يتوجّه وزيران إيطاليان إلى إفريقيا الوسطى في مهمة عاجلة لإبرام اتفاقات جديدة حول الطاقة، في توقيت تبذل فيه إيطاليا جهودا كبرى لوقف اعتمادها على الغاز الروسي على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية.
ويتطلّع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى عقد صفقات لاستيراد الغاز من أنغولا والكونغو الديموقراطية بدلا من روسيا التي تؤمن نحو 45% من احتياجات بلاده منه.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي في مقابلة أجرتها معه صحيفة "كورييري ديلا سيرا" اليومية ونشرت الأحد "لم نعد نريد الاعتماد على الغاز الروسي لأن التبعية الاقتصادية يجب ألا تتحول إلى خضوع سياسي. ... من الممكن تنويع المصادر وتطبيق ذلك في فترة قصيرة نسبيا، وأسرع مما كنا نتصوّر قبل شهر".
وقرّر دراغي الذي أصيب مؤخرا بكوفيد-19 إرسال وزير خارجيته لويجي دي مايو ووزير التحول الإيكولوجي روبرتو سينغولاني الأربعاء إلى لواندا والخميس إلى برازافيل.
وسيرافقهما الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة الإيطالية العملاقة "إيني" كلاوديو ديسكالزي.
ويمكن إضافة موزمبيق إلى القائمة في مايو، علما بأن إيطاليا وقّعت في الأسابيع الأخيرة اتفاقات مع مصر والجزائر.
تستورد إيطاليا نحو 95% من الغاز الذي تستهلكه. وهي من أكثر الدول الأوروبية اعتمادا على الغاز الروسي، بينما تزودها الجزائر بنحو 30%.
وأشارت "إيني" في بيان إلى أن الاتفاق مع سوناطراك الجزائرية ينص على زيادة تدريجية لكميات الغاز "اعتبارا من 2022 لتبلغ 9 مليارات متر مكعب في 2023-2024" عبر خط أنابيب ترانسمد الذي يربط البلدين عبر تونس والبحر المتوسط.+
في العام 2021 بلغت القدرة الاحتياطية لخط أنابيب الغاز "ترانسمد" نحو 7,8 مليارات متر مكعب، لكن الشركة المشغلة أعلنت أنها جاهزة لزيادتها.
خيالية
الاتفاق مع مصر من شأنه أن يتيح ضخ ما يصل إلى 3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وإيطاليا تحديدا هذا العام، وفق الشركة الإيطالية.
وتدرس إيطاليا إمكان شراء أو استئجار وحدتين عائمتين لتخزين الغاز المسال وتحويله إلى غاز طبيعي لزيادة قدراتها على استيراد هذه المادة.
ويشدد خبراء على أن تكلفة تنويع المصادر لن تكون منخفضة، وهم يتوقعون إقرار زيادات ضريبية على الشركات والأفراد.
وقال رئيس مركز "نوميزما إينيرغيا" دافيدي تاباريللي إن روما تستغل بشكل صائب "العلاقات الممتازة" التي بنتها "إيني" طوال 69 عاما في إفريقيا حيث تعد الأكبر على صعيد الإنتاج والاحتياطيات.
وصرّح تاباريللي لوكالة فرانس برس أن فكرة استبدال الغاز الروسي "على المدى القصير" تعد "خيالية"، مؤكدا أن "الأمر سيستغرق سنتين إلى 3 سنوات على الأقل".
وتوقّعت الحكومة أن تصبح وحدتا تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي جاهزتين في غضون 18 شهرا.
وأشارت روما إلى تسريع أعمال بناء منشأتين أرضيتين لتحويل الغاز، علما بأن أعمال البناء قد تستغرق 4 سنوات.
وقال فرانشيسكو غالييتي رئيس مركز "بوليسي سونار" للخدمات الاستشارية ومقره روما "إنه سباق مع الوقت لضمان تخزين الغاز والنفط للشتاء المقبل".
لكن في حين يفترض أن تحرص روما على إزالة كل العقبات من أمام تحقيق هدفها هذا، بما في ذلك زيادة إنتاجها المحلي من الوقود الأحفوري، يعمد وزير التحول الإيكولوجي إلى إلغاء عقود، وفق غالييتي.
وحذّر رئيس مركز "بوليسي سونار" من أن النهج المتعالي الذي يتّبعه سينغولاني "تجاه (الإنتاج المحلي) للنفط والغاز يؤخر التحرّر من الاعتماد على الغاز الروسي".
تعد إيطاليا من أكثر الدول الأوروبية اعتمادا على الغاز (42% من استهلاكها للطاقة). وتأمل الحكومة تقليص اعتمادها على الغاز من خلال تسريع الاستثمار في الطاقة المتجددة وإزالة العراقيل الإدارية من أمام مشاريع لتوليد الطاقة الشمسية والريحية.
ودعا دراغي إلى تضحيات جماعية، وهو توّجه هذا الشهر للإيطاليين بالسؤال "هل نريد السلام أم نريد أن نشغّل المكيّفات؟".
وقد قوبلت مقاربته ببعض الاستياء في بلاد تشعر بتأثير الاحترار المناخي الذي تدل الدراسات العلمية على أن الأنشطة البشرية لإحراق الوقود الأحفوري تفاقمه.
لكن الحكومة تعد خطة تتضمن خفض التدفئة في المدارس والإدارات الرسمية درجة واحدة، ورفعها صيفا للمكيفات بالمقدار نفسه.
والقرار يمكن أن يشمل المنازل والشركات الخاصة، لكن مراقبة التنفيذ ستنطوي على صعوبات.
وبحسب صحيفة "لا ستامبا" من شأن هذه الخطة أن تخفّض استهلاك الغاز الطبيعي بقدار 4 مليارات متر مكعّب سنويا، أو ما نسبته نحو 14% من إجمالي ما تستورده البلاد من غاز من روسيا.