ولد الفتى براء قدورة في الدنمارك من أبوين فلسطينيين، قرر المنافسة في برنامج "إكس فاكتور" وهو لم يتعدى الخامسة عشرة من عمره.
تخطى حاجز الاختيار، وهو منذ أسابيع يصعد على المسرح مكررًا تخطيه لمرحلة تلو الأخرى، يصوت له المشاهدون في منازلهم، وهم الذين يتابعون مساء كل جمعة، بثا مباشرا للقناة الرسمية الأولى للتلفزة الدنماركية. كسر براء بمشاركته صورًا نمطية عديدة، في الفن والموسيقى والغناء، وبوجود والديه المساندين له بين الجمهور.
والدة محجبة وأب ملتح وأخوان صغيران, عائلة لا تختلف عن بقية العوائل التي تساند الشابات والشباب في المنافسة. صورة نمطية وضعت في قوالبها، ليس المنطقة التي يعيش فيها براء، وهي ضاحية "برابراند" من ضواحي المدينة الثانية في البلاد "آرهوس"، بل معظم المهاجرين، وخصوصا العرب والفلسطينيين تحديدًا.
كان براء في المنافسة منذ بداية العام، حين جرى هجوم كوبنهاغن الشهر الماضي، دون أن يؤثر ذلك في استمراره في تخطي المراحل. في الحلقتين الماضيتين من البرنامج كان على الفتى الفلسطيني أن يغني منافسًا أحد المشاركين ليختار الحكام بينهما، وفي المرتين تخطى براء المرحلة. لكن الجمعة الماضية شهق الحكام بكاء وهم يرون كيف أن أصغر متسابق في البرنامج، كان مضطرًا لأن يتم الاختيار بينه وبين شابة أخرى نمت بينهما صداقة.
براء أسر قلوب الجمهور والحكام في ولعه وعشقه للغناء، وبتأثر كبير من حكم قاس قال لبراء: "لا يمكنني التخلي عنك، أعرف كم هي قاسية خلفيتك وحياتك".
ببراءة طفولية في تلقائية التصرف والممارسة يتخطى براء حواجز كثيرة، وربما موانع أكثر، بدعم والديه وجمهور يتفهم طموحات فتى مراهق، لم يمنعه ولعه بالغناء من أن يكون مواظبًا على دراسته.
مساء كل يوم جمعة، يتحلق ملايين المشاهدين لمتابعة مجريات إكس فاكتور، ومثلهم يفعل سكان تلك الضاحية حاملين هواتفهم ليصوتوا لبراء، حتى يستمر في المنافسة مع بقية المشاركين.
كان الفتى قد وعد هؤلاء في أول تخط لحاجز الاختيار، بأنه سيصل إلى المراحل النهائية من البرنامج. ولم يثر مشارك في السابق ما أثارته مشاركة هذا الفتى، من حيث اختلاط الخلفية الثقافية لنشأته ومكانها وتداخل الحدث مع البرنامج.
لكن كثيرين وضعوا تلك المشاركة، في إطارها الدال على إمكانية تحدي كل العقبات التي يمكن لأبناء الجيل الجديد من المهاجرين، تخطيها ببعض التشجيع والاعتراف.
نقاش يختلط فيه الفن بالاجتماع والسياسة والدين، لكن في الفنون، وهي خيار كثير من شباب وشابات من أصول مهاجرة، ما يعبر عنهم وعن طموحاتهم. وبتلقائية براء، وقبله الشاب من أصول مغربية "باسم"، (الذي غنى باسم الدنمارك في العام الماضي في مسابقة الأغنية الأوروبية)، يخط بعض هؤلاء طريقهم الذي يصبح مع الوقت دليًلا لآخرين، يبحثون عن مكانة ومساواة في مجتمعات ما تزال تحبو بين تعددية ثقافية وانغلاق على الذات.
سبق أن احتل كثيرون مواقع الصدارة في الموسيقى والرقص والرياضة والفنون، وربما هو استلهام أبناء الضواحي لنجاحات سابقة، ما يدفع براء وغيره لأن يكونوا منافسين أمام ملايين المشاهدين. فهو الذي قال في أول مؤتمر صحافي لأصغر مشارك: "إذا كان باسم قد فعلها قبلي فلَم لا أفعلها؟".
لم يمنع ولع براء قدورة بالغناء أن يقول إنه يحلم بإتمام دراسته، ليصبح معالجاً فيزيائياً أو ممرضاً. لقد اهتمت وسائل الإعلام ببراء لاجتماع عوامل متعددة، جعلت منه بالفعل نجم تلك الصحافة وآسر قلوب الدنماركيين كما أطلقوا عليه.