ما حصل منذ بداية شهر رمضان، يعيد لأذهان العالم حقيقة أن الشعب الفلسطيني ما زال تحت الاحتلال. الشعب الفلسطيني يحب الحياة ويحلم بالاستقلال والاستقرار، وها هو يعمر ويدرس ويبني ويطور المؤسسات ويستثمر في المجالات المختلفة من الصحة والتعليم والموسيقى والرياضة الى الترفيه واللعب.
نعم، الشعب يستحق الحياة، شعب صامد تملؤه الإيجابية والأمل، إلا ان هذا الشعب يشعر بشيء من الأسى والإحباط في ظل الخذلان المستمر، وهنا نتساءل كيف نتوقع أن تتغير الأجيال ما لم ينتهي الاحتلال!؟
بعد ثلاثة عقود من بدء عملية السلام، حان الوقت لمن يؤمنون بالسلام أن يفكروا بجدية في إنهاء الاحتلال. لا بد من محاولة استيعاب فكرة أن يعيش مئات الشباب ضمن حدود 1 كم2، يعانون ظلم الاحتلال في مخيمات اللاجئين دون أمل، مخيم جنين موطن آخر شهيد. طالما يعاني الشباب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الفصل العنصري، بما في ذلك الحرمان من حقوق الإنسان الأساسية، فكيف يمكن تصور أي تغيير أو مستقبل إيجابي!
الحقيقة التي لا خلاف عليها أن العنف لا يمكن أن يولد إلا العنف فقط!
وهنا نتساءل:
إلى متى تستبيح اسرائيل الدم الفلسطيني؟
إلى متى الاقتحامات؟
إلى متى التنكيل والعنصرية؟
إلى متى هدم البيوت؟
إلى متى اعتقال الأهل؟
إلى متى يسكت الشعب عن آبارتهايد القرن الحادي والعشرين؟
إلى متى تنتهج دولة الاحتلال محاسبة أهل منفذي العمليات؟
أهالي الشهداء وفي لحظات القهر والوجع لا يقولون إلا ما يرضي الله والوطن، فبرغم الألم هم صابرون.
أليس من البديهي التحليل أن حكومة بينيت كما سابقاتها تستفز الشعب الفلسطيني، وخاصة في شهر رمضان، حيث نجحت دولة الاحتلال بتحويل مشاعر الطمأنينة والايمان والهدوء في هذا الشهر الفضيل الى مشاعر القلق والألم والفقد والوجع. هكذا يحاول نفتالي بينيت كسب رضى الرأي العام من المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين، ويتحدّى الان بينيت غريمه نتنياهو من خلال الاستعراض والفتك العسكري بالشعب الفلسطيني. نتيجة ذلك كله، من الطبيعي أن يمتعض ويغضب الشعب، من الطبيعي الصمود التراكمي، ومن البديهي المقاومة بكافة أشكالها كأداة للدفاع عن النفس في وجه الاحتلال!
لن يسمح الشعب الفلسطيني بكسر معنوياته، وعلى منظمة التحرير استغلال هذه الأوضاع لخدمة المصلحة الوطنية، يمكن للسلطة الفلسطينية كسب الرأي العام، ألم يحن الوقت لنتوحد جميعاً أمام الاحتلال؟ ألم يحن الوقت لندرك أن لا فرق بين رام الله وغزة وجنين والقدس في عيون الاحتلال؟
ما الذي يمنع تواجد رجال الأمن الفلسطينيين لحماية بيت من الهدم، ولحماية امرأة يقبع أبناؤها في سجون الاحتلال؟ لماذا لا تحمي قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عائلة وبيت المواطن الفلسطيني الذي تلاحقه القوات الإسرائيلية؟ لماذا لا يقف رجالات الأمن الفلسطيني في الصفوف الأولى للدفاع عن الشعب الفلسطيني وممتلكاته؟
هذه دعوة للجميع للتفكير، ومن منطلق الحق الطبيعي في المقاومة والدفاع عن النفس ومن منطلق انساني بحت. البعض سيظن أنني غير مُطلعة على التزامات السلطة وعلى إحداثيات التنسيق الأمني! على العكس تماماً، لاطلاعي على الاتفاقيات المختلفة ومشاهداتي لعدم احترام حكومة الاحتلال لأيٍ من هذه الاتفاقيات، ولإحباطي من المجتمع الدولي وفقدان الأمل بمحاسبة اسرائيل على جرائمها، أو أن يتم تطبيق القانون الدولي على إسرائيل، وليقيني باستخفاف إسرائيل بالمنظومة الدولية، يدعوني كل ذلك لطرح هذه الأسئلة، أنا لا أحرض على المواجهة هنا ولا أنادي لاستعمال السلاح وتأجيج دائرة العنف ولكنني أؤكد أنه وعندما تعتدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وتجتاح المدن وتتمادى على المواطنين وتؤرق ليلنا وتحاصر مئات القوات والأسلحة بيتا فلسطينيا ويرتعب الأطفال ويُستباح رمضان وتُلغى الأعياد، فلن يختلف اثنان على ضرورة توفير الحماية للشعب الذي يتعرض للعدوان من ماكينة الاحتلال، طالما نادينا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتوفير هذه الحماية لشعبنا الأعزل. في ظل عدم الاستجابة، ألم يحن الوقت لتوفير الحماية لأنفسنا بأنفسنا؟
– دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.