شرين أبو عاقلة الشاهد الأخير

حجم الخط

بقلم: فارس الحباشنة

 

 

لروحها الرحمة، الزميلة شرين ابو عاقلة ارتقت بدمائها الطاهرة .

و في زمن فلسطيني مفعم بربيع الشهادة . تتساقط اوراق السياسة واتفاقيات السلام، والشهداء يزهرون ربيعا فلسطينيا بالدم والايمان، وارواحهم المتصاعدة الى السماء .

رصاص الاحتلال الغادر قتل شرين ابو عاقلة وصوتها الهادر والجريء، ورسالتها الاعلامية الفاضحة لجرائم الاحتلال الاسرائيلي .

و ما كانت رصاصات الاحتلال، وكل ما يقترف من جرائم وانتهاكات لولا انها عرفت دية القتيل العربي، والسنوات الاخيرة من الصراع الفلسطيني / الاسرائيلي حاول العدو ان يكرس سياسة اخفاء الجرائم ، ولو ان العالم ينسى ولا يرى ما يجري في فلسطين .

اسرائيل اصبحت ضليعة في الاجرام والقتل، والتشريد، وصناعة الموت ..في تقويم الرزمانة الاسرائيلية الدم والقتل، هما الموعد والعنوان لاحياء وحماية دولتهم التوراتية الاسطورية، والخرافية .

الشعب الفلسطيني محاصر وصامد، والقضية الفلسطينية تواجه النسيان والاندثار من الذاكرة العربية والاممية . وكانت الشهيدة شرين ابو عاقلة شاهدة يومية لتوثيق جرائم الاحتلال بالصورة والصوت، والكلمة.

و لطالما كانت ابو عاقلة ناقلا وراويا صادقا لجرائم الاحتلال، واوصلت صداها الى ارجاء العالم، وهزت بصوتها وكلماتها الهادئة والقوية ضمائر العالم .

«ليس سهلاً ربما ان اغيّر الواقع، لكنني على الاقل كنت قادرة على ايصال ذلك الصوت الى العالم»، كلام رددته مراسلة «الجزيرة» شيرين ابو عاقلة عقب حديثها عن تغطيتها لاجتياح قوات الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية عام 2002.

الرواية والشهود وشهود العيان وموثقو جرائم الاحتلال ما يحاولون اغتيالهم واصطيادهم وتصفيتهم ، وسواء كانوا صحفيين ومراسلين ومؤرخين وفنانين وكتاب دراما، وعلماء اثار، وقادة راي عام ورجال دين، ومناضلين .

شهود جرائم الاحتلال شحوا واصبحوا نادرين رغم فضاعة الجريمة وضخامتها .. وكاميرات من الاعلام العربي اصبحت تحيد عن الاراضي الفلسطينية المحتلة وترصد وتوثق وتنقل جرائم الاحتلال، وانحرفت بوصلتها، ويلتهون في تغطيات لمؤتمرات الفن الجديد ونجوم السويشل ميديا، والاحتفال باكبر صحن حمص وصحن تبولة، ورغيف فلافل .

استطاعت اسرائيل ان تعزل القضية الفلسطينية وتقطع اخبارها عن العالم، واستطاعت ان تدخلها في دوامة النسيان وتمحو جرائمها من الذاكرة البشرية .

من قتل شرين ابو عاقلة سوف يقتل غيرها .. من سبعين عاما، ونحن نودع شهداء، والليل قد طال .. واجزم بالحق ..ما دام الشهداء يتساقطون يوميا، فان فلسطين لن تموت وتنسى !

و ما يبعث الامل في نفوسنا، هو ايماننا العميق بالبعث والقيامة .. وان هؤلاء الشهداء جميعا سوف يحيون على ارض فلسطين يوما .. اسرائيل تقتل وترتكب جرائم، وتحاصر الفلسطينيين في الداخل، وتطلق نيرانها القاتلة بوحشية، ناسية ان ثمة مساحة لبصيص حياة وامل من الصعب ان يغتال او يحاصر بالموت والرصاص .

عن "الدستور الاردنية"