اسرائيل اليوم : الهـدوء في مصلحة الـجـمـيـع (تـقـريـبـاً)!

حجم الخط

بقلم: غادي حيتمان*



ما الذي تغير في رمضان الحالي عن السنوات السابقة؟ بالفعل، ما تغير هو أن المسلمين يحيون هذا الشهر في ذروة تصعيد أمني، لاقى تعبيرا إعلاميا في إسرائيل في أعقاب العملية في بئر السبع التي بدأت موجة "الإرهاب" الحالية. لكن الحقيقة هي أن ساحة الحرم – التي أصبحت في الآونة الأخيرة المسرح المركزي لاضطرابات المسلمين؛ معظمهم من سكان شرقي القدس – هي ساحة مؤهلة للتصعيد الأمني بشكل دائم منذ 1967.
وقع التصعيد الأخير والدعوات التي صدرت ولا سيما من غزة لمواصلة موجة "الإرهاب"، على آذان صاغية من مئات المسلمين، خاصة الشبان. في الأيام العادية الهادئة، الكاذبة والمسكرة، نحن، الاسرائيليين، لا نعطي رأينا حول ما يجري في الحرم. عمليا، يستخدم الموقع ليس فقط كمكان مقدس بل وأيضا كمخزن لجمع الوسائل القتالية (الحجارة، السكاكين، الألعاب النارية والمتفجرات)، التي تستخدم ضد اليهود عند صدور الإشارة. يدور الحديث عن مشاغبين يتراوح مذهبهم الأيديولوجي من تأييد "فتح "وحتى التماثل مع محافل إسلامية مثل حزب التحرير. أما "حماس" و"الجهاد الإسلامي" فيستغلان هذا للتحريض.
السلطة الفلسطينية تعرفهم وتساعدهم. حتى وان لم يكن بشكل رسمي، الأردن مسؤول عن إدارة الأماكن الإسلامية المقدسة في الحرم. يقود اثنان على الأقل من رؤساء الأوقاف، الشيخ عكرمة صبري وناجح بكيرات منذ سنين خطا متطرفا ضد إسرائيل ويحذران من مس اليهود بالمكان. بالنسبة لهما التدخل الشرطي الإسرائيلي في الحرم هو مس بالإسلام، وهو يكفي كي يشعل الأجواء. وعليه فبعد أن شجب أبو مازن عمليات "الإرهاب" في قلب إسرائيل، لا مجال لتوقع ان يشجب أعمال الإخلال بالنظام التي بادر إليها المسلمون في الحرم.
ماذا يعني هذا في نظرة الى الأمام؟ هل نحن أمام "حارس أسوار" أخرى؟ لا فيما يبدو. "حماس"، التي شجعت تصعيدا واسعا في أيار 2021، تتجلد في هذا الوقت. كما أنها منعت "الجهاد الإسلامي" من أن يرد بالنار من القطاع على حملات الإحباط التي تقوم بها إسرائيل ضد رجال التنظيم في منطقة جنين. كما أن حقيقة إرسال الرئيس المصري نجله كوسيط يوجد فيها ما يساهم في تهدئة الخواطر. وجهة "عرب إسرائيل"، الذين شجبت أغلبيتهم الساحقة عمليات الإرهاب – هي أيضا ليست نحو التصعيد. في شبكاتهم الاجتماعية الخطاب السائد هو الشرخ السياسي بين القائمة المشتركة والموحدة، وواضح أن معظمهم يريدون ان يروا منصور عباس يدفع الوسط العربي الى الأمام.
وأخيرا، من المهم النظر أيضا الى الميدان: شارك في أعمال الإخلال بالنظام التي كانت الأسبوع الماضي في باب العامود العشرات وليس اكثر. في الماضي، شارك فيها المئات واحيانا الآلاف. وهذا أيضا مؤشر على أن الأحداث، في هذه اللحظة على الأقل، محصورة في ساحة الحرم ومداخله. رغم ذلك، على إسرائيل، مثلما هي دوما، ان تتصرف بحكمة وألا تكون بالضرورة محقة. هذا يعني ان على السياسة الإسرائيلية ان تدمج بين العصي والجزر: فإلى جانب التسهيلات للفلسطينيين في رمضان يجب رسم خط واضح بحيث لا يتحول الشهر الإسلامي المقدس الى شهر فوضى قد تستمر حتى بعد أن ينتهي أيضا. وهذا يسمى بالعبرية الحساسية والتصميم.

عن "إسرائيل اليوم"
*كاتب في دائرة الشرق الأوسط في جامعة أرئيل (الاستيطانية)، وخبير في شؤون "عرب إسرائيل" والساحة الفلسطينية.