مرت نحو سنة منذ تشكلت حكومة بينيت – لبيد، ويمكن منذ الان إبداء الرأي في ثمار خطاها السياسية. الى جانب الرئيس هرتسوغ، دخل بشكل عاصف رئيس الوزراء وبديله الى الساحة السياسية، وخرج كل منهما في سلسلة رحلات الى العالم وبالاسلوب المتواضع المعروف لم يستخدموا طائرة السفر الرسمي "جناح صهيون".
التقوا الواحد تلو الآخر بزعماء الدول المهمة لاسرائيل. الرئيس بايدن، الملك عبدالله، الرئيس السيسي، زعماء الامارات وغيرها. قصة غرام ولدت لهرتسوغ مع السلطان اردوغان، فيما أن غانتس اصر على ان يرفرف حول ابو مازن. وفي الخلفية وقفت الشراكة السياسية مع الاخوان المسلمين وكانت الذروة "قمة النقب".
وعد بينيت ولبيد شعب اسرائيل بصفحة سياسية جديدة، بخاصة مع الاميركيين والاردنيين. ادعيا بان هذا هو "اصلاح"، بالنسبة لي هو "تخريب" لإرث سلفهما في المنصب بنيامين نتنياهو. واستجاب الرجلان لسلسلة طلبات من الملك الاردني وانزلوا الى الصفر مستوى الخلاف مع الولايات المتحدة. وهذا لدرجة أنه عندما وقف وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن، الى جانبه في القدس، وعشية رمضان اعرب عن قلقه بالذات من "عنف المستوطنين"، مدير عام مجلس "يشع" السابق الذي هو بينيت نفسه، ابتلع لسانه.
سياسة الحكومة أفلست
مسيرة الانبطاح كان يفترض أن ترفع اسرائيل الى ذرى جديدة، وبالتأكيد الى تهدئة الخواطر، مصالحة المتحمسين، تبريد العنف وتعزيز السلام. رئيس وزراء الاردن، الذي تلاطف بينيت معه اعلن عن أن "الصهاينة يدنسون الاقصى" وحيا راشقي الحجارة. ضيف الشرف لدى غانتس، ابو مازن، صب الوقود من جهته، بينما رفيق لبيد، انطوني بلينكن تكبد امس عناء الاشارة مرة اخرى الى "المستوطنين" الذين بسببهم، زعما، افسد مشاغبون عرب المكان الاقدس في العالم ونفذوا اعتداءات على المصلين في الطريق الى المبكى.
أحد من اولئك "الرفاق" قال لبينيت ولبيد ما نعرفه جميعنا: الجانب العربي، هو فقط مذنب بموجة الارهاب والشغب. فلم "يساهم" فيها اي "استفزاز" من الجانب اليهودي. هذه الحقيقة البسيطة حتى زعماء الدولة اليهودية لم يتجرؤوا عمليا على قولها. هذر بينيت بشجب عام للتحريض، وكأنه كتبته الامم المتحدة، دون ان يشير من هم المحرضون. لبيد شطب منذ زمن بعيد من قاموسه كلمات "يهودي" و "عربي". وبينما لا يتجرآن على ان يقفا لفظا او عملا عند حقوقنا، فلا غرو أن العالم لا يفعل هذا. وهكذا حتى الامارات، الدولة التي بدأت اتفاقات ابراهام، وبخت سفير اسرائيل والغت الطيران المشترك. الويل للذل. الوحيد الذي انقذ بشيء ما كرامة الحكومة كان جدعون ساعر، الذي شجب الاردن بكلمات صريحة.
السطر الاخير بسيط وصعب: سياسة الحكومة أفلست. التراكض نحو قصور زعماء العرب بعث ضعفا لم يعزز السلام بل قضم حتى من اتفاقات ابراهام. كما أنه ولّد موجة ارهاب وشغب، وترك اسرائيل دون سند سياسي ممن وصفهم زعماء اسرائيل كـ "اصدقاء".
بخلاف الاحابيل الاعلامية التي اختصت هذه الحكومة بها، فلم يكن الاصلاح هو ما اعطته لاسرائيل بل المس الحقيقي بقوة الدولة وصورتها.
عن "اسرائيل اليوم"