أطلقت حكومة "الإرهاب السياسي" في تل أبيب، حملة "دعائية خاطفة" موسعة، قادتها المؤسسة الأمنية، ووزير جيشها غانتس مع رئيس أركانه كوخافي حول الاستعداد لحرب جديدة قد تنطلق على غزة ومنها، عبر ما تسميه "حارس الأسوار 2"، بل وبدأت في بث ما يخدم فكرتها من "أفلام وثائقية" من فترات سابقة، وأبرزها مسألة اكتشاف النفق الكبير، واستخدام قضية "الصواريخ التجريبية"؟
مبدئيا، العدوانية مسألة "جينية" لدولة الكيان، ولن تنتهي دون انتهاء الفكر المسيطر على المؤسسة الحاكمة، خاصة بعدما أقدمت على اغتيال "المحاولة الرسمية الأولى" لصناعة سلام ممكن بملامح متوازنة" نوفمبر 1995، بيد الإرهاب اليهودي.
ولذا فالحرب العسكرية على قطاع غزة تبقى قائمة أي زمان، ولكن بما يخدم "هدفا سياسيا" وليس بحثا عن "نزوة عسكرية"، كما حدث في مرات سابقة لتأكيد التفوق وفرض معادلة ما، ومنذ انتهاء حرب مايو 2021 لا يوجد ما يشير الى العودة ثانية راهنا لذلك، خاصة بعدما تمكنت حكومة "الإرهاب السياسي" من كسر بعضا مما خلقته تلك الحرب فلسطينيا، وفرضت بعدا سياسيا عزز البعد الانفصالي في قطاع غزة.
الحديث عن حرب جديدة في غزة، يرمي بالدرجة الأساسية الى حرف مركز المواجهة المفترض أن يكون، في الضفة والقدس، وخاصة بعد حراك في أكثر من منطقة بملامح شعبية عسكرية، ومواجهات ليلية في القدس، تربك المشهد الذي حاولت حكومة الاحتلال ألا يكون.
وبالتأكيد، جاءت العمليات الثلاثة الأخيرة في داخل إسرائيل، ببئر السبع وبني براك والخضيرة، لتهز كثيرا "الصورة الأمنية" لإسرائيل خاصة وهي تتعرض لعمليات قاتلة، غابت عن عمقها طويلا، لأسباب ليست مجهولة، كما أن منفذي عمليتين منها هم من سكان إسرائيل.
تعلم دولة الكيان وحكومتها جيدا، أن حماس وتحالفها ليس معنية أبدا بفتح معركة جديدة، ولا مصلحة مباشرة لها في تكرار الذهاب لحرب خامسة لم تشف بعد مما سبق، بل أن حكمها لم يتعزز شعبيا في قطاع غزة، وربما تجدها تربح بعضا من الخارج على حساب الداخل لحسابات عاطفية بمواجهة العدو.
فتح ملف حرب جديدة على غزة، والاستعراض الأمني – العسكري تبدو رسالة تهديد للضفة قبل قطاع غزة، لقطع الطريق على تطورات لا يوجد عائق لانفجارها أبدا، بل هي تنتظر كل لحظة لحدوث حالة من "الغضب الشعبي المركب"، وتحديدا بعدما تأكد فشل الرهان على التغيير الأمريكي، فلم يأت بجديد يمكن "التباهي" به إنجازا سياسيا، فلا قنصلية في القدس فتحت ولا مكتب المنظمة في واشنطن تم إعادة عمله، بل العكس زادت واشنطن شروطها السياسية – الأمنية على السلطة، مترافقة مع حملة خاصة في وسائل إعلام أمريكية وعبرية ضدها وضد الرئيس محمود عباس، والمطالبة بانتهاء مرحلته، بجديد غير واضح المعالم.
الحديث عن حرب جديدة في غزة، أوقع حماس وفصائل تحالفها في قطاع غزة في المصيدة الإسرائيلية، وسارعت بالرد والتهديد والوعيد، عبر محطات مختلفة، بدل أن تتجاهل كليا تلك "المناورة" وتعتبرها غير ذي صلة، وتبقي التركيز كليا على النقاط المربكة للمحتلين، سواء فشل أمني كبير في العمق الإسرائيلي، أو مخاوفه الملموسة من "همهمة غضب شعبي" فلسطيني في القدس والضفة.
رد فعل حماس وتحالفها الفصائلي في غز، كشف "سذاجة" التعامل مع مناورة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فكثفت من الضغط باتجاه انتشارها، لتبدو وكأن العالم انتقل من الاهتمام بـ "حرب أوكرانيا" الى منع "حرب غزة" القادمة...!
دون متعرجات ذهنية..المعركة الأم ضد المشروع المعادي راهنا ومركز مواجهته يجب أن يبقى في الضفة والقدس، دون الذهاب الى متفرعات لن تحدث تغييرا جوهريا في حصار المشروع التهويدي.
قطاع غزة بما له وعليه فعل مساند للمعركة الأم.. فلا يجب أن يكون بديلا كما تريد دولة الكيان..فحاذروا خطر مناورة أمنية ثمنها سياسي مكشوف!
ملاحظة: من أغرب مواقف بعض شخصيات فلسطينية تحمل ألقابا بالجملة، تبينها الرواية البريطانية والأمريكية نصا وروحا وفوقها "حبتين هيل" عن جرائم "بوتشا"..فقط لأن روسيا دعمت سوريا ضد "المؤامرة الكبرى"..طيب هيك ناس شو الوطنية اللي فيهم..!
تنويه خاص: بعض أنصار حماس أسرع من يعمم ما ينشره الإعلام العبري عن السلطة ورئيسها عباس..مش مهم صح ومش صح ما دامهم معتقدين أن ذلك يخدمهم..معقول كل هذا "عمى سياسي" ام له أسماء أخرى..بدها شوي تفكير!