يديعوت: تغيير الاتجاه: ضرب إيران على أرضها

حجم الخط

يديعوت ، بقلم: رونين بيرغمان

 

بضع حوامات قوية من طراز متعدد اللهيب حملت عبوات ناسفة شديدة الانفجار، تفجرت، الأربعاء الماضي، مباشرة في مبنى محدد، في داخل المنشأة العسكرية السرية للغاية في محافظة «بارشين»، المجاورة لطهران.
حسب منشورات في العالم، فإن هذا هو الموقع الذي يعمل فيه رجال وزارة الدفاع الإيرانية على بحوث سرية في مجال المشروع النووي، وبشكل منفصل أيضاً في تطوير مسيّرات عسكرية متطورة. من وثائق الأرشيف النووي الإيراني، الذي سرقه «الموساد» الإسرائيلي في 2018، كانت صور من داخل الموقع في بارشين، لمنشآت للتجارب على «مواد متفجرة سريعة» – عنصر حيوي في تكوين رأس نووي متفجر.
لقد وصفت محافل إيرانية رسمية منذ الآن الانفجار في المنشآت في بارشين كـ»حدث» وليس كـ»حادث»، والمهندس الجوي الذي قتل فيها كـ»شهيد»، أي من قتل في معركة وليس بسبب خلل.
يوجد للحوامات مدى محدود، ولهذا فهي يمكنها أن تقلع أغلب الظن من داخل إيران فقط. بكلمات أخرى: من وقف خلف العملية كان يعرف ليس فقط أنه يوجد في المكان مختبر سري، وليس فقط أين بالضبط يوجد في عمق المنشأة السرية العسكرية، بل نجح أيضاً في أن يهرّب إلى داخل طهران الحوامات، بل وأن ينشر فريقاً برياً في داخل إيران يطلقها ويتحكم بها بالضبط حتى الهدف. هذا تسلل عميق إلى داخل منظومة الاستخبارات الإيرانية، وحدات التطوير في وزارة الدفاع، وكل أشكال الحراسة والدفاع في إيران على حدودها وما يجري في نطاقها. وكل هذا حدث بعد ثلاثة أيام فقط من إطلاق النار وقتل عقيد في منصب سري للغاية في قوة القدس من الحرس الثوري في قلب طهران.
بداية سلسلة الأحداث الأخيرة يمكن أن نعيدها إلى 14 شباط من هذا العام، حين اعترضت طائرات قتالية أميركية فوق العراق مسيّرتين انطلقتا من إيران وكانتا في طريقهما لضرب أهداف في إسرائيل كنوع من الرد الإيراني على سلسلة تصفيات وتخريبات عزتها طهران لـ»الموساد» ضد منظومتها النووية.
إن سلسلة العمليات التي وقعت بعد إطلاق هاتين المسيّرتين نسبت لإسرائيل. وظاهراً يمكن أن نتعرف على أنه إضافة إلى أعمال التخريب، سرقة الوثائق السرية والاغتيالات المتعلقة بالمشروع النووي الإيراني، اتسعت الأعمال الأخيرة وضربت أهدافاً تتعلق أيضاً بإنتاج الطائرات وتطويرها واستخدام إيران لأدوات الإرهاب.
كما أن العمليات تعكس تغييراً جزئياً في الإستراتيجية، يعكس على الأقل مفهوماً قتالياً أكثر عدوانية تجاه إيران، يحق لرئيس الوزراء نفتالي بينيت وحده أن يقرره.
لقد عثر على المسيّرتين في شباط وهما في طريقها إلى إسرائيل بالرادار الأميركي في إحدى دول الخليج. أسقطت الطائرتان وأزيل التهديد، ولكن هذه كانت حالة واحدة من بين سلسلة طويلة من المحاولات الإيرانية لإطلاق مسيّرات مع مواد متفجرة إلى إسرائيل ووسائل قتالية إلى «حماس»، أو لأهداف جمع المعلومات أو لأهداف انتحارية على أهداف في إسرائيل.
بحث الإيرانيون عن مسارات مختلفة للثأر، وبعد أن أحبطت جميعها اختاروا المسيّرات كوسيلة مفضلة. صعب عليهم في مجالات أخرى أسهل بكثير بالمسيّرات حيث يوجد لهم تفوق تكنولوجي نسبي – فهذه وسائل طيران صغيرة، مع انكشاف متدنٍ على الرادارات يصعب تشخيصها واعتراضها.
في أيلول 2019 تعرضت للهجوم منشآت شركة النفط السعودية أرامكو بصليّة متداخلة من الصواريخ الجوالة والمسيّرات. في إسرائيل وفي الولايات المتحدة فوجئوا من جسارة القيادة الإيرانية على إقرار مثل هذا الهجوم، وبقدر لا يقل – من القدرات التكنولوجية العملياتية التي تجسدت بالهجوم. في أعقاب الحدث طرح موضوع التصدي للمسيّرات في إسرائيل على سبيل الأولوية العليا. كما أن الجنرال فرانك مكنزي، القائد المنصرف لقيادة المنطقة الوسطى الأميركية قضى بأن المسيّرات هي التهديد المركزي على جنوده في الخليج.
في إسرائيل ردّوا بشكل عام على هجمات من هذا النوع بهجمات على أهداف إيرانية في سورية. أي، ليس شيئاً يرتبط مباشرة بالتهديد أو بمحاولة المسّ، بل مسّ عام بما هو سهل نسبياً وبما هو معروف أنه لا يخلف مخاطرة مهمة بالتدهور. لكن في شباط من هذا العام، بعد 24 ساعة من إطلاق المسيّرات، قصفت الحوامات منشأة إنتاج وإطلاق المسيّرات في كرمنشاه، حيث انطلقت الحوامتان اللتان أسقطتا – ودمرت مئات المسيرات الإيرانية. إذا كانت إسرائيل هي التي تقف خلف هذه العملية، فلا بد أن هذا رد مختلف.
فوق كل هذا يحوم ظل الاتفاق النووي الذي لم يوقّع بعد بين الولايات المتحدة وإيران. يؤمن الكثيرون في جهاز الأمن بأن الاتفاق لن يشطب عن جدول الأعمال حتى بعد أن وعد بايدن بألا يشطب الحرس الثوري عن قائمة منظمات الإرهاب، وإنما مسألة وقت فقط إلى أن يعود الطرفان إلى طاولة المفاوضات.
إلى جانب الجدال داخل المؤسسة الرسمية، هل ينبغي لإسرائيل أن تعارض الاتفاق أم تتركه يحصل؟ مثابة الاختيار بين أهون الشرين. يبقى السؤال: ماذا سيكون مصير الأعمال المنسوبة لإسرائيل ضد إيران وعلى الأراضي الإيرانية إذا ما وقّعت الولايات المتحدة وأصبحت مطالبة من الإيرانيين بلجم حليفتها في الشرق الأوسط؟