يوم احتلال/ تحرير القدس أتذكره جيداً. وبالذات لسبب غريب جداً. في 1967، بصفتي تلميذ ثانوية عملت مع رفاقي في المدرسة كمشارك في نقل الجرحى بالحمالات في مستشفى "هداسا" في تل أبيب. في ساعة ما بعد الظهر صدر عدد الصحيفة المسائي لـ "معاريف" وجاء في العنوان الرئيس: "علم صهيون مرفوع فوق الحرم". أحد المارة طلب منا التمعن في الصحيفة، وحاول أن يقرأ العنوان بصوت عالٍ: فقرأه بطريقة شوهاء فلم يفهم المعنى. شرحنا له أنه بعد 19 سنة سيطر الجيش الإسرائيلي على كل القدس، العاصمة الخالدة لشعبنا.
في السنة الأولى بعد الحرب، كنا نسافر بين الحين والآخر إلى المدينة لنستمتع بأجواء توحيد المدينة. وحين تقرر في القانون يوم عيد في يوم القدس رأيت ذلك بفرح وفخار. حكومة إسرائيل برئاسة ليفي أشكول من "المعراخ" هي التي قادت الخطوة التاريخية، ورئيس البلدية الأسطوري الذي كان رمز وحدة المدينة، تيدي كوليك، وهو الآخر من "المعراخ"، تصدر فكرة تثبيت أن القدس هي مدينة موحدة في الوعي.
لأسفي، في السنوات الأخيرة سيطر تيار مسيحاني – ديني على احتفالات توحيد المدينة، وأنا أجد نفسي، لاستيائي، مقصياً نفسياً عن الاحتفالات. احتفالات توحيد المدينة أصبحت على مدى السنين ظاهرة سياسية وليس عرضاً لفرح حقيقي. يصعب علي أن أفهم: إذا كانت مسيرة الأعلام هي رمز سيادة إسرائيل على كل المدينة، فلماذا لا تنظمها حكومة إسرائيل؟ من مشاهدة البث التلفزيوني للمسيرة أكاد لا أرى محتفلاً واحداً لا يعتمر الكيباه. فضلاً عن ذلك، فإن مسيرة تطلق فيها هتافات "الموت للعرب"، ليست مسيرتي. السلب والنهب لمحلات العرب ليس نوعاً من الاحتفال الذي يخصني.
أفضل رفاقي الأكبر مني سناً قاتلوا في سبيل القدس في لواء المظليين، في المدرعات، في الهندسة القتالية، وفي اللواء المقدسي (ولتغفر لي قوة مقاتلة نسيت ذكرها). انطلقوا إلى المعركة وكانوا مستعدين لأن يضحوا بحياتهم على مذبح الدفاع عن دولة إسرائيل. كراهية العرب لم تكن دافعهم. كما أني لا أحب أن يصبح علم إسرائيل أداة سياسية. هذا يحصل أيضاً في ملاعب كرة القدم التي ترفع فيها لسبب ما أعلام إسرائيل في المدرجات فقط في المباريات ضد الفرق من الوسط العربي.
إذاً لي توجه انفعالي للمنظمين والمشاركين في مسيرة الأعلام، إذا ما جرت في السنة القادمة: أعيدوا لي العيد. أعيدوا لي القدرة على الانفعال لتوحيد المدينة.
عن "معاريف"