لنرسم خطاً أحمر، الخط الأخضر مات.. و"الحرَم" أهم من "الحائط"!

نحاف شرغاي.jpeg
حجم الخط

بقلم: نداف شرغاي

 


صوت واحد ناقص، صامت، يصرخ في غيابه: لسنا احتلالا في القدس، مثلما يكذب الفلسطينيون المرة تلو الاخرى في آذان العالم كله. فالشعب لا يحتل بلاده وعاصمته. لكن في الشهر الاخير نحن نقع في هذا الفخ ونتحدث عن امن واستراتيجية، في الوقت الذي في موضوع القدس محظور أن تقام جملة ادعاءات على اساس احتياجات معيشية وتكتيكية فقط. الارتباط والالتزام اللذان اتسمت بهما هذه المدينة يشذان عن القلق على الوجود المادي والامن. فهما يستندان اساسا الى التقاليد، الدين، الثقافة والتاريخ اليهودي، ونحن توقفنا عن الحديث عنها. حين طلب من دافيد بن غوريون في 1948 أن يبرر المعركة على المدينة ذكر أن «قيمة القدس ليست قابلة للقياس»، «لا يمكن ان توزن وتحصى». «المعركة على القدس حاسمة»، شرح، «وليس من ناحية عسكرية فقط. القسم «على نهري بابل» ملزم اليوم مثلما في حينه، والا «فلن نكون جديرين باسم شعب اسرائيل».

فلنرسم خطا أحمر: الخط الأخضر مات
حيال الصلة الوقحة التي تحاول حماس خلقها بين غزة والقدس – فان بينيت، لبيد، ليبرمان وغانتس يصمتون صمتا مطبقا. لعل هذا روع عباس والموحدة في أن كل وجود هذه الحكومة المتعذرة يقوم على اساسهما، ولعل هذا ضعف عقلي بنيوي. «حكومة التغيير» شطبت خطاب الحقوق الذي كان جزءا لا يتجزأ من جيناتنا، بخاصة بالنسبة للقدس.
ويبرز غيابه على نحو خاص الان بسبب حضوره الشديد في خطاب الفلسطينيين والدول العربية تجاه العالم. فهؤلاء لا يخجلون من تقبيل «اطراف ارضهم»، والكذب بلا نهاية عن ماضيهم هنا وتزوير التاريخ.
لا يمكن اسناد المطلب إلى شرعية دولية دون الكتب المقدسة والاباء والامهات والتاريخ اليهودي. القدس، على حد قول بلينكن، هي بالفعل مستوطنة. المستوطنة الاسرائيلية المحقة والكبرى منذ الازل. علينا أن نتحدث عن الارتباط بهذه المدينة، حقنا واولوياتنا فيها، من عهد الملك داود والهيكلين الاول والثاني حتى العام 1948 وحرب الايام الستة وايامنا هذه. فلنقلها بوضوح، دون تلعثم او اعتذار. ولنرسم خطا أحمر، ولنوضح أن القدس، اساس الذاكرة الاكثر وضوحا للشعب اليهودي، لسنا احتلالا. وان الخط الاخضر مات. وان التخلي عن حقوقنا في القدس سيجعل حقنا في بلاد اسرائيل حقا عاجزا. عن هنا لن يكون اي تقسيم آخر - لا في الاحياء، لا في البلدة القديمة وبالتأكيد لا في الحرم.
الحرم وان كان اغلق في وجه اليهود في نهاية رمضان هذا، ولكن عليه أيضا يجب أن نعرف ونقول الحقيقة: السبب الوحيد الذي لاجله يصلي اليهود منذ اكثر من الف سنة على طول الحائط الغربي هو الحواجز التي نصبت في وجوههم (الفقهية أو السياسية) للصلاة في الحرم نفسه. الحائط قد يكون «هيكل صغير»، الاهم والاكثر قدسية من كل الكنس الاخرى، ولكنه ليس مكان الهيكل. وهو حتى ليس الحائط الغربي للهيكل، مثلما اعتقدوا خطأ على مدى مئات السنين. هذا هو الحائط الغربي لنطاق الحرم. توجد فيه قدسية ولكنه ليس المكان الاكثر قدسية للشعب اليهودي، مثلما اخطأ قبل وقت غير بعيد وزير الخارجية لبيد.
الحرم، الذي اقام عليه المسلمون مصليين قبل 1350 سنة هو المكان الاكثر قدسية للشعب اليهودي، وفقط الثالث في قدسيته للاسلام السني (بعد مكة والمدينة). الحائط هو البديل للحرم؛ هو الرواق، بينما الحرم هو الاساس. ووحدها الفتوى الفقهية على مدى الاجيال منعت اسرائيل من الحجيج الى الحرم وتركتنا على سفوحه. نحن مرتبطون بالحائط بتلال من الدموع والقدسية، ولكنه البديل فقط. اما الاصل، الذي في يوم من الايام سترتب فيه ايضا صلاة اليهود، فهو الحرم.

عن «إسرائيل اليوم»