عقدة النقص في الدولة النكرة

AZ01p.jpeg
حجم الخط

بقلم د.أسامة الفرا

 

 

 لم نسمع بدولة سورينام إلا في مناسبتين وإن كانتا مختلفتين إلا أنهما تتقاطعان في غرابتها، المرة الأولى كانت نهاية العام الماضي حين شارك نائب رئيس دولة سورينام في مباراة كرة القدم التي جمعت فريق النادي الذي يمتلكه "انتر" مع نظيره فريق أوليمبيا من هندوراس ضمن دوري "كونكاكاف"، يومها ارتدى نائب الرئيس قميص الفريق وعليه الرقم "٦١" إشارة إلى سنة ميلاده أي أنه أنهى العقد السادس من العمر، وبطبيعة الحال إختص نفسه بشارة الكابتن وحجز مكانه في قلب خط هجوم فريقه وعلى يمينه أشرك قريباً له على قاعدة الأقربون أولى بالمشاركة، لم يكتف نائب الرئيس بذلك ولم يخجل من نتيجة المباراة التي إنتهت بخسارة فريقه بستة أهداف دون رد مع الرأفة بحاله، بل أنه قام بتوزيع الأموال على لاعبي فريق هندوراس وهي الفضيحة التي تسببت في إقصاء الناديين من دوري "كونكاكاف" للأندية.
المرة الثانية كانت بالأمس مع نية دولة سورينام فتح سفارة لها في القدس، جاء الخبر بعد اللقاء الذي جمع وزير خارجية سورينام بنظيره الإسرائيلي طبقاً لبيان وزارة الخارجية الإسرائيلية، وسورينام الدولة الفقيرة كان يكفيها رشوة صغيرة من إسرائيل، جاءت تحت مسمى مساعدات إنسانية لسكان سورينام الذين باتوا بلا مأوى بفعل الفيضانات، ليكون مقابل ذلك فتح سفارة لها في القدس، تلك المقايضة التي تعيد للأذهان المقايضة الأسوأ في التاريخ حين تنازلت هولندا في القرن السابع عشر عن مستعمرة نيو أمستردام "والتي أصبحت لاحقاً مدينة نيويورك الأمريكية" لصالح أعدائهم الإنجليز مقابل تنازل الانجليز عن مستعمرة سورينام لصالح هولندا، حيث يبدو أن سورينام ما زالت تعاني من عقدة النقص جراء هذه المقايضة والفارق المذهل بين ما هي عليه نيويورك اليوم والحال الذي عليه سورينام حيث لا ماض ولا حاضر ولا مستقبل لها.
رغم ذلك تثير نية سورينام فتح سفارة لها في القدس الكثير من الشجون، فهي عضو في منظمة التعاون الإسلامي تلك المنظمة التي تأسست في الرباط حين التقى زعماء العالم الإسلامي للتباحث في الجريمة الإسرائيلية المتعلقة بحرق المسجد الأقصى في أغسطس ١٩٦٩، وسورينام التي تعتبر أكبر تجمع للمسلمين في أمريكا الجنوبية من حيث نسبة السكان حيث أن ٢٠٪ من مواطنيها هم من المسلمين الذين جاؤوا إليها من دول إسلامية مختلفة " أندونيسيا والهند وباكستان وأفريقيا والشام"، ورغم هذا الثقل الوازن للمسلمين فيها إلا أنهم منشغلون بالصراع المذهبي فيما بينهم وتلاشت معه قدرتهم على التأثير في سياسة الدولة، ألا يكشف ذلك عن القصور البين للدول الإسلامية؟، ألم يكن بإستطاعة دولة إسلامية واحدة بفتات موائدها أن تكون صاحبة اليد العليا في سياسة تلك الدولة؟، وإن لم يكن بهدف التأثير على سياستها فعلى الأقل دعم المسلمين فيها؟.
ألا يحق لنا أن نتساءل أين هم الدعاة والمشايخ من مساندة إخوانهم المسلمين في سورينام وتعزيز وجودهم، أم أن سنامة عملهم الدعوي تكمن في احتلال المواقع الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي ليخرجوا علينا بفتواهم أن الترحم على الشهيدة شيرين أبو عاقلة حرام ولا يجوز؟، وأخذنا البعض منهم إلى سرداب أن من ترحم عليها يستتاب فإن تاب وإلا قتل؟، وهل ستقف منظمة التعاون الإسلامي صامتة وتبقي على عضوية سورينام فيها إن قامت بفتح سفارة لها في القدس سيما وأنها ستكون العضو الأول في المنظمة الذي يتجرأ بفعل ذلك؟.