في الأول من نيسان ..حياتنا كذب في كذب

nTx3Z.jpg
حجم الخط

بقلم راسم عبيدات

 

في هذا اليوم يقال كذبة نيسان،ولو أن المسألة مقتصرة عند العرب على الكذب في شهر نيسان" لقلنا خير وزين"،ولكن يبدو بأن الكذب عندنا صار منهج حياة، حتى أننا صرنا نضع ونستخدم مقولة ومقولات لتبرير الكذب،الكذب ملح الرجال" و"كذبة بيضاء" وغيرها من قواعد وسلوكيات الكذب، قيادات تكذب على شعوبها وشعوب تمارس الكذب على بعضها البعض ...ورجال دين يمارسون الكذب والخداع والتضليل،ويبررون للحاكم والقائد كل سياساته وقراراته حتى المتعارضة مع مصلحة الوطن والمواطن،فهو القائد الملهم والمفدى الذي لا يخطيء ولا "ينطق عن الهوى" ،والبعض من المشايخ ورجال الدين من كثرة التزلف والنفاق للحاكم يضعه في مرتبة " التأليه" و"النبوة"   ...نحن حياتنا أصبحت كذب في كذب وكأن الصدق عندنا استثناء،ولذلك ربما يكون الأول من نيسان عندنا يوم الصدق العالمي ..74 عاماً وهم يكذبون علينا بأن قضية فلسطين والقدس ،هي قضيتهم. وقبلتهم،وهم من يتأمرون عليها ويتمنون ان يأتي الصباح وقد اختفى شعب فلسطين،كما تمنى قادة الإحتلال ان يصحو وقد ابتلع البحر غزة،غزة التي تصدع رؤوسهم ليل نهار،غزة رغم حصارها  باتت حلقة مهمة من حلقات محور ا ل م ق ا و م ة ،غزة رغم حصارها وجوعها وقلة إمكانياتها، تدخلت م ق ا و م ت ه ا عسكرياً  لصالح اهلنا وشعبنا في القدس،في هباته الثلاث المتزامنة باب العامود والأقصى والشيخ جراح في معركة "سيف القدس" في أيار من العام الماضي، تلك المعركة التي نجحت في "تهشيم" دولة الإحتلال عسكرياً وسياسياً ..رأيناهم في النقب متشابكي الأيدي مع وزير خارجية الإحتلال ووزير الخارجية الأمريكي الراعي لهذا المحفل التطبيعي، وهم يعتذرون من مؤسس الحركة الصهيونية ورئيس وزراء دولة الإحتلال الأول بن غوريون صاحب مقولة " اذا لم نصمد في النقب ستسقط تل أبيب"،نعم استجلبوا الى قبره ليضع عليه الأكاليل من الزهور ويقرأوا بالعبرية التلمودية التوارتية مقاطع من التوراة عليه ،في النقب التي يتعرض أهلها وشعبها الفلسطيني الى أكبر عملية تهويد وتهجير وإستيلاء على الأرض ...حتى ان أحدهم من شدة تأثره وحبه لبن غوريون قال أن بلاده نادمة على أنها لم تطبع مع دولة الإحتلال قبل 43 عاماً ....وآخرين أقاموا مع وزير جيش الإحتلال غانتس أثناء زيارته لبلادهم الصلوات والطقوس التلمودية على أرواح جنود الإحتلال الذين قتلوا بيد ا ل م ق ا و م ي ن الفلسطينيين ... ومن الكذبات الكبرى اننا صدقنا بأن هناك جامعة عربية،تعمل من اجل وحدة العرب وحل الخلافات والمشاكل بينهم،وحماية امنهم القومي وإعادة الإعتبار لكرامتهم المهدورة وإستعادة حقوقهم المغتصبة وتحرير أراضيهم وبلدانهم المحتلة ...ولنكتشف بأن ذلك كذبة كبرى،فهذه جامعة تعبرنت وتحلم ان يقف على رأسها بينت او نتنياهو ،وتتلقى تعليماتها واوامرها من واشنطن وتل أبيب،وهي من تشعل وتذكي الخلافات بين العرب،وحتى أنها تستحلب دول الإستعمار الغربي وأمريكا من أجل" اغتصاب" وإحتلال البلدان العربية،العراق وليبيا نموذجاً،وحال منظمة التعاون الإسلامي ،ليس بأفضل من حال الجامعة العربية،فليس فيها شيء يمت للإسلام بصلة سوى الإسم،ولجنة قدس يغتصب رئاستها ملك ليس له هم سوى التطبيع وإقامة الأحلاف وتوقيع معاهدات الدفاع المشترك مع دولة الإحتلال ...وقيادة وقعت على اتفاق كارثي، شكل النصر الثاني لدولة الإحتلال بعد النكبة،اوسلو الذي قسمنا شعباً وأرضناً،ما زال البعض منا يتغنى  به على انه نصر عظيم ،وما زلنا ندفع ثمن " نعمه" على جلودنا تشظية وإنقساماً وتقسيماً للأرض والشعب...مؤسسات دولية من جمعية عامة ومجلس أمن منذ اربعة وسبعين عاماً تمارس الكذب علينا ،وقرارتها لم تطبق ولو لمرة واحدة على من يغتصبون أرضنا ويرتكبون كل ا ل ج ر ا ئ م بحق شعبنا ...ودول تمارس الكذب علناً وجهراً وتذرف دموع التماسيح على سيادة الدول والقانون الدولي والشرعية الدولية،وتتمسح بقيم ومبادىء العدل والحرية والديمقراطية والإنسانية وحق تقرير المصير،ولكنها في التطبيق تمارس الإنتقائية وإزدواجية المعايير،وحتى في قضايا اللاجئين،يجري التمييز بينهم على أساس القومية والدين واللون والجنس .....والأنكى من كل ذلك بأننا نمارس الكذب على بعضنا البعض ،فكل فصائلنا وقادتنا يتحدثون عن ضرورة الوحدة وإنهاء الإنقسام....وفي أرض الواقع نجد بأن الإنقسام يتعزز ويتجه نحو التكريس والإنفصال ...والجميع منا يتغنى بالقدس والمقدسات وبأنها خط احمر والعاصمة الأبدية لشعبنا الفلسطيني،ولكنها للأسف بدون ميزانيات ولا مرجعيات موحدة،مرجعياتها الرسمية تتصارع فيما بينها اكثر من صراعها مع الإحتلال،واهلها يخوضون صراعهم وحربهم المستمرة مع المحتل دفاعا عن أرضهم جوهر الصراع مع المحتل،وكل أشكال ومظاهر وتجليات وجودهم السياسية والثقافية والدينية والتعليمية والمؤسساتية والتراثية ...حرب يفرضها عليهم المحتل بشكل متواصل بدون توقف أو فواصل، لكي يحسم سيادته على المدينة، حيث الطرد والتهجير والإقتلاع والتطهير العرقي،سلوان والشيخ جراح نماذج وشواهد حية،وهدم المنازل الذي وصل حد إرتكاب "المجازر" بحق الحجر الفلسطيني،جبل المكبر نموذجاً ..وإستيطان ب"فضل" اوسلو و"نعمه" وبركاته تضاعف عدة مرات ... وأقصى يومياً يتعرض للإقتحامات وباعداد كبيرة،مع تصميم عال من قبل الجماعات التلمودية والتوراتية على فرض وقائع جديدة فيه ،تغيير من وضعه القانوني والديني والتاريخي، فحالياً تلك الجماعات تستحضر ما يسمى بالهيكل المعنوي،حيث وصلت الأمور حد اداء الصلوات التلمودية الصامتة في ساحاته،والنفح في البوق واداء ما يعرف بالسجود الملحمي ،ويستعدون في شهر رمضان الفضيل الحالي فيما يسمى بعيد الفصح اليهودي من 15 -22/ نيسان،الى إدخال قرابين الفصح الى ساحات الأقصى وممارسة صلواتهم وطقوسهم التلمودية بشكل علني .

وبعد كل هذا الكذب الذي يمارس علينا والخداع والتضليل،من قبل أمة عربية اختار قادة  نظامها الرسمي الذل والهوان،والإنتقال الى ما هو أبعد من التطبيع لإقامة الهياكل الأمنية مع المحتل،ضد عدو افتراضي اصطنعته لهم أمريكا بأنه يهدد أمنهم وعروشهم،وهو ايران،وكذلك اقامة احلاف سياسية واقتصادية وعسكرية شاملة معه،والكذب الذي يمارس علينا منذ النكبة وحتى اليوم من قبل ما يسمى بالمجتمع الدولي،وحواضن دولة الإحتلال،والذين جعلوا منها دولة فوق القانون الدولي لا عقوبات تفرض عليها ولا قرارات تتخذ بحقها لخرقها القانون الدولي ورفضها لتطبيق قرارات الشرعية الدولية...وفي ظل قيادة رسمية "مفتونة" بالشرعية الدولية ومتمسكة بأوسلو ورافضة للتحرر والتحلل من التزامته،فإنه لم يتبق خيارات أمام شعبنا سوى تعلم الصدق، وليكن الأول ،يوماً مميزاً للصدق الفلسطيني.