري" بتلك المسميات يتعمق..!

تنويه خاص: مشهد "غزوة العمال" على مكاتب الحصول على تصاريح عمل داخل الكيان..وغزوة البحث عن 100 دولار في رابط المنحة القطرية، تكشفان حال أهل قطاع غزة بعد 15 عاما من حكم خارج النص السياسي...!