ميقاتي يصلّي العيد في السّعودية

حجم الخط

عبدالله العلمي

تأكيد السفير السعودي في بيروت وليد البخاري أن الرياض حريصة على استقرار لبنان، دليل على الحكمة في التعامل مع الأزمة اللبنانية. الظروف السابقة إجراء دبلوماسي للتعبير عن الموقف المسيء للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.

 

وبينما جمعت السفارة السعودية بهدوء أهل الحكم والعدل في لبنان، ورحبت بأصدقاء المملكة والقوى التي تتعامل معها الرياض في المرحلة المقبلة بلغة تصالحية، خصص حسن نصر الله وقته لتوجيه الاتهامات الوقحة للسعودية، وفتح أبواق الكراهية البغيضة على كل ما هو سعودي وهو يجلجل بالوعيد وبالمفرقعات الصوتية.

 

نجح البخاري بدبلوماسية بارعة في كسر الجليد بين السياسيين اللبنانيين، مؤكداً أن صفحة جديدة من الرعاية الخليجية – الدولية للبنان انطلقت مع عودة سفراء دول الخليج إلى بيروت. إلا أن حسن كان في الوقت نفسه يرعد ويزبد بتصميم على التلفيق والكذب والنفاق، بل ويحرّض على الوحدة الوطنية لبرمجة الأرزة اللبنانية وتطويعها وإجهاضها.

 

وبينما استقبل رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي السفير وليد البخاري مرحباً بقوله: "سعادتك نوّرت البلد"، كان حسن يخطط لسنوات مقبلة من الخراب والفتنة إذا فاز (أو لم يفز) حزبه وحلفاؤه بأكثرية نيابية. فعلاً، ما من دولة عربية اخترقتها إيران إلا وخرّبتها. انظر ماذا أصاب اليمن وسوريا والعراق ولبنان من الانحطاط الحضاري، وتعطل الهيئات والمؤسسات، وانتشار الحالات المرضية المستعصية. أما هجرة الشباب من لبنان، فهذا دليل على أن المواطنين قِلة، و"الزبائن" أعدادهم وفيرة.

 

عند مرور الذكرى الـ47 للحرب الأهلية اللبنانية، يتذكر الجميع دور السعودية في إنهاء تلك المأساة بإنجاز اتفاق الطائف عام 1989، ودعم الرياض للبنان عقب الدمار الكبير عام 2006، وكذلك مشاركتها في مؤتمر "سيدر" لدعم الاقتصاد اللبناني عام 2019. من هذا المنطلق، لبّى السياسيون اللبنانيون من رؤساء، ورؤساء حكومات، وزراء، ورؤساء أحزاب، دعوة السفير السعودي رغم اختلاف لوائحهم وطوائفهم وتوجهاتهم المذهبية. استئصال قلة ضئيلة من السياسيين المسلوبي الإرادة من الدعوة كانت خطوة حكيمة بسبب مواقفهم العدائية من السعودية.

 

ورغم أن لبنان مفتوح اليوم على كل الاحتمالات، إلا أن الرياض أبدت اهتمامها باستقرار الدولة اللبنانية ووحدتها الوطنية والحفاظ على هويتها العربية. السفير السعودي حرص على زيارة رؤساء الطوائف اللبنانية، بمن فيهم مفتي الجمهورية، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي، والبطريرك الماروني، وشيخ عقل الطائفة الدرزية. في تلك الأثناء، كان نصر الله يكيل التهم للرياض لأنها ـ كما أدعى ـ سبب "تخريب العلاقات العربية – العربية"، من ضمن ترّهات وافتراءات وأكاذيب أخرى.

 

بالرغم من كل الإساءات التي تعرّضت لها المملكة من البعض، جاءت كلمات النائب السابق الدكتور مصطفى علوش واضحة كالشمس: إن عودة السعودية إلى لبنان تؤكد أن البلد لن يتحوّل إلى مستعمرة إيرانية.

 

وكما أشهر الحزب الإرهابي السلاح في صدر المواطن اللبناني، واحتل الساحات، وحاصر الحكومة، وأصر على رفض قبول المحكمة الدولية، ها هو اليوم يفرض الهيمنة الشيعية بصورتها الحزبية ووصاية إيرانية. هكذا يستعمل حسن "مورفين" الابتزاز الانتخابي، ويطلب من الروابط في القرى والأحياء تهديد الناس بقطع المساعدات إذا لم يصوّتوا للوائح الثنائي. لا جديد، هي نفسها العصابة المسلحة التي سرقت الطحين والكهرباء، وانتشرت متخفية في مختلف المناطق اللبنانية، ودرّبت وسلّحت الحوثيين للقيام بعمليات عسكرية جبانة ضد الإمارات والسعودية.

 

وبينما يستعد ميقاتي لأداء صلاة العيد في السعودية، كان حسن يقوم بدوره بالقضاء على مشروع لبنان "الوطن"، والتطاول على المملكة بالسباب والشتائم النابية. على كل حال، الكل يترقب قبل نهاية هذا الشهر نتائج الجولة الخامسة من الحوار الإيراني - السعودي، وفي 15 أيار (مايو) المقبل الانتخابات النيابية.

 

*كاتب سعودي