هل غزة على أبواب عدوان إسرائيلي؟

-الدجني-e1612663448849 (2).jpg
حجم الخط

بقلم د. حسام الدجني

 

 

 معادلة الاحتلال ستفرز مواجهة بغض النظر شكل تلك المواجهة، لأن الأصل في العلاقة مع الاحتلال هو الاشتباك، والاحتلال الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمر، ومارس كل الموبقات مع الشعب الفلسطيني من اعتداءات، وانتهاكات طالت بيوت العبادة وممتلكات المواطنين، وحصار واستيطان، إلخ والهدف الذي يسعى له يتمثل في ترسيخ احتلاله وجعله أمراً واقعاً ولا سيما في المدينة المقدسة عبر فرض التقسيم الزماني والمكاني، وصولاً إلى بناء الهيكل المزعوم.

قطاع غزة ليس بعيداً عن بؤرة الصراع فهو في قلبها، وهو من دفع الكثير من دماء أبنائه في العديد من المواجهات العسكرية، وفي المقاومة الشعبية عبر مسيرات العودة، وتعرض لحصار إسرائيلي طويل أهلك الحرث والنسل. ويبقى السؤال في ضوء التطورات الأخيرة في المسجد الأقصى وفي جنين القسام، هل قطاع غزة على أبواب عدوان إسرائيلي غاشم؟

في تقديري أن احتمالية المواجهة العسكرية المفتوحة مع قطاع غزة ما زالت بعيدة، ولن يكون عدوان عسكري على القطاع في الوقت القريب للأسباب التالية:

أولاً: من جهة (إسرائيل) هناك ثلاثة عوامل تجعل من سيناريو الحرب بعيدة، وهي:

1. تطور الأحداث في الأراضي الفلسطينية عموماً والقدس وغزة على وجه الخصوص سيضغط على القائمة الموحدة بزعامة منصور عباس للانسحاب من الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وهذا يعني بداية السقوط لحكومة بينيت، وهو ما لا يريده بينيت وشركاؤه.

2. مخاوف إسرائيل من تداعيات وانعكاسات الحرب على الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الأخضر، وعلى مستقبل السلطة الفلسطينية، وعلى دول التطبيع العربي، وعلى الإقليم بشكل عام، إضافة إلى رغبة المجتمع الدولي بالاستقرار في ظل الصراع المحتدم بين روسيا وأوكرانيا.

3. تجربة الحرب مع غزة ليست نزهة والتجارب ماثلة أمام صانعي القرار في تل أبيب، أيضاً الخشية من حجم المفاجآت العسكرية التي تحملها الفصائل الفلسطينية وانعكاس ذلك على ميزان المناعة القومي.

ثانياً: من جهة المقاومة الفلسطينية هناك عامل يجعل من سيناريو الحرب بعيدة، وهو:

ما يعانيه قطاع غزة من واقع سياسي واقتصادي واجتماعي بالغ الصعوبة، ومع تأخر الإعمار، وفي ظل نجاح الوسطاء في إحداث بعض من الاختراقات في تحسين واقع الحياة في القطاع ولا سيما المرتبطة بتصاريح العمل، وإدخال البضائع وغيرها عوامل ترجح قرار التهدئة مقابل قرار التصعيد، ولا سيما أن حراك الوسطاء بات يحرز بعض النتائج التي قد تساهم في تعزيز التهدئة والمتعلقة بمنع ذبح القرابين ووصول مسيرات الأعلام لباب العمود من قبل الاحتلال.

يدعم ذلك أيضاً اتصالات الوسطاء بالمقاومة، والتي تطالبها في ترجيح التهدئة وتغليب المسار الدبلوماسي على غيره من المسارات.

على الرغم من أن المنطق السياسي يقول بأنه لا حرب في الفترة القريبة على قطاع غزة، فإن خصوصية الحالة الفلسطينية تختلف عن غيرها، فالمحدد الميداني قد يقلب الطاولة دون أدنى اعتبار لمدخلات السياسة ومخرجاتها، ربما تطور دراماتيكي يقلب الطاولة في وجه الجميع ويفرض سيناريو المواجهة المفتوحة كما حصل في أغلب المواجهات السابقة.

الخلاصة: الترجيح الأكبر لا حرب على غزة في القريب العاجل، ولضبط المحدد الميداني يتطلب من فصائلنا وأذرعنا المسلحة التوحد خلف غرفة العمليات المشتركة، فلا مجال للاجتهاد الفردي ما دام أن التوافق هو سيد الموقف.

في المقابل يجب أن يدرك الجميع أن المسجد الأقصى خط أحمر، وأن صاعق التفجير بيد المجتمع الدولي الذي لم يتحرك من أجل الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، وأن الأصل ألّا نرى شرطة الاحتلال في باحات المسجد الأقصى لأن هذا من مسؤولية الوصاية الهاشمية الأردنية بالتنسيق والتعاون مع الأوقاف الإسلامية بالقدس، وأن تتوقف استفزازات الاحتلال وجرائمه وحصاره.