فلسطنة الأجندات

طلال-الشريف-2.png
حجم الخط

بقلم د. طلال الشريف

 

 

  المراقب للوضع الفلسطيني ينتابه قلق بحجم اليأس من حال التنظيمات والأحزاب ومحصلة الأداء الناتج عنها في إتجاه هدف التحرر. ما تحرزه مسيرة هذه الأحزاب من تناقضات مقلقة ومتواصلة منذ عقدين مقارنة بهبات الإبداع الشعبي غير الحزبي المتواصلة أيضا بفردية العمل، أو، جماعية الاحتجاج، أو جماعات الضغط والتأثير في كل المحطات السابقة رغم التبهيت أو التبريد المنظم بمرور الوقت من قبل الحكام والمسؤولين في شقي الوطن لتلك الانجازات المستقلة عنها كما رأيناها في الحراكات الشعبية ضد الانقسام والجوع والقمع البوليسي وإلغاء الانتحابات والفساد ومقاطعة بضائع المحتل. الصورة تصبح أكثر وضوحا عن صراع فلسطيني داخلي جديدة ليست بين حزبين بل بين الحزبية بشكل عام وباقي الشعب، عندما يتذكر المرئ أن هؤلاء الحكام والمسؤولين هم أعضاء أحزاب وتنظيمات فاشلة إداريا سواء على صعيد حياة الناس أو إدارة الصراع مع الاحتلال، وكأن الصورة في عمقها ليست تكاملية بل تحمل صراعا بين التنظيمات والحكام والمسؤولين الذين هم امتدادات حزبية كما قلنا من جهة، وبين باقي شعبنا ونشطائه ومستقليه من جهة أخرى، وهؤلاء أي باقي الشعب هم الكتلة الأكبر في المجتمع تحولوا منذ عقدين أو أكثر عن أجندات تلك الأحزاب بسبب تذيلها للمال السياسي وفسادها، والأجندات الخارجية المتدخلة في الشأن الحزبي الفلسطيني، وليس انتهاءا بالشوفينية الحزبية ومصالحها القذرة على حساب شعبنا. العامل الأخطر المعاكس الذي واصل مسيرته كقرين لحالة التحرر الفلسطينية هو الأجندات غير الفلسطينية التي كانت قدرا سابقا بحكم اللجوء للدول العربية وتنقل الثورة من دولة لأخرى وتحكم في الفلسطينيين وأجبارهم على التذيل مرة لهذه الدولة ومرة لتلك، والحاجة الدائمة للفلسطينيين للمساعدة فتواصلت التداخلات العرببة لزمن طويل، لكنها، ورغم حالة السيطرة على طريقة عمل الفلسطينيين واستقطابهم الإجباري كانت تلك التدخلات بمثابة نوع من السرطان الحميد إذا ما قورنت بالتدخلات الخارجية الإقليمية والدولية الآنية الخبيثة في الشأن الفلسطيني والتي انتقلت لمصالح دول وأجنداتها وتحالفاتها المتناقضة واستغلال القضية الفلسطينية للمناورة بعيدا عن الصالح الفلسطيني وأفجع الأمثلة هو التلاعب بالانقسام الفلسطيني الذي أطاح بالوحدة الفلسطينية وأضعف القضية وأضعف أحزابها أيضا ففقدت ثقة الجمهور الفلسطيني،

ما أدى لتغيير مركز العمل للفردانية الشعبية بين الجمهور كما نلاحظه في العمليات الأخيرة،

والتي مازالت الأحزاب تحاول أن تتلقفها لتعيد لنفسها شرف البطولة والمباهاة بتلك الاعمال والادعاء بأنها مازالت فاعلة لاسترجاع ما فقدته من تحول الجمهور عنها، وكأن القضية لدى تلك الأحزاب والحكام ليست قضية تحرر، بل مضاهاة بين هذه الاحزاب التي فشلت في الانجاز، وتريد مواصلة الفشل وتريد استمرار نهجها غير المنتج في محطات عديدة سابقة بنهجيها المقاوم والمسالم وسوء الادارة للسكان وكذلك إدارة الصراع مع المحتل. الملاحظ في الصراع على تبني العمليات الأخيرة التي عبرت عن نهج الحراك الشعبي المستقل متجاوزا الأحزاب هي محاولات يائسة لاستعادة أدوار الأجندات الخارجية واستمرار قمع الحريات ممثلة لتلك الأحزاب الحاكمة. ولذلك نقول: إن فلسطنة الأجندات الحزبية ودمقرطة الحالة الفلسطينية بالوحدة وانهاء الانقسام وتوسيع هامش الحريات وإجراء الانتخابات العامة والرئاسية هو الطريق لاستعادة ثقة الجمهور الفلسطيني ومواصلة عملية التحرر والاستقلال.