ماذا يحدث في فلسطين وهل الاتفاق النووي سيعزز المقاومة أم سيضعفها

طلال-الشريف-2.png
حجم الخط

بقلم د. طلال الشريف

 

 

خلي المتحدث مجنون والمستمع عاقل، هل أمريكا والغرب يعقدون اتفاقا مع إيران للضرر باسرائيل ومصيرها؟ ويتصور البعض أن ذلك انتصارا لإيران وأنها فرضت شروطها كقوة عظمى وستصبح اسرائيل في خبر كان، وكأن أمريكا تضع اسرائيل في فم الوحش الإيراني القادم، لكن اسرائيل ليست أوكرانيا، وكل اتفاق نووي يضع على رأس أولوياته مصلحة اسرائيل، وهذه بديهة، ولذلك الاتفاق النووي ستكون له تبعات لن تكون خارج تشكيل المنطقة كما تريدها اسرائيل والغرب كله ولن يكون تعزيزا لمحور المقاومة بل سيكون اضعافا ورضوخا للسياسة الأمربكية والخلاص من المقاومة وبمساعدة ايرانية هذه المرة.

تحليلاتهم كأنها إما غير دقيقة ولا تلامس الواقع أو هي دعاية لمحور والارتكاز على رؤى مزمنة في الصراع دون فهم ما جرى في العقود الثلاثة السابقة من وجود مشروع لبناء كيان فلسطيني لكنه متعثر ومتناقص الأرض، ورؤى مقابلة تدين وتنكر أثر التطبيع العربي المستمر كحل من قبل العرب، والواقع هو استخدام الجميع بما فيهم ايران لمصالحهم وليس لتحرير فلسطين 67.

العرب ملحقين بأجندات أكبر من أثرهم وقدراتهم هذا صحيح وهذا هو الواقع وعليه تبنى سياسات المنطقة.

لابد وان ينشأ نوعا من الصحوة العربية، نظريا صحيح، ولكن ما مدى تأثيرها وانعكاس هذه الصحوة ايجابيا على القضية الفلسطينية وتغيير ما وصلنا إليه كفلسطينيين وما جناه الاسرائيليين من مكاسب؟؟

اوسلو هي محاولة فاشلة صحيح، لكن هل كانت أو يمكن أن تكون صحوة عربية في الوقت الذي يسارعون في تطبيع وقبول اسرائيل ومد الجسور معها، وهذا واقع من عدم القدرة على فعل أفضل.

الأهم التطرق لما يجري من أحداث للمقاومة جيد، ولكن ما هي ضمانات المقاومة او غيرها فيما لو استطاعت اسرائيل تنفيذ التخلص من عرب ٤٨ بتوريطهم في العمل العنيف في الصراع مع الامن والقدرة الاسرائيلية بعد قانون القومية، وهل تلك المقاومة في داخل ٤٨ ستعطي المبرر وتسارع في نزوحهم او تهجيرهم، لا أحد لديه اجابات.

وهل محور المقاومة لديه ضمانات النصر وفرض شروطه بعد تداخل المصالح العربية وحتى الفلسطينية مع اسرائيل؟ أم أيضا هذا المحور المقاوم ستتقزم أهدافه فجأة بعد الاتفاق النووي مع ايران كما آلت أهداف حماس للوصول للسلطة وقبول المال القطري عبر اسرائيل .

تصوري الأفق المستقبلي قد حدد بصفقة ترامب، والعرب موافقون رغم رفضهم الصوري، ولكن ما تم من إجراءات تطبيع عميقة هي خطوة هامة تبعت صفقة ترامب، وما يدور من نشاط ملحوظ هو خطوة ثالثة لفرض الحل وأنا أقرب للتوقع بعد هذا التطبيع واتساعه وتوقيع الاتفاق النووي مع ايران أن تكتمل البيئة لخطوة في اتجاه ضرب المقاومة والخلاص منها او اضعافها بدوافع ستكون متدرجة قد تصل لحرب قاسية على غزة وانهاء من يعارض فلسطينيا وحتى عربيا، ولذلك هذه المدة المتبقية لعودة ترامب او الجمهوريين هي لتخليص المنطقة من المقاومة للحل حسب صفقة ترامب والاتفاق النووي الايراني.

ايران ستوقف كل ما تتحدث به بعد توقيع الاتفاق النووي وستعود الساحة الفلسطينية لمن يكون من الفلسطينيين جاهزا للقبول بالاتفاق ومعهم العرب وغض الطرف الايراني ولن تؤثر تحولات العالم لقطبين او عشرة. صحيح أن اللاعب الأمريكي والاوروبي تخلى عن الدفاع عن اوكرانيا لكنهم لن يتخلوا عن اسرائبل لو حدث لها تهديد مصيري كما يتصور هؤلاء المتحدثون عن قرب نهاية اسرائيل.

الحقيقة التي يهرب منها الجميع هي أنه لم ولن يكون تهديدا مصيريا لإسرائيل في أي وقت، هذا وهمٌ يصنعه من يستخدم المقاومة لتقوية مواقفه ومصالحه مثل ايران وبعض دول الخليج لمواصلة الحل مع اسرائيل، وكلاهما يريد مصالحه مع اسرائيل وعينهم على السيطرة على السلطة في بلادهم وكذلك فيما سيتبقى من فلسطين للتحالف مع اسرائيل وامريكا، ايران تريد حماس والجهاد بديلا للوطنيين وفتح، والعرب هذه هي قدرتهم وأصبحت الصورة واضحة في الجانب العربي وستتضح الصورة أكثر في تراجعات ايران والمقاومة بعد الاتفاق النووي الغربي مع ايران، وما زيارة الاسد للإمارات إلا أول المؤشرات على ذلك ..القصة مازالت صراع خارجيا لمصالح الخارج والدول المتداخلة ماليا وعسكريا وسياسيا في فلسطين، أما في فلسطين فهو امتداد لصراع بين المتدينين والوطنيين في دول المنطقة على السلطة وآل هذا إلى فلسطين، رغم فقدان الارض والخسائر الكبيرة للفلسطينيين فان استخدامهم لا يزال مستمرا لأجندات الصراع ومصالح الآخرين في المنطقة والإقليم والعالم، ويظهر ذلك جليا في استمرار الانقسام الفلسطيني طوال وقت طويل دون مصالحة ...

على ما يبدو حماس قد انتهى وقت استخدامها من قبل إيران وإسرائيل بفعل الانقسام، والعرب يستلمون دور الخدمة للوصول لحل ولذلك قد تكون حرب كبيرة للتخلص من حماس والجهاد كما يريد العرب وأخيرا كما سبحدث مع ايران بعد الاتفاق النووي، ولا مجال للفلسطينيين لتغيير تلك المعادلات ولا خيارات لديهم، هكذا تؤول الحالة باستلام العرب لدور الاستخدام وقد يكون تطبيق هذا على الأبواب وقد تبدأ شرارته في رمضان كما تهلل اسرائيل مبكرا، وبتسارع الاجتماعات في النقب وغيرها، وهكذا تدور عمليات تبادل الأدوار واسرائيل تراكم المكاسب والفلسطينيون من خسارة ومعاناة إلى خسارة وتصفية لقضيتهم ..