يديعوت : سخافات إسرائيل حيال إيران!

حجم الخط

بقلم: عوفر شيلح

 



اذا ما امتلكت ايران ذات يوم لا سمح الله قنبلة نووية سيتعين على إسرائيل إجراء حساب عميق للنفس بأي قدر ساهم سلوكنا، بالقول وبالفعل، في نشوء خطر وجودي. فالموضوع الإيراني، الذي يفترض ظاهرا أن تعالجه أفضل العقول برؤية واسعة وعديمة الاعتبارات الغريبة، هو عمليا مسيرة السخافة الإسرائيلية.
لنبدأ بمسألة الاتفاق المتبلور بين إيران والغرب. بعد خروج ترامب أحادي الجانب من الاتفاق السابق بدفع من إسرائيل، نتائجه – إيران أقرب من أي وقت مضى إلى كمية التخصيب اللازمة للقنبلة (وإن لم يكن للعناصر الأخرى من السلاح النووي) – مشكوك أن يكون شخص خبير وعاقل واحد لا يعتقد أن الاتفاق، مهما كان إشكاليا، أفضل من الواقع الحالي.
اتفاق كهذا سيعيد إيران إلى الوراء في مسار التخصيب، يستأنف الرقابة الدولية وأساسا يؤجل الإمكانية في أن تقرر إيران حقا اقتحام مرحلة القنبلة. هذا بالضبط ما حصل بعد الاتفاق السابق.
لكن الحكومة الحالية، مثل سابقاتها، تواصل القتال ضد الاتفاق. ربما لأن أحدا لا يريد أن يبدو وكأنه "ضعيف أمام إيران"، أحد الأصوات السياسية السيئة في مطارحنا، وربما انطلاقا من الرغبة لتحسينه في نقاط لا يوجد لها أي صلة بالهدف الأهم من ناحية إسرائيل – إبعاد إيران عن القنبلة.
هذا الهدف، ذو الأهمية الخاصة، يختفي منذ زمن في جملة مواضيع أخرى أهميتها طفيفة بالنسبة إليه.
تحولت المعركة حيال الإيرانيين منذ زمن بعيد من وسيلة إلى غاية، رغم أن غير قليل من المحافل الخبيرة تعتقد أنها استنفدت نجاعتها منذ الآن؛ لكن في إسرائيل لا يتوقف استخدام القوة في أي مرة.
والآن يتحدث محيط رئيس الوزراء عن نظرية "ألف قطعة صغيرة" في إطارها تنفذ إسرائيل في إيران أعمالا هجومية.
لا يدور الحديث بالضرورة عن تصفية كهذه أو تلك – إصابة يوجد فيها ما يعيد البرنامج النووي إلى الوراء يمكنها أن تكون ذات قيمة.
منذ زمن غير بعيد تحدثت محافل رفيعة المستوى، استمرارا للأنباء عن هجمة سايبر ضد محطات وقود في إيران بأن إسرائيل تحاول المس برفاه الطبقات الاجتماعية – الاقتصادية العالية في الدولة. "قشطدة طهران"، كي يؤثر هؤلاء على النظام. في مكان آخر كان هذا سيسمى إرهابا؛ في كل مكان مهما كان – هذه أعمال سخافة.
جذر المشكلة هو في الجمود الفكري في استخدام القوة كطريق وحيد لتحقيق غاية سياسية، بتبجح لاحتياجات داخلية، وبحديث بلغة الحسم ("سنحمل النظام إلى وضع يتعين فيه عليه أن يختار بين القنبلة وبين البقاء"، على حد قول بوغي يعلون).
إيران هي دولة كبيرة، مع تاريخ طويل ورؤية لقوة عظمى.
إسرائيل لن تنزلها على ركبها، مثلما لن تدمر إسرائيل برنامجها النووي بضربة عملية عسكرية – شبه هذيان آخر، شبه دعاية لاحتياجات داخلية، انفق عليها المليارات عبثاً.
درءا للشك: قنبلة نووية في أيدي النظام في إيران هي خطر جسيم على إسرائيل.
ينبغي عمل كل شيء لمنعها. لكن هذا لن يحصل بعمليات إرهاب.
إيران تحاذي من جهة دولة سنية نووية (باكستان) ومن الجهة الأخرى قوة عظمى إقليمية سنية مع سمات الإخوان المسلمين (تركيا). لها مصالح مع روسيا والصين، وخصومات إقليمية شديدة. مع خصم كهذا ينبغي الوصول إلى توازن، وحياله استخدام معركة واسعة وذكية انطلاقا من اعتبار واحد ووحيد: ما الذي سيبعد النظام عن أن يقرر الوصول إلى قنبلة؟
لقد علمنا التاريخ أن من يقرر الحصول على سلاح نووي، سيحصل عليه.
وفقا لكل المؤشرات فإن إيران ليس فقط لم تقرر ذلك بعد، بل تمتنع عن قصد عن الوصول إلى لحظة القرار.
وبدلاً من توجيه كل شيء كي لا تصل إلى هناك، نحن نستخدم القوة فقط – الأمر الذي يبعدنا عن المفاوضات التي يجريها معها العالم ومن شأنه بالذات أن يقرب النظام من هذا القرار.
هذه مسيرة سخافة وقعت في مطارحنا في مواضيع أخرى أيضا؛ غير أنها في السياق الإيراني من شأنها أن تنتهي بنتيجة أخطر بلا قياس.

عن "يديعوت أحرونوت"