يوم النكبة المشؤوم

حجم الخط

بقلم لواء ركن: عرابي كلوب

 

 

 أربعه وسبعون عاماً مرت على النكبة المشؤومة التي حلت بالشعب الفلسطيني بتاريخ 15/5/1948م، الذكرى المؤلمة التي تم طرد شعبنا الفلسطيني قسراً من دياره وأملاكه، حيث لم يشهد التاريخ الحديث عملية استبدال واحلال كاملة للسكان الأصليين واصحاب الارض الشرعيين بأجناس من مختلف اقطار العالم، ليس لهم علاقة بفلسطين واحضارهم للإقامة فيها بدل سكانها الاصليين كما جرى في فلسطين، حيث حصلت اكبر عملية تطهير عرقي للمدن والقرى والسكان الفلسطينيين في ذلك التاريخ.
ترجع الدعوات الى قيام دولة يهودية في فلسطين ومشاريع الاستيطان اليهودي المرافقة لها الى بداية التفكير الاستعماري في المنطقة العربية، ونتيجة لذلك فقد تبنى عدد من الزعماء الأوروبيين الدعوة لتوطين اليهود في فلسطين واقامة كيان يهودي يعمل لحسابهم.
لقد تزامنت هذه الدعوات مع ظهور بعض القيادات الرأسمالية والدينية اليهودية التي تدعو الى توطين اليهود في فلسطين، حيث جاء في كتاب الدولة اليهودية عام 1896 لـ (تيودور هرتزل ) الذي دعا الى عقد المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897م في بال، والذي تبنى مشروع وطن للشعب اليهودي في فلسطين وحدد مجموعة من الرسائل لتحقيق ذلك الهدف، وقد تسارعت الدعوات الصهيونية فيما بعد لتبني هذا الهدف من خلال زعماء المنظمات الص/هيو/نية.
لقد استطاعت الجهود الص/هيون/ية الحصول على وعد بلفور الذي ضمن فيما بعد في صك الانتداب البريطاني على فلسطين ضمان الشرعية للكيان اليهودي في فلسطين، مع تواصل الجهود الص/هيو/نية لخلق الواقع المادي المكون للدولة اليهودية.
هكذا يمكن القول أن الجهود الص/هي/ونية بالتعاون مع القوى الاستعمارية استطاعت خلق نواة اجتماعية وجغرافية وسياسية للكيان الص/هي/وني عام 1948م، وتمكنت هذه الجهود من مضاعفة سكان فلسطين من اليهود (25) ضعفاً بينما لم يكن عدد اليهود في فلسطين يتجاوز (24,000) ألف نسمة عام 1882م، ولم يكن مجموع ما يملكونه يتجاوز (25,000) ألف دونم، أي أقل من (1%) من مساحة فلسطين التاريخية، حيث تضاعف العدد الى (65,000) ألف نسمة يمثلون حوالي ثلث سكان فلسطين عام 1948م، معظمهم من المهاجرين من أصول أوروبية وأصبحوا يملكون حوالي 7% من أراضي فلسطين من خلال استخدام طرق مختلفة.
يوم 14/مايو عام 1948م، أعلنت بريطانيا انتهاء انتدابها على فلسطين وتم عملياً اجلاء القوات البريطانية، حيث أعلنت الحركة الص/هيو/نية قيام دولة اسرائيل في اليوم التالي الموافق 15/5/1948م، واعترفت بها الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي، وتوالت الاعترافات بعد ذلك،  وتوقفت فجأة المباحثات في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي كانت تبحث الشكل المقبل للوضع في فلسطين، وقد كان هذا الاعلان هو البداية لقيام حرب عام 1948م والتي انتهت بهزيمة الجيوش العربية وتوقيع اتفاقات الهدنة في جزيرة رودس باليونان عام 1949م.
لقد تم تشريد حوالي 940,000  تسعمائة واربعون ألف نسمة بعد نكبة عام 1948م حسب تقرير الامين العام للأمم المتحدة في الدورة الرابعة للجمعية العامة في حزيران عام 1949م وتدمير مئات المدن والقرى الفلسطينية، حيث أصبحت القضية الفلسطينية منذ ذلك الوقت جوهر الصراع العربي الاسرائيلي، أما الشعب الفلسطيني فقد وجد نفسه مشتتاً بين عدة أقطار عربية، وفقد مؤسساته السياسية والاجتماعية، وانشغل بصورة رئيسية في تدبير شؤون حياته المعيشية في المنافي والشتات ومخيمات اللجوء والبؤس.
بعد قيام الكيان الص/هي/وني عام 1948م تم الاستيلاء على حوالي (20) مليون دونم من أراضي فلسطين تمثل حوالي 77% من الأراضي، واحتلال مئات المدن والقرى الفلسطينية، وتدمير العشرات منها وازالتها عن الوجود، وتقليص عدد السكان الفلسطينيين الذين بقوا في الأراضي المحتلة الى حوالي (156) ألف نسمة وبذلك تم تحويلهم في الداخل الى أقلية داخل الكيان الصهيوني والباقي هاجر الى مخيمات اللجوء والشتات في الدول الصديقة المجاورة، وبقي للشعب الفلسطيني منطقتان فقط هما الضفة الغربية وقطاع غزة، لم تخضعا للاحتلال عام 1948م، حيث توحدت الضفة الغربية مع شرق الأردن لتكوين المملكة الأردنية الهاشمية بموجب مؤتمر أريحا عام 1949م، وقطاع غزة بقي تحت الإدارة المصرية وتم احتلال المنطقتين لاحقاً في حرب حزيران عام 1967م، فأصبحت جميع أراضي فلسطين محتلة.
لقد فرض على الشعب الفلسطيني التشرد والتحول الى لاجئين مع فقدانهم لأراضيهم التي طردوا منها وحرموا من العودة اليها وفي الوقت نفسه أعطى الحق لكل يهود العالم بالحضور والاستيطان في بلادنا.
ان استعمار فلسطين ارضاً وشعباً وثقافة هو يوم غضب يزلزل الأرض تحت أقدام الاحتلال.
ان حق العودة كفلته جميع الشرائع والمنظمات الدولية كما كفلت حق الدفاع عن النفس والمقاومة بكافة الوسائل المتاحة حتى نيل الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة والنفوذ وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله.
لن ننسى ولن نغفر ولن أبقى لاجئاً، وسوف أعود الى بلادي قريبا.
فلسطين لنا، الأرض أرضنا، القدس عاصمتنا الأبدية وحق شعبنا لا يسقط بالتقادم.