يوم 29 مايو 2022، سيبقى في الذاكرة الوطنية الفلسطينية، بأنه نقطة فصل في الصراع حول القدس، المدينة المقدسة وطنيا وسياسيا لفلسطين، بـ "غزوة الأقصى"، التي دنست جزءا من واقعها بمسيرة أعلام الفاشية اليهودية.
وإن كان الحدث بذاته "رجس سياسي مكتمل الأركان"، فما قاله رئيس الطغمة الإرهابية الحاكمة في تل أبيب، نفتالي بينيت حول القدس، بأنها ستبقى موحدة الى الأبد ولن تقسم أبدا، شكل "بصقة سياسية كبرى" في وجه الرسمية الفلسطينية، التي وقفت على قارعة طريق المواجهة الشعبية متفرجة عبر إعلامها المصاب بحول خاص.
من المفيد تذكير الرئيس محمود عباس بصفته أحد أعضاء "خلية مفاوضات أوسلو" الستة برئاسة الخالد ومهندسها الحقيقي ياسر عرفات، والرئيس عباس من موقع اتفاق اعلان المبادئ في ساحة البيت الأبيض سبتمبر 1993، بمادة من ذلك الاتفاق حول مواضيع الحل الدائم، الخاصة بالقدس، المستوطنات، الحدود، الأمن واللاجئين، والتي نصت على عدم المساس بما هو قائم وما يجحف بتلك القضايا، والصيغة التي جاءت "تسوية" حول وقف النشاط الاستيطاني، فاستبدل الوقف بعدم المساس بالقائم، وكذلك حول القدس غربها وشرقها، وليس المحتل منها عام 1967 فقط، وفي حينه اعتبر ذلك نصر سياسي كبير، بأن توافق حكومة الكيان على مفاوضات القدس بشقيها، تكريسا لقرار الأمم المتحدة حولها.
ورغم انتهاء مفعول الاتفاق كليا من جدول أعمال حكومات الإرهاب السياسي اليهودي المتتالية منذ يونيو 1996 برئاسة نتنياهو، مرورا ببراك فشارون وأولمرت وليفني فنتنياهو وحتى تاريخه مع حكومة الثلاثي ونصف بقيادة بنيت، الا أنه يمكن استخدام تلك المادة الخاصة ليس للحديث مع لا حديث معهم، بل مع الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، الذين يبحثون عرقلة القيام بأي خطوة نحو فك الارتباط بالكيان، وفقا لقرارات الشرعية الرسمية منذ 2015، مادة منتهكة منذ 2004 كما كل الاتفاق.
وما دام الرئيس عباس ومن معه، لا زالوا يعيشون على "أمل تفاوضي ما"، فتلك نصوص لا تحتاج لا خبراء ولا مفسرين ولا مترجمين، فهي غاية الوضوح، بعدم القيام بأي خطوة تمس مواضيع الحل الدائم ومنها القدس والمستوطنات، فاين منها والنشاط التهويدي – الاستيطاني في الضفة، ومنها تصريح رأس الفاشية اليهودية الحديثة بينيت.
تصريحات بأن القدس موحدة لن تقسم ابدا، ليس وجهة نظر لطرف حزبي خارج القرار، بل هي الحكومة التي مفترض أنها موقعة على اتفاق اعلان المبادئ 1993، ومن بينها الاعتراف المتبادل بين دولة الكيان ومنظمة التحرير، أما وأنها ليست بذي صلة بكل ذلك، ما الذي يعيق الرئيس عباس وفريقه من تنفيذ المقر وطنيا.
الكارثة الكبرى، هو أن يبحث الرئيس عباس عن إرضاء رغبات أمريكا، التي خانته في كل ما وعدته منذ أن فرضته كأول رئيس حكومة عام 2003، حتى آخر تعهدات بايدن، الذي يعمل على توجيه مزيد من الإهانات الوطنية للشعب الفلسطيني عبر لعبة تعيين ممثل بديلا لفتح قنصلية في القدس الشرقية، وله شخصيا بأن تعمل على وضعه في مواجهة عداء سياسي مع شعبه.
إذا لم يذهب الرئيس عباس و"الرسمية الفلسطينية"، اليوم قبل الغد، الى تنفيذ بعض قرارات الشرعية الفلسطينية، وأولها تعليق الاعتراف المتبادل وإعلان دولة فلسطين ومعها وقف التنسيق الأمني بشكل كامل وحقيقي، فالنتيجة أن "الشرعية" تفك ارتباطها بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وهي قبل غيرها من يفتح كل أبواب البدائل الهزيلة لمخطط "النتوء الكياني ومحميات متبعثرة" تحت وصاية غير فلسطينية.
من يحاول "إرضاء" أمريكا على حساب القضية الوطنية وشعب فلسطين، مآله مكانة في زاوية من التاريخ مكتوبة بأحرف غاية السواد، مزخرفة بكلمات الرجم السياسي الحاد.
ملاحظة: اعتراف وزير جيش العدو القومي بوجود منظمات عنصرية إرهابية تمثل خطرا عليهم داخل كيانهم، تحتاج من كل مؤسسة فلسطينية استخدامها، خاصة وهي التي قادت مسيرة أعلام الفاشيين في القدس..منظمات لم تعد هامشية أو أفرادا بل جزء من "منظومة الحكم القائم"...تذكروا يا نايمين!
تنويه خاص: تبريرات فصائل البرم الكلامي ما بعد غزوة الأقصى كانت فضيحة تفوق فضيحة تصريحات العنطزة الفارغة...المصيبة أن كبارهم كانوا عارا بكلامهم أكثر من "صغارهم" ومخبريهم...مرة تعلموا تخرسوا!