نشرت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان "ديوان المظالم"، اليوم الأربعاء، نتائج تحقيقاتها التي أجرتها في حادثة وفاة المواطن فادي درويش حمادة العباسي (19 عامًا)، من محافظة خانيونس، بتاريخ 22/2/ 2022 أثناء احتجازه في مركز إصلاح وتأهيل خانيونس المركزي (أصداء) جنوب قطاع غزة، والذي أُعلن أن سبب وفاته الانتحار.
وخلص التقرير الذي استند إلى توثيقات والاستماع إلى شهادات شهود عيان، وأيضا بناء على مشاركة طبيب عن الهيئة في تشريح جثة المواطن، إلى أن الوفاة ناتجة عن اسفكسيا بالشنق والتعليق أدى للضغط على القصبة الهوائية وعلى الشريان السباتي، ولا يوجد آثار عنف أو كدمات حديثة على الجثة ولا يوجد علامات مقاومة للشنق.
وأشار إلى وجود ما يؤسس للاعتقاد بوجود نية مسبقة للمواطن العباسي للانتحار وإيذاء النفس، فالنزيل حاول إيذاء نفسه مرتين في شهر فبراير/شباط 2022 كما أنه صرح للعاملين في مركز الاحتجاز عن نيته الانتحار، الذي يعد مؤشراً خطيراً على تدهور وضعه النفسي، الأمر الذي كان يستدعى التدخل النفسي العاجل في حينه، وهذا لم يحدث مع النزيل حيث لم يتم عرضه على طبيب نفسي خلال فترة احتجازه، رغم وجود قسم خاص للنزلاء الذين لديهم مشكلات نفسية.
وأظهر التقرير أن النزيل العباسي قد خضع لإجراءات عقابية بسبب سلوكه في السجن تمثلت في الحجز الانفرادي والتقييد لفترات طويلة بالسرير، الأمر الذي ساهم في تدهور حالته النفسية، وكان الأولى إخضاعه للمتابعة والعلاج النفسي بدلا من اتخاذ الإجراءات العقابية.
وطالبت الهيئة في تقريرها بمساءلة ومحاسبة المسؤولين في مركز الاحتجاز حول التقصير والإهمال في متابعة الحالة النفسية للنزيل فادي العباسي، وإعادة النظر في السياسات والإجراءات المتعلقة بالعقوبة للنزلاء خلال الاحتجاز بما يتناسب وصحيح القانون، والمعايير القانونية الدولية الخاصة بحماية الأشخاص المجردين من حريتهم. كما أوصى بوضع الأمان الشخصي للنزلاء في مقدمة أولويات مراكز الإصلاح والتأهيل، وتعزيز وسائل الحماية لغرف الاحتجاز وتحديدا الانفرادية منها، كما طالبت بالتحقيق في واقعة تعرض المواطن فادي العباسي للتعذيب لدى مباحث غرب خانيونس في وقت سابق عن نقله إلى مركز الإصلاح والتأهيل، ومحاسبة مقترفي تلك الجريمة.
وأوصت الهيئة بعمل مراجعة شاملة للواقع الطبي والتدابير الطبية داخل مراكز الاحتجاز من خلال إشراف الكادر الطبي على مدار الساعة، وتوفير أطباء أو مرشدين نفسيين، وأن تتضمن التقييمات الطبية للنزلاء الحالة النفسية لهم منعاً للانتحار وإيذاء الذات، علاوة على تدريب العاملين في السجون ومراكز الاحتجاز للتعرف على العلامات والمؤشرات الخاصة بالاضطرابات النفسية والتي تحتاج إلى اهتمام وتدخل فورى مثل الانتحار.
كذلك أوصى التقرير بنشر نتائج التحقيقات التي أجرتها الجهات الرسمية في حادثة وفاة المواطن العباسي أثناء احتجازه في مركز إصلاح وتأهيل خانيونس المركزي (أصداء) جنوب قطاع غزة، بما يُعزز شفافية التحقيق ويُؤسس لنظام المساءلة الفاعلة، وضرورة صرف تعويض مالي لذوي المتوفى، يتناسب وحجم الضرر الناجم عن الحادثة، مؤكدة على ضرورة قيام الجهات الرقابية المكلفة بالرقابة على مراكز الاحتجاز بدورها بفعالية، بما يضمن السلامة والأمن واحترام القانون.
واستند التقرير إلى متابعات قامت بها الهيئة منذ لحظة العلم بالحادثة، فقد تلقت الهيئة شكوى من ذوي المواطن المتوفى، وحضرت تشريح جثته وانتدبت طبيبا خاصا للمشاركة في التشريح، وتابعت التحقيقات التي قامت بها الجهات الرسمية في قطاع غزة، والتقت بعدد من المسؤولين في وزارة الداخلية، والنيابة العامة في قطاع غزة، واطلعت على التحقيقات التي أجرتها النيابة في القضية.