تصفية سمير قنطار، نار الصواريخ من لبنان في الغداة، وخطاب نصر الله التهديدي زادت الخوف من مواجهة جديدة في الشمال.
فضلا عن تحليل احتمالات مثل هذه المواجهة، من المهم التطرق إلى سياستنا تجاه لبنان، تجاه سورية، وبشكل غير مباشر أيضاً تجاه تركيا وروسيا، اللتين توجدان في مواجهة بسبب الوضع في سورية.
يمكن أن نقول بحذر إن تصفية قنطار لن تكون منطلقا لمواجهة في الشمال، فالرجل لم يكن مهما بما فيه الكفاية لـ "حزب الله"، وبشكل عام ليس لـ "حزب الله" مصلحة في فتح جبهة اخرى عقب التورط المتزايد للمنظمة في سورية. من شأن هذا الواضع أن يتغير كنتيجة لحدث يؤدي الى رد وردود مضادة أو في اعقاب تغير الواقع وتغير سلم أولويات "حزب الله" أو سيده (ايران).
من ناحية إسرائيل من المهم التمسك بمبدأ واحد: إذا ما وعندما تبدأ الاعمال العدائية من الاراضي اللبنانية، ينبغي أن تؤدي الى حرب بين دولة اسرائيل ودولة لبنان. في حرب لبنان الثانية حاونا الانتصار على "حزب الله" وحده، فيما دولة لبنان، حكومتها، جيشها، وبناها التحتية كانت "خارج اللعبة".
إذا أدرنا حرب لبنان الثالثة على هذا النحو، فالنتائج ستكون أسوأ بكثير مقارنة بالحرب السابقة. كيف؟ ظاهراً نحن تحسنا جدا منذ 2006. المشكلة هي أنه على المستوى التكتيكي، ولا سيما في كل ما يتعلق بعدد الصواريخ، حجمها، مداها ودقتها، تحسنت قدرة "حزب الله" بشكل نسبي أكثر بكثير منا.
وعليه، إذا ما وقعت مثل هذه المواجهة، واذا ما استمرت 34 يوما (مثل حرب لبنان الثانية)، فإن الضرر، المصابين، والدمار في دولة إسرائيل ستكون لا تطاق. الاستنتاج بسيط: الحرب القادمة سنخوضها ضد دولة لبنان، اضافة الى اهداف حزب الله من الصحيح أن نهاجم ايضا الجيش اللبناني، البنى التحتية في لبنان، المطارات والموانئ وكل ذخر استراتيجي آخر.
ولما كان لا يريد أي طرف في العالم (سورية وايران من جهة، والسعودية، أوروبا والولايات المتحدة من جهة اخرى) دمار لبنان، ولما كانت هذه ستكون نتيجة محتمة في حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان، فسيكون ضغط عالمي هائل على كل الأطراف للوصول إلى وقف نار بعد ثلاثة أيام وليس بعد 34 يوما، وهذا بالضبط ما تحتاجه إسرائيل.
ظاهرا، يمكننا أن نقرر الاستراتيجية الصحيحة فقط عندما تبدأ المواجهة، غير أن هذا بالضبط هو الخطأ الاكبر في 2006. فتفسيرات السياسة التي تعتزم اتخاذها شرحها حيوي للعالم، ولا سيما للولايات المتحدة، مسبقا وبشكل واضح.
والمنفعة ستكون مزدوجة: أولاً، هكذا سيكون ممكنا منع الحرب، إذ إن معظم العالم لا يبالي لضرب "حزب الله" (ولضرب اسرائيل) ولكنه سيكون مباليا لاحتمال تدمير لبنان؛ ثانيا، عندما تندلع حرب يكون متأخراً اقناع العالم بعدالة الطريق الذي اخترته للقتال. إن سياسة إسرائيل بالنسبة لسورية أكثر تعقيداً.
صحيح حتى الآن أنه يمكننا أن نكون سلبيين وألا نتدخل إلا عند الحاجة لإحباط موضعي. تأثيرنا على ما يجري في سورية محدود للغاية، ومع ذلك يجب أن نقول بوضوح: من الأفضل لإسرائيل أن تؤيد النهج الروسي الذي يتحدث عن تحقيق تسوية في سورية، مع أو دون بشار الأسد، من تأييد انهيار الحكم الحالي.
صحيح أن سقوط النظام في سورية سيمس بإيران وبـ "حزب الله"، ولكن ليس بالضرورة كل ما هو شر لعدوي خير لي، فانهيار الحكم في سورية سيجلب "داعش" إلى حدودنا. قد لا يكون هذا فظيعا جدا، ولكن سيطرة "داعش" على سورية سرعان ما ستؤدي إلى سيطرته على الأردن، وهذا تطور سيسيء وضعنا بشكل دراماتيكي. عن "يديعوت