معادلة "أهل قطاع غزة" ليست معادلة "فصائلها"!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 خلال "غزوة الأقصى" التي نفذتها قوات الاحتلال ومعها فرق "الداعشية اليهودية"، تبين بلا غموض حالة "العجز الفصائلي" في التعامل الكفاحي مع سلوك دولة الكيان وحكومتها الإرهابية ضد القدس والمقدسات، لم تقتصر على الحرم القدسي وباحته، بل طالت كنيسة القيامة في يوم سبت النور، لتعيد بإرهابها "وحدة متأصلة" في الوجدان الوطني بين أهل فلسطين، بعيدا عن "الطائفية" المستحدثة، التي كانت سببا من أسباب تحقيق المشروع التهويدي مكاسب، ما كان لها أن تكون في زمن ما قبل مرحلة الانقسام وانتشار الطائفية السياسية والاجتماعية.

"غزوة الأقصى"، فتحت ملف العلاقة بين مراكز العمل الوطني الفلسطيني، وآلياته وأهدافه العامة والخاصة، ولتغطية عجزها المباشر، ذهبت الفصائل للحديث عن "أرباح وهمية"، خاصة بتعظيم مسألة وقف "ذبح القرابين"، وكأنها حققت نصرا دون أن تدقق ان الأمر كان مرتبط بتعقيدات مختلفة تماما، لا صلة لكل "البرم الفصائلي" به، بل حسابات داخلية إقليمية ودولية، واستبدلت "تدنيس" مقدس وطني بتكريس ما هو أخطر، التقسيم الزماني والمكاني، الذي بات وكأنه أمر واقع.

وبعدما تكشف "عيوبها" وتعرية تهديداتها، حاول البعض منها أن يلجأ لمناورة طفولية كاملة الأركان، بل مناورة ضارة وطنيا وخطيرة سياسيا، عدما حاولت استخدام "قطاع غزة" كجزء من مناوراتها الذاتية، بل وربطها بمحاور غير عربية تلحق ضررا ولا تخدم قضية.

الحديث عن قطاع غزة كمنطلق صاروخي في المواجهة بطريقة استعراضية لا ينتج سوى خراب يلحق بسكانه، وليس بفصائله، وقد سارعت دولة الكيان باللجوء الى طرق غير عسكرية كـ "عقاب جماعي"، وليس لمواقع أمنية، كجزء من الرد المستحدث، بالمعني التحريضي وأيضا الإيذائي المؤثر لمليوني من سكان القطاع.

معادلة القدس غزة، لم تكن معادلة كفاحية حقيقية لمواجهة العدوانية التي تمارسها دولة الكيان، بل هي جزء من "حسابات فصائلية" مرتبط بمناورة *محور* غير عروبي، عاموده الرئيسي الدولة الفارسية وأتباعها من أحزاب شيعية وفصائل فلسطينية، ما يضع علامات استفهام غامقة اللون حول تلك المعادلة، التي كشفها مؤتمر حوثي ومؤتمر إيراني، بل سريعا ما اصبها ارتعاش في قطاع غزة ذاتها مع أول تهديد إسرائيلي حقيقي لحكومة حماس.

موضوعيا، وتأكيدا لمؤكد سياسي أكدته حرب مايو الأخيرة، أن قطاع غزة ليس موقعا أمنيا لرجم صواريخ وقت "الزنقة الفصائلية، والتعامل معه استنادا لتلك النظرية ليس سوى شهادة إثبات بعدم أهلية الفصائل التي تستخدمه وفقا لكونه "قاعدة رجم صاروخي"، ما يكرس المعادلة الجوهرية التي عملت عليها دولة الكيان، معادلة الانقسام برداء "ثوري".

المفارقة الكبرى، أن فصائل التهديد الصاروخي في قطاع غزة، هي ذاتها التي تتحدث عن ضرورة تطوير مقاومة دولة الاحتلال وأجهزة أمنها ومشروعها التهويدي في الضفة الغربية والقدس، بل أن بعض من قياداتها خرج ليتحدث عن ذلك، لكن مسار احداث القدس وجنين ونابلس وبعض مناطق الضفة، كشف أن الحديث عن "المقاومة" شيء وتنفيذها شيء آخر، ولذا حاولت استبدال الاهتمام عبر معادلة وهمية صنعت لحسابات أجندة خارجية.

قطاع غزة ليس للاستخدام الفصائلي خدمة لحسابات ذاتية، فمن يريد مقاومة حقة فعليه أن يرفع قبضته في مركز المعركة الوطنية الحقيقة، القدس والضفة الغربية، ليس لأنها مركز احتلالي قائم، بل لأنها مركز المشروع التهويدي المعادي، وغزة قطاعا وأهلا ليسوا ضمن ذلك المشروع أبدا، هو سند ورافعة وطنية عند مواجهة كبرى، ولكنه لا يمكنه أن يكون بديلا وطنيا كفاحيا عن الضفة والقدس.

ربما تفضل دولة الكيان أن تشن حروبا تدميرية على قطاع غزة تستجلب "ردا صاروخيا" يترك أثرا معنويا وخسائر هامشية على مواجهة شعبية حقيقية شاملة في الضفة والقدس، وإعلام الدولة العبرية ينفخ في سور "قوة القطاع العسكرية" وسلطته الحاكمة تعزيزا لتلك النظرية الصهيونية ومعادلتها..حرب مع غزة دون مواجهة شاملة في الضفة هو خدمة كبرى لمشروعها التهويدي.

وليت البعض يعود قليلا لما بعد حرب مايو 2021، والتي تمكنت فصائل قطاع غزة أن تقصف في العمق الإسرائيلي، لكنها لم تحقق منجزا سياسيا واحدا لصالح المشروع الوطني العام، بل أعيد ترتيب الانقسام وتعزيزه عبر "معادلة أمن مقابل مال وتحسين مستوى المعيشة"، والذي بات سلاحا مضادا بيد حكومة "الإرهاب السياسي" في تل أبيب. (كما تبين مؤخرا).

الى فصائل قطاع غزة...أعيدوا التفكير بكل سلوككم وتوجهاتكم..فمعادلتكم المرفوعة لحسابات خدمة خارجية عبر "محور وهمي" ليست هي معادلة أهل قطاع غزة ولن تكون...قاوموا مشروع الاحتلال وقواته وجيشه في القدس والضفة وعمقه، لو كان الأمر حسبة وطنية وليست غيرها.

ملاحظة: كان ملفتا جدا أن يختص الرئيس السيسي في "إفطار الأسرة المصرية" المناضل العروبي الناصري الكبير حمدين صباحي بالإشارة الخاصة ترحيبا..ثم حديثا جانبيا مكشوفا..رسالة سياسية أن المعارضة الوطنية والاختلاف حق!

تنويه خاص: جنين يا جنين..كم بك سحر ثوري لا ينطفئ نوره حتى وأن تركوك وحيدة، رأس حربة كسر عدوانية عدو لن يكسر روحك..جنين فخر وطن وفخر قضية ورمز كفاحي لشعب...أنت المعادلة التي تستحق أن تكون عامودا فقريا لمواجهة الغزوة المستحدثة...سلاما لكل من دفع ثمنا في معركة فخر واعتزاز!