العلاقة مع السعودية: تفاصيل لم تعد سرّية .. في انتظار وصول بايدن

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 


سلسلة محافل أمنية وسياسية رفيعة المستوى زارت في السنوات الأخيرة السعودية، - هكذا يمكن النشر الآن، في ضوء الجهد الأميركي الحالي للتقريب بين الدولتين.
زيارات الإسرائيليين إلى الرياض تجري منذ أكثر من عقد، يدور الحديث عن زيارات سرية باستثناء واحدة لم تكن أبدا علنية.
الشاذة الوحيدة كانت زيارة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، في تشرين الثاني 2020 إلى مدينة نيوم التي على شواطئ البحر الأحمر، حيث التقى بولي العهد محمد بن سلمان.
وشارك في اللقاء وزير الخارجية الأميركي في حينه مايك بومبيو. سافر نتنياهو إلى هذا اللقاء في طائرة خاصة، استؤجرت خصيصا. كما أن معظم الرحلات الجوية الأخرى لكبار المسؤولين الاسرائيليين إلى المملكة تمت في طائرات خاصة.
من نظم في حينه اللقاء من الجانب الإسرائيلي، ورافق بالطبع، كان رئيس الموساد السابق يوسي كوهن.
كوهن ليس رئيس الموساد الوحيد الذي زار السعودية. سلفاه، مئير داغان وتمير باردو زارا الرياض.
وعقدت اللقاءات أيضا في مستويات أدنى في الموساد، بقيادة رؤساء قسم «تيفل»، القسم في الوزارة المسؤول عن العلاقات الدولية سواء مع الدول التي توجد لإسرائيل معها علاقات دبلوماسية وأساسا مع دول تبدأ فيها العلاقات معها سرا، مثل السعودية.
مسؤولون في الجيش وجهاز الأمن الإسرائيلي زاروا هم أيضا في العقد الأخير السعودية.
أولهم وأبرزهم كان بيني غانتس، الذي زار السعودية بينما كان يتولى منصب رئيس الأركان.
عقدت لقاءات مع السعوديين أيضا في مستويات أخرى وأماكن أخرى، بمشاركة بضعة جنرالات وكذا محافل مختلفة من وزارة الدفاع.
زار الرياض أيضا بعض رؤساء مجالس الأمن القومي، وبينهم كوهن ومئير بن شباط. وأجرى مندوبو هيئة الأمن القومي لقاءات مع مسؤولين سعوديين في دول ثالثة أيضا، وأساسا في الخليج وفي أوروبا.
استهدفت هذه اللقاءات توثيق التعاون الأمني بين الدولتين، اللتين تتصديان لسلسلة طويلة من التهديدات المشتركة، وعلى رأسها إيران.
تتعرض السعودية بتواتر عالٍ لهجمات من فروع إيران – الحوثيين في اليمن وأساسا بصواريخ باليستية ومؤخرا أيضا بمسيرات وصواريخ جوالة. كما أن إيران كانت مسؤولة مباشرة عن هجمة المسيرات في أيلول 2019 على منشآت شركة النفط السعودية «أرامكو»، التي تعرضت لأضرار مادية واقتصادية جسيمة.
في منتصف العقد السابق ساعدت إسرائيل السعودية للاستعداد وللتصدي الأفضل للتحديات المحدقة من جانب تنظيم داعش، الذي هدد استقرار الأنظمة السنية في كل المنطقة.
ولم تكن السعودية الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تقم علاقات مع إسرائيل وتمتعت بمساعدة كهذه: فقد كشفت منشورات عديدة أن إسرائيل أدارت اتصالات مكثفة مع اتحاد الإمارات والبحرين قبل التوقيع على اتفاقات إبراهيم، وكذا مع سلسلة من الدول الأخرى التي اختارت البقاء خارج الاتفاقات، وعلى رأسها قطر وعُمان.

التصفية – والانعطافة
يستند الجهد الإسرائيلي لمساعدة السعودية في قسم منه أيضا إلى التفوق التكنولوجي لإسرائيل.
فحسب منشورات مختلفة، فتح كوهن، حين كان رئيسا للموساد الباب لشركة NSO التي باعت للسعوديين برنامج التجسس من إنتاجها، بيغاسوس. ولاحقا اشترت السعودية قدرات سايبر أيضا من شركات إسرائيلية أخرى، بعضها مباشرة وبعضها من خلال عقود ثانوية مع شركات أجنبية.
صعد استخدام تكنولوجيات NSO إلى العناوين الرئيسة بعد تصفية الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2018.
وربطت سلسلة من المنشورات ملاحقة الصحافي ببرنامج بيغاسوس – وهو ادعاء نفته شركة NSO بثبات. كما أن إسرائيل هي الأخرى اتهمت بأنها شجعت بيع التكنولوجيات لأنظمة غير ديمقراطية، استخدمتها لملاحقة معارضين سياسيين، نشطاء حقوق إنسان وصحافيين.
بعد موجة أخرى من المنشورات في السنة الماضية، تشددت إسرائيل جداً في شروط بيع تكنولوجيات السايبر الهجومية، بما في ذلك للسعودية. وأوقفت NSO مبيعاتها للدولة حتى قبل ذلك.
جهد لتوثيق المحور
تلقي تصفية خاشقجي بظلالها اليوم أيضا على العلاقات بين إدارة بايدن والحكم في السعودية، وأساسا على العلاقة مع ابن سلمان، الرجل القوي في المملكة.
قاطعه الأميركيون عمليا، لكن يخيل الآن أنه طرأ تغيير ما في نهجهم. ويحتمل أن يكون التغيير ينبع ضمن أمور أخرى من رغبة واشنطن في تعزيز الحلف الإقليمي ضد إيران، بعد أن علقت الاتصالات للتوقيع على اتفاق نووي جديد في حالة جمود.
سيزور رئيس الولايات المتحدة بايدن الشهر القادم الرياض، في وقت قريب من زيارته إلى إسرائيل. وكان الصحافي باراك رابيد أفاد الأسبوع الماضي في موقع «واللا» بحملة مكوكية أميركية بين القدس والرياض في محاولة لإحداث اختراق في العلاقات بين الدولتين.
ولأجل تحقيق ذلك سيسعون في واشنطن لتلطيف حدة موقفهم من ابن سلمان، الذي هو الشخصية الأساس في العلاقات مع إسرائيل.
ابن سلمان، الذي يرى في إسرائيل مصدر استقرار في المنطقة – كان اشبين هذه العلاقات في السنوات الأخيرة. وزعم في الماضي أنه دعم انضمام السعودية إلى اتفاقات إبراهيم لكن الجيل القديم والمحافظ، برئاسة أبيه الملك سلمان كبح جماحه.
توجد لإسرائيل مصلحة كبيرة في دفع العلاقات مع السعودية إلى الأمام. والسبب الأساس لذلك هو سياسي أمني يتمثل بتوثيق المحور المعارض لإيران ومرعييها ولجهات راديكالية أخرى في المنطقة، وكذا خلق رافعة ضغط أخرى على الفلسطينيين. سبب آخر لذلك هو اقتصادي – الرغبة في عقد صفقات بين السعودية الغنية وشركات إسرائيلية.
في السنوات الأخيرة عقدت لقاءات عديدة، مباشرة وغير مباشرة، بين شركات إسرائيلية ومحافل سعودية مختلفة، رسمية وتجارية.
ويبدي السعوديون اهتماماً شديداً في شراء قدرات إسرائيلية، وأساسا في مجال الأمن، التكنولوجيا والزراعة. وبعض من الاتصالات نضجت أو من المتوقع أن تنضج إلى صفقات، وفي إسرائيل يأملون بأن يتسارع الأمر، إذا ما نجح الأميركيون بالفعل في تحقيق اختراق مهم في العلاقات بين الدولتين.

 عن «إسرائيل اليوم»