تفيد معلومات قوية أكدها عدة مسؤولين فلسطينيين بينهم عدد من قادة حركة حماس، أن إسرائيل طلبت من مبعوث الأمم المتحدة نيكولا ميلادينوف، مع بداية حواراتها السرية الجديدة مع تركيا، للوصول إلى اتفاق ينهي حقبة الخلاف، التوجه إلى قطاع غزة، وفتح باب الحديث مجددا مع حركة حماس لإرساء “هدنة طويلة الأمد” وفتح المجال بين الطرفين للوصول إلى صفقة لمبادلة الجنود الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين.
المبعوث الأمم "ملادينوف" الذي وصل قطاع غزة مطلع الأسبوع الماضي في زيارة مفاجئة لم تدم سوى ساعات معدودة، تزامن قدومه مع وصول المباحثات الإسرائيلية التركية السرية التي عقدت في سويسرا، ولا تزال تدار بطريقة سرية، من أجل التوصل إلى نقاط تفاهم حول حل الخلاف.
ويؤكد مسؤول في حركة حماس، وآخر من أحد التنظيمات الناشطة ميدانيا في قطاع غزة، وعلى علم بالملف أن ميلادينوف طرح فكرة تجديد التفاوض حول إرساء “هدنة طويلة الأمد” بين حماس وإسرائيل.
وبعيدا عن أعين وسائل الإعلام عقد ميلادينوف اجتماعا مع مسؤولين كبار في حركة حماس، لم يذكرهم المسؤول في الحركة خلال حديثه، وقال ان الحركة اتخذت قرارا بعدم الإعلان عن اللقاء، وأن ذلك جرى الاتفاق عليه مع المبعوث الدولي، الذي حمل أفكار الحركة حول الملف خاصة ملف التبادل إلى إسرائيل، بعد أن أودع لدى الحركة أفكار إسرائيل الجديدة.
من مجمل ما تم في اللقاء، والذي تزامن مع دخول المفاوضات الإسرائيلية التركية مراحل متقدمة من اجل تطبيع العلاقات، فهمت حركة حماس أن التحرك الإسرائيلي عن طريق المبعوث الدولي، بعيدا عن الوسيط توني بلير، المتحيز لإسرائيل، وتفيد بأن تل أبيب تريد المناورة خلال المباحثات الجارية في سويسرا، وتخفيف شروط الأتراك، بعدم البقاء على موقفهم المطالب بأن تشمل صفقة المصالحة مع إسرائيل رفع حصار غزة، على أنه ملف آخر يشهد مباحثات وتطورات بفتحه من جديد.
وقد أبلغت قيادة حماس التي غادرت لتركيا وعلى رأسها خالد مشعل، للتشاور مع مسؤولي أنقرة عما يدور في سويسرا، وعدم إغفال ملف غزة، وما طرحه ملادينوف، ووجهت نظر الحركة لطبيعة التحرك في هذا التوقيت، الذي يستدعي من تركيا الاستمرار في شروطها القاضية برفع الحصار.
وعلى العموم فإن قيادة حماس التي التقت ميلادينوف أبلغته رفضها المطلق لربط ملف رفع حصار غزة، بإنهاء ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى الحركة.
المعلومات تفيد بأن ميلادينوف من جهته وبحسب ما وصل “رأي اليوم” من معلومات، طالبت الجهات الوسيطة من قيادة حماس تهدئة جبهة غزة التي تشهد مواجهات بين الحين والآخر، إلى جانب إطلاق صواريخ مداها قصير جدا، وقد عبر عن خشيته من انفجار صراع جديد، حال أحدثت إحدى الصواريخ أضرار قاتلة في الجانب الإسرائيلي.
وأبلغت حركة حماس خلال لقائها مع المبعوث الدولي بشروطها الخاصة بإرساء هذه الهدنة، ورفضت قيادة الحركة خلال اللقاء عدة مرات فتح ملف التبادل، وبكل صراحة أبلغت ميلادينوف أن الجناح المسلح "القسام" لم يعطي أي موافقة بعد على فتح المجال أمام التفاوض، وأنه لا زال وسيستمر في الاصرار على موقفه وشروطه التي تنص على وجوب إطلاق إسرائيل سراح أسرى سابقين أعيد مجددا اعتقالهم، قبل السماح بتدخل الوسطاء.
وبالإشارة الى ملف حصار غزة، فإن وفد الحركة الذي زار تركيا، عاد مجددا إلى مقر إقامته في العاصمة القطرية الدوحة، دون الحصول على ردود قطعية بأن صفقة المصالحة بين تركيا وإسرائيل ستشمل رفع كامل للحصار المفروض على قطاع غزة، وهو أمر لا يخفيه مسؤولي حماس.
وخلال مباحثات وفد حماس مع الرئيس التركي ورئيس الوزراء، أبلغوهم بكل صراحة أن هناك عوامل دولية جديدة تشهدها الساحة الدولية والإقليمية، منها خلافهم القوي مع روسيا، وحاجتهم إلى تقوية تحالفاتهم الدولية وفي مقدمتها مع واشنطن التي تدعم منذ سنوات اتمام المصالحة، خاصة وأن أردوغان أبلغ مشعل أن إسرائيل قدمت اعتذار رسمي لبلادة عن حادثة الهجوم على السفينة “مرمرة”.
وفي تصريحات أخيرة نقلت عن سامي خاطر عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وهو أحد أعضاء وفد الحركة الذي زار تركيا، قال أن حركته قدمت مطالبها إلى القيادة التركية، التي أطلعتها على التطورات الحاصلة حول الموضوع، وقال أن زيارة وفد حماس تمت بناء على رغبة الأتراك، لاطلاع الحركة على أجواء المباحثات التي تجري.
ولم يجزم القيادي سامي خاطر، حول موافقة تركيا الاستمرار في شرطها برفع الحصار عن غزة، عند تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي هذا الأمر يقول “فحوى الاتفاق المتمثل بالشرط الثالث الذي يتعلق برفع الحصار عن غزة كان محط اهتمام الحركة” ويتابع: “حماس قدمت مطالب الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة للقيادة التركية، والأخيرة سجلتها ووعدت بمتابعتها والعمل على تحقيقها”، ولم يتسنى التأكيد من باب توجيه الرسائل لتركيا ,مشيرا الى أن حركته تثق بالقيادة التركية بناء على العلاقة الوطيدة معها، وأنها تدرك حرصها على إسناد القضية الفلسطينية وغزة بشكل خاص.