«داعش» تهدي إسرائيل مزيداً من المهاجرين اليهود!!

thumb (1)
حجم الخط

 


في منتصف العام الجاري، 2015، أقدمت حكومة نتنياهو على المصادقة على خطة لتشجيع يهود أوروبا للهجرة إلى الدولة العبرية، بعدما لاحظت أن هناك تراجعاً واضحاً في أعداد المهاجرين اليهود من تلك الدول، الخطة تتركّز على تشجيع يهود كل من فرنسا وأوكرانيا وبلجيكا للهجرة إليها، وذلك من خلال «خارطة طريق» وضعت بالاعتبار التجاوب مع احتياجات هؤلاء وتلبية الشعور بالأفضلية من خلال ترك الدول التي يتمتعون بالمواطنة فيها، الخطة وضعتها حكومة نتنياهو بعد سلسلة من الاجتماعات والنقاشات بين مختلف الوزارات، خاصة وزارة الهجرة والاستيعاب والتربية والتعليم والاقتصاد والرفاه والداخلية والصحة، وبتكلفة 180 مليون شيكل، وقد بدأت مؤسسات تمت إقامتها في هذه البلدان لتعليم اليهود المقيمين فيها، اللغة العبرية.
وتوقيت الإعلان عن هذه الخطة يتعلق دون شك على الموجات الإرهابية التي جرت في العديد من الدول الأوروبية، والبعض من هذه الهجمات استهدف اليهود أو الكنس اليهودية، إلاّ أن ذلك على الأرجح لم يكن كافياً في ذلك الوقت، لتشجيع اليهود على ترك أوطانهم، خاصة وأن بعض الحاخامات اليهود في تلك الدول، رفضوا الدعوة للهجرة، ومنهم كبير حاخامات الدنمارك يائير ماليكيور، الذي رفض تلك الدعوات عقب الهجوم الذي استهدف كنيس كوبنهاغن وأدى إلى مقتل شخص وإصابة شخصين بجراح، قائلاً إن الإرهاب ليس ذريعة للهجرة إلى إسرائيل، وان «الإرهابيين لا يمكن أن يتحكموا في حياتنا» ويبدو أن الخطة الحكومية الإسرائيلية، أخذت بالاعتبار أجواء المعارضة للهجرة، كسبب من أسباب تراجعها، الأمر الذي أدى إلى وضع خطة تعتبر رشوة كبيرة لأي مهاجر إليها من الدول الأوروبية الثلاث، في وقت تشير فيه حكومة نتنياهو إلى أنها بصدد وضع خطط أخرى خاصة بدول أخرى.
وبالإضافة إلى الأسباب السياسية والأمنية، المتعلقة بالهجرة، فإن إسرائيل تخشى من البعد الاجتماعي ليهود أوروبا، ذلك أن يهود أوروبا في تراجع مستمر، ليس بسبب الهجرة إلى إسرائيل، ولكن بفعل الزواج المختلط مع أديان أخرى، ونشوء جيل ليس له علاقة باليهودية وبإسرائيل، هذه الأعداد في تزايد ما يؤدي إلى تناقص أعداد اليهود، أما في حال الهجرة إلى إسرائيل، فإن إمكانية الزواج من غير اليهود غير متوفرة، ما يوفر «النقاء» اليهودي للدولة العبرية، لذلك، إضافة إلى أسباب عديدة مهمة، فإن هذا الأمر يدفع بإسرائيل إلى الإسراع في تشجيع اليهود إلى الهجرة إليها.
التركيز على الدول الثلاث (فرنسا وبلجيكا وأوكرانيا)، يعود إلى أسباب اقتصادية وتنموية بالدرجة الأولى، إضافة إلى الأسباب السياسية والأمنية، ذلك أن المهاجرين اليهود من فرنسا وبلجيكا، مهنيون، متعلمون، وفنيون وخبراء، بينما مهاجرو أوكرانيا، فهم حرفيون ومهنيون، وهذا يعني أن هؤلاء، ليسوا مجرد زيادة عددية، أو زيادة في مقومات جيش الاحتلال وقوات أمنه فحسب، بل زيادة في القدرات الاقتصادية والفنية والمهنية، خاصة في مجال تقنيات الحاسوب والعلوم الهندسية الحديثة والتقنيات المتعلقة بالصناعة والتنمية بشكل عام.
العام الجاري 2015، كانت فرنسا، الدولة الأبرز في تراجع نسبة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، ويقدر عدد يهود فرنسا بين 500 إلى 600 ألف شخص، الأولى في أوروبا، والثانية بعد الولايات المتحدة وإسرائيل بعدد السكان اليهود، لكن الأشهر الأولى من العام الجاري شهدت تراجعاً في أعداد اليهود والمهاجرين منها إلى إسرائيل بنسبة 15.1 بالمائة، وكان هناك رهان بأن أشهر الصيف ستشهد إقبالاً متزايداً للهجرة، إلاّ أن ذلك لم يحدث إلاّ على نطاق ضيق.
إلاّ أن الأشهر الأخيرة من هذا العام 2015، شهدت موجات هجرة اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل، نسباً قياسية، لم تتوقعها الخطط الإسرائيلية بهذا القدر، وشكلت العمليات الإرهابية التي قامت بها «داعش»، خلال الأشهر الأخيرة، الهدية الأفضل لإسرائيل، هذه الموجات القياسية لا تزال مستمرة ومن الصعب أن تتوقف إلاّ بعد أن تهاجر أعداد إضافية من يهود فرنسا إلى الدولة العبرية، في وقت تزداد فيه التهديدات الإرهابية بضربات أخرى، تؤذي فرنسا لصالح إسرائيل.
ولذلك تحسنت نسب استيعاب الدولة العبرية ليهود فرنسا، بعد تلك الهجرات القياسية الجديدة، وبعد تراجع حوالي 15 بالمائة الأشهر الأولى من هذا العام، مقارنة بالعام السابق، أصبحت هذه النسبة زيادة بمقدار 10 بالمائة، ومن المتوقع حسب وزارة الاستيعاب الإسرائيلية أن يصل إلى إسرائيل في الأشهر القليلة القادمة ما يقارب 30 ألف يهودي فرنسي، وهو رقم قياسي يسجل للمرة الأولى منذ 15 عاماً.
وإذا اعتمدنا على الأرقام المستقاة من مصادر إسرائيلية، فلا يبدو أن الوضع المتوتر في إسرائيل، على خلفية أحداث الانتفاضة الفلسطينية، يسجل انعكاساً مؤثراً على أعداد المهاجرين اليهود إلى إسرائيل، وعلى الرغم من نشر بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، أشكالاً من الهجرة المعاكسة من إسرائيل إلى الخارج، إلاّ أن هذه الأشكال، لا تزال محدودة ولا يمكن أن تشكل ظاهرة يمكن البناء عليها.
من الواضح حسب هذه الصورة، أن أدوات الإرهاب، باتت سلاحاً بيد الدولة العبرية، تعتمد عليه لإنقاذها من الخطر الديمغرافي الفلسطيني من ناحية، ويجعل خططها الخاصة باستيعاب يهود العالم، أكثر نجاحاً وإنجازاً!!