أهم الأحداث .. لحظات لا تُنسى في 2015

2015-08-01-528777699-jpg-97148348321930001-jpg-91437219009534177
حجم الخط

سنة تمرّ على أحلام تخفق وأوهام تتبدّد وحماسات تتهافت، سنة عاجزة، مفكّكة، عمّقت جراحات البشرية وأعادت تشكيل ذهول المرء

ينطوي العام على صور هي في الحقيقة لحظات. بالوَقْع والصدى والصرخة والصدمة والمفارقة. تمرّ السنة تاركة خلفها أسئلة الغد والمستقبل. والهاجس والخوف. أسئلة إنسان القلق واضطراب الجماعة. وفجائية المجزرة ونمو اظافر الوحش.

سنة تمرّ على أحلام تخفق وأوهام تتبدّد، وفورة تتقلّص وحماسات تتهافت. سنة عاجزة، مفكّكة، عمّقت جراحات البشرية وأعادت تشكيل ذهول المرء. وبيّنت الأرض قصاصاً وهناء الأوطان أكذوبة. ولعلّ السنين في ذاتها، من حيث هي يوميات ووقت، لا شأن لها بما تُحمَّل إلا لكون الإنسان يُتقن التفلّت من المسؤولية. يُخفِق ويُفسِد ويتجبّر، ويتنصّل من الإخفاق والفساد والتجبّر، رامياً آثامه على الآخرين الذين باتوا جحيماً. 

شكّل الحراك الشعبي حاجة إلى روح نضرة. زيَّن شبابه سنةً مقتولةً بالضياع والكسل، وبدوا توقاً إلى صفحة جديدة. ثم ضاع الوهج وتركت الثورة الشارع هزيلاً. نُنهي سنة كالنزف المستمرّ حين لا تقوى يدٌ على بلسمته. نَزْف الأراضي المقتولة والبحار الجائعة والشطآن المخيفة. نختار عشر لحظات حفرت في الـ2015 ندبة. ولعلّ لحظات السنين لا تكتمل إن حُصرت بعدد وجرى تقليصها، وإنما لفرادة ارتقاء الصورة إلى لحظة، يحلو اختيار القليل الفارق، بكثافته وفق معيار الحدث، ووهجه فور حدوثه وكونه فرض الانشغال به في الميديا والمجتمع والثقافة، وشكّل في حياة كثر مساراً آخر.


حرق عائلة دوابشة

اشعل المستوطنون النار في منزل عائلة فلسطينية في قرية دوما، في مدينة نابلس. واستشهد الرضيع علي وعمره 18 شهراً ولحق به والديه واصيب أخيه أحمد (4 سنوات) بجروح خطيرة .

الوالد سعد الدوابشة فارق الحياة بعد معاناة شديدة، وألم رهيب مر به هو وعائلته، بعد الجريمة الارهابية التي ارتكبها المستوطنون بحقهم حين احرقوهم .

 لحظات سعد العصيبة، كانت قد رصدتها شاشة نيوز ، منذ اللحظة الاولى للجريمة، وقبل ان تدخل العائلة في الغيبوبة إلى أن غادر بعض افراد العائلة الدنيا تباعا، دون أن يعرف اي منهم مصير الآخر. والنتيجة اليوم، أب توفي، وأم لحقت به وطفل رضيع حرق، وآخر عاش لمنه لا يعرف ما الذي حل بعائلته ، لكن لن تكون حياته طبيعية، وسيردد خلالها باستمرار “ماما ماما”. 


 إيلان: مَن كان السبب؟

صورة السنة. بصدمة أن يهمد طفلٌ على شاطئ فتداعبه موجة ولا يضحك. تختزل جثة إيلان مأسي الهجرة وقوارب الغرق. يموت مهاجرون تركوا خلفهم ذلّ الوطن وفي البحر كانت النهاية. هزّ جسد إيلان النائم على الشاطئ التركي ضمير البشرية، ولعلّه كرمى لهذا الجسد، أو بفعل ما شكّل من أثر، أتاح بعض الغرب للمهاجرين مساحة أمل أكبر. يرقد إيلان تاركاً للناجين التساؤل عمن كان السبب. حطّم الموج أنفاساً رقيقة، وقست الملوحة على طراوة البدن وكُتب عن إيلان الوعظ والخطاب وخواطر الوطن. العالم يرى بعين واحدة، والثانية مفقوءة أو مصابة بالورم. ثمة في يوميات القهر مئاتٌ من إيلان. في #سوريا وأوطان الجحيم الأخرى. على الشطآن وصفحات الموج، وعلى ما تبقّى من القوارب ووحول العبور بين حدود الدول. إيلان الإنسانية وهي تلفظ أنفاسها فنتمرّد ثم ننسى.

 

الكساسبة: موت الرحمة

كان النهار هادئاً يدنو من الملل، إلى أن ضجّ الخبر: تنظيم  الدولة الإسلامية الإرهابي يحرق الطيار الأردني معاز الكساسبة في قفص ويوثّق الجريمة بالفيديو. مرعبٌ ما يحصل. جسدٌ بشري يُزجّ في قفص وتُضرم به النار حتى يتفحّم. راقبَ العالم التهام الحريق جسداً بدا مسلوب الإرادة، أشبه بمخدَّر ينتظر لفظ النَفَس. بجسد لاح عليه الاستسلام، فلم يصرخ. لم يطلب النجدة. ولم يقل وداعاً. كأنّ اللسان أُصيب بالشلل. والعقل سلّم أمره لبشاعة القدر.

داعش وحشية القرن بأنياب الدم. هزّ إحراق الكساسبة حياً الوجدان الجمعي وأتاح كراهية الدول والشعوب للتنظيم المفترس. إرهابٌ أمعن التفنّن في إعدام ضحاياه، ولم يفته توثيق المشهد. رمى من الطبقات العليا، رجَمَ، ومرة أخرى زجَّ في الأقفاص وأعدم الأحياء غرقاً. موت الكساسبة بالنار صدمة تختزل قبح الحرب. تموت الرحمة ولا تبقى من إنسان الغفران إلا الذكرى.

 

 إرهاب  برج البراجنة و باريس: للمجرزة أقدامٌ أخرى

خرق تفجيرا برج البراجنة في الضاحية الجنوبية اكتظاظ الشارع في ساعات بعد الظهر. نحو 40 شهيداً ومئات الجرحى، و"داعش" يتبنّى. مجزرة بحجم لبنان الجرح، لمس العالم نزيفها. الدول تستنكر، ومواقع التواصل تتكاتف. والمذيعات يسألن المفجوع عن إحساسه في الموقف الخطأ. لم يوفّر البعض صبياً خسر والديه يدعى حيدر. نجا من الموت فافترسته الكاميرات. استُغلّ من أجل لقطة. وبالغ كثرٌ في انتهاك فجيعة العائلة. حيدر في ذاته لحظة، كما هو عادل ترمس الذي صدّ هجوماً بروحه فقضى ليجنّب الآخرين امتداد المجزرة. قابل حيدر كريستيانو رونالدو. لاحقته الكاميرات والتقطت له الصور. حيدر نجمٌ لأنّ الخسارة فادحة. لا يدركها أطفال هذا العُمر. في الداخل، زوايا لا تُعوَّض. الأم والأب والعائلة. بقي حيدر ليتذكّر. ليسأل الله لماذا.

ثم نَبَتت للإرهاب أقدامٌ أخرى. حطّ في باريس، فيما متذوّقو الفنّ يملأون  مسرح باتكلان. فجّر الإرهاب أحقاده وصُدمت الدول بـ 11 أيلول آخر. تضامن العالم مرّة أخرى، بما يفوق التضامن مع لبنان الجلجلة، وهبَّ مارك زوكربيرغ يجعل من "فايسبوك" مساحة تلاقٍ حول الجراحات الفرنسية، فغطّى العلم الفرنسي الصور. وبدأت الملامة لأنّ بيروت لم تنل من زوكربيرغ ما نالته الفجيعة الباريسية. كانت لحظة لبنانية- فرنسية صافية، حين أُضيئت صخرة الروشة بعلمَي البلدين بعد الوجع، ولم تشأ بيروت أن تعيش الأحزان بعزلة. تشاركت مع باريس المصيبة، والمصائب تجمع. تغيّرت حال فرنسا منذ الهجوم، شُدّدت إجراءات الحدود، وضُبطت حركة المطارات، وشنّ فرنسوا هولاند الغارات في سوريا. العالم يتبدّل والرعب يتمدّد والمستقبل ضبابي. الموسيقى ستهزم الموت. لا بدّ أن تفعل.

 

إسقاط الطائرة الروسية: إرجاء ردّ الصفعة

صفع الأتراك الروس، وكادت الصفعة أن تؤلم المنطقة. إسقاط الطائرة الروسية في سماء ريف اللاذقية وضع القيصر والسلطان في حلبة. مَن يملك عضلات أقوى؟ مَن يبلغ النهاية من دون أن يتعثّر؟ شهدت 2015 حرب الأفعال وردودها. بوتين يهدّد واردوغان يتوعّد والدول بين الطرفين تراقب بحذر. وفي حدث منفصل، شارك العالم بأسره الروس صدمة إسقاط "داعش" الطائرة في سيناء. كان ذلك قبل "صفعة" سماء ريف اللاذقية، فحام شبحٌ فوق شرم الشيخ، خافها الآخر، وازداد التوتّر. ثم كانت خشية أن تمتدّ النيران السورية إلى حلبة روسيا- تركيا وتبلغ الذروة بعدما تلقّت روسيا الضربة الثانية. على تركيا أن تعتذر، يرفع بوتين النبرة. لا اعتذار، يُعنّد اردوغان. والمنطقة بينهما بركان. تقسو اللهجة وتلين. لا بدّ من امتصاص الغضب. واستمرار الخديعة. نحن شعوب مسكينة لا تعلم شيئاً. تنتظر فقط. سمعت أنّ الطائرة أُسقِطت وانفجرت. وقفز الطياران بواسطة مظلّتين بعد تحطّم الطائرة. بوتين واردوغان ولعبة الكباش الطويلة. النظرات المتوعّدة. الحساب وإن تأخر. أنانية الدول.

اغتيال سمير القنطار

سمير القنطار  المعرف بعميد الاسرى المحررين اللبنانیین كان أقدم سجين لبناني في إسرائيل.

 في 22 أبريل 1979، عندما كان في السادسة عشر والنصف من عمره، قاد مجموعة من أفراد جبهة التحرير الفلسطينية عبر الانطلاق بحراً بزورق مطاطي إلى مدينة نهاريا الساحلية بشمال إسرائيل. اقتحمت المجموعة منزل عائلة هاران واختطفت داني هاران وابنته الطفلة عينات هاران التي كانت في الرابعة من عمرها. وحسب قرار المحكمة الإسرائيلة التي حاكمت القنطار، المستند إلى تحليل الشرطة الإسرائيلية للمعثورات الموجودة في موقع الحدث، فإن القنطار قتل الاثنثين على شاطئ البحر. أما القنطار نفسه فيقول إنه لم يقتل الاثنين وإنما هما قُتِلا في تبادل النار مع الشرطيين الإسرائيليين الذين لاحقوه إلى شاطئ البحر، كما يرد في مقابلة له مع صحيفة معاريف الإسرائيلية ومع قناة المنار التابعة لمنظمة حزب الله اللبنانية. أضافت الولايات المتحدة اسمه الى لائحة الإرهاب السوداء.

فجر الأحد 20 ديسمبر/كانون الأول قامت طائرات اسرائيلية باغتيال القنطار بعدما استهدفت مبنى في منطقة جرمانا بالعاصمة السورية دمشق كان يتواجد به القنطار.