الخلط بين الحوكمة والمصلحة الوطنية في فلسطين

حجم الخط

بقلم مروان الكفارنة

 

 

 عضو اول قيادة وطنية موحدة في قطاع غزة عبر التاريخ خاضت كثير من الشعوب مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار ونجحت كل الشعوب تقريبا في تحرير نفسها بأساليب مختلفة سواء بمحاربة الاستعمار أو بمفاوضات معه او بخليط من الأسلوبين وأسست حكوماتها الوطنية. الشعب الفلسطيني تقريبا هوا الشعب الوحيد الذي لازال تحت احتلال أجنبي ويمتلك نظامين حكم في بقعة صغيرة جدا قد لا تراها على خارطة العالم،

بالرغم ان ارضه احتلت عام 1948 بتواطؤ من القوي العظمي في العالم. وخاض ولازال الشعب الفلسطيني معركته لنيل التحرر بكافة الوسائل ولم يستطع للآن التحرر من الاستعمار لكن استطاع خلال نضاله إيجاد نظاميين حكم لا يتفقان علي شيء سوا نزعة الحكم والسلطة وكلاهما يبدعان في القمع مبررين ذلك بالمصلحة الوطنية. ان ما حدث ويحدث في فلسطين من تداخل بين الحوكمة مع التحرر الوطني أربك الحالة الفلسطينية وأوجد حالة يمكن تسميتها باللقيطة في تاريخ حركات التحرر او تاريخ الحوكمة عند الشعوب، فالحالة ليست حكومة وليست حركة تحرر ولا يمكن انهائها إلا بمعجزة إذا كان هناك مكان للمعجزات هذه الأيام. كُتب الكثير عن الانقسام وخطورته وكيفية الخروج منه لكنه مستمر منذ أكثر من 15 سنة ويعاني الشعب الفلسطيني من تبعاته وتأثيره على مستقبله وعلى عملية تحرره من الاستعمار والاستيطان الذي لم يُعرف له مثيل في العالم. يدعي النظامين انهما ممثلا للأغلبية من الشعب الفلسطيني وانهما حريصان على المصالحة وكلاهما يحكم بالحديد والنار ضد معارضيهما وكل منهما يختار تكتيكات غير مسبوقة للإضرار بالآخر ومن يدفع الثمن الحقيقي هوا الشعب الفلسطيني. إن محاولة الالتفاف علي وعي الشعب الفلسطيني والعربي وتسويق الوضع القائم للشعب الفلسطيني بأن سببه الطرف الآخر، هوا خطيئة يتحمل مسؤوليتها الطرفين وكذلك النخب السياسية الفلسطينية بكافة اطيافها. لا يجوز القبول بمبررات الطرفين ونحن نناضل من اجل التحرر ولا يجوز ان نقبل بأنظمة حكم قمعية مبرر قمعها الأساسي هو العداء للطرف الآخر، فنحن عدونا واحد وهدفنا هزيمته والوصول لحقوقنا بأساليب النضال المتنوعة والكل اتفق عليها. لا بد للحوكمة في الوضع الفلسطيني ان تخدم هدف واحد هوا الخلاص من الاحتلال وذلك بإطلاق كل ما من شأنه المساهمة في ذلك، لا يجوز التشكيك في النوايا، لا يجوز وضع مصلحة الفصيل فوق مصلحة الوطن فالفصائل هي أدوات لخدمة الوطن والسلطة سواء في الضفة أو غزة هي مرحلة من مراحل التحرير ولا ولن تكون هدفا بحد ذاتها. ان طرفي الانقسام يبدعان فيما هوا عكس ذلك ولا يوجد افاق للتغير بدون ضغط حراك شعبي وعربي وبدون العمل على تغيير في عقلية النخب الحاكمة ففيها من المناضلين والمجاهدين ما يكفي للقيادة بشكل وطني يخدم المصالح الوطنية علي حساب أي المصالح الفئوية وتجاوز عصر الجاهلية الفلسطينية. هناك أيضا مسئولية وطنية تقع علي عاتق فصائل العمل الوطني في التغيير والخروج من المأزق الوطني فيقع علي عاتق الجهاد الإسلامي خاصة والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وغيرها مسؤولية اكبر في اتخاذ المواقف المناسبة والعمل علي التأثير علي النخب الحاكمة عند طرفي الانقسام والعمل علي تأسيس ما يمكن تسميته مثلا ملتقي وطني يجمع شخصيات فلسطينية من الطرفين او يمكن ان يسمي أي اسم ، وبعد ذلك يمكن توسيعه ليشمل شخصيات من كافة اطراف الطيف الفلسطيني للاتفاق علي شكل من التوافق علي مرحلة انتقالية للاتفاق علي شكل موحد من القيادة تنتج حوكمة موحدة قائمة علي أساس توافق علي برنامج وطني يكون أساسا للسلوك الفلسطيني في المرحلة المقبلة. إن ما يمكن أن تقوم به تلك الفصائل لا يستطيع غيرها القيام به، فهي التي تعرف وجهات النظر للنخب في كلا طرفي الانقسام وتستطيع أن تحدد من يمكن اختياره وقادر علي التأثير ليكون جزء من العملية كما تعرف تفاصيل الخلافات وما يمكن ان يشكل بديل مقبول إضافة الي حاجة الطرفين لتلك الفصائل في عملهم الدعائي والسياسي بالتمثيل الوطني. كما يمكن التعاون والتنسيق مع الدول العربية بشكل او بآخر على إنجاح مثل تلك المبادرة وخاصة ان الدول العربية علنيا تساند مثل تلك المبادرات وبعضها حاول جمع الفلسطينيين وخاصة مصر. لترتقي تلك الفصائل بدورها الوطني وتتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه شعبها وقضيتها وتترك قضية الاصطفاف لمصالح حزبية ضيقة وتكون جزء من الانقسام بشكل مباشر أو غير مباشر. سيلعن التاريخ كل من يمكن المساهمة في انهاء الانقسام ولم يقم بدوره، لا نريد أن نري شعبنا منقسم بين ما يمكن أن يقال وطني وخائن.