توجد لمنصور عباس كل الأسباب المبررة كي يشعر بالإحباط. لا يوجد أي سياسي يمر بما يمر به. وضعه جميع اللاعبين في الساحة على رأس قائمة تصفياتهم: أيمن عودة، أحمد الطيبي، الليكود، بتسلئيل سموتريتش، إيتمار بن غفير، وحتى "حماس". عندما كانت قناة "الجزيرة" تبث مسيرة الأعلام وضعت عباس في بؤرة التغطية. وكأنه دون مشاركته في الائتلاف لم يكونوا في باب العامود ليغنوا: "لتحترق قريتكم"، وليهتفوا: "محمد مات".
"كيف يمكن الوقوف أمام كل هذه القوات؟"، تساءل أمامي وبحق شخص رفيع في "راعم". بعد ذلك أرسل لي صوراً من لجنة الداخلية التابعة للكنيست برئاسة وليد طه من حزبه. "لقد اجتمعنا وحدنا دون أي ممثل من وزارة الداخلية، رغم أن الجلسة كانت مقررة مسبقاً. شاكيد نفسها قالت لنا: "تناقشوا وحدكم. أنا لا أراكم من بعد متر". أنا أريد أن أقول: إنهم حتى في الائتلاف لا يساعدوننا حقاً أمام جميع من يريدون القضاء علينا".
كل ذلك صحيح. ولكن عباس يخطئ خطأ كبيراً، الذي يمكن أن يضيع كل الجهود البطولية التي بذلها في السنة والنصف الأخيرين. وحسب رؤيته الأصلية، منذ دخولها إلى الائتلاف كان يجب على "راعم" أن تراكم لنفسها صورة "شاس" العربية. نحن يجب علينا الإثبات أنه يمكن الاعتماد علينا، قال عباس: إنه منذ اللحظة التي سندخل فيها الائتلاف فإن أصواتنا مضمونة.
منذ التصويت الأول، الذي وضعت فيه هذه الفرضية للاختبار، أداء الحكومة لليمين، فإن هذه الفرضية فشلت. سعيد الخرومي المتوفى أعلن بأنه سيمتنع عن التصويت. "راعم" كانت مثل صيدلية. الخرومي تقريباً توسل لعباس كي يدافع عنه من الغضب الذي أثاره، بالأساس في مجلس الشورى. في حينه ظهر هذا مثل الحبل السري، فترة تكيف، بعد أكثر من ستين سنة في المعارضة.
مرت سنة وحلم عباس لم يستمر طويلاً. توجد أمور كثيرة جداً، "راعم" غير مستعدة للتصويت عليها. في موضوع المثليين لا يوجد ما يتم التحدث عنه، القنب خارج المجال، قانون التجنيد أمر صعب، من الزي العسكري إلى التعليم (الهبات للمجندين) هو أمر إشكالي، والآن أيضاً حول التصويت الروتيني على أنظمة الطوارئ في يهودا والسامرة، الذي من الواضح للجميع أنه يجب تمريره. على كل ذلك توجد علامات استفهام. مرة تلو الأخرى "راعم" أدمنت على ديناميكية "مجلس الشورى سينعقد". هذه ديناميكية ستقضي على رغبة كل رئيس حكومة مستقبلي في أن يكون مرتبطاً بهذا الحزب. هذا ليس "شاس" العربي، هذا يشبه أكثر "تسوميت". الأكثر خطورة من ذلك هو أن هذا السلوك يتسبب بضرر للائتلاف لا يمكن إصلاحه ويعزز بن غفير وسموتريتش ونتنياهو. ليس صدفة أن بينيت أبعد نفسه عن "راعم" ونقل التعامل معها إلى يائير لابيد. لا يوجد أمر يضر به هو وجدعون ساعر أكثر من الوصف بأن مصيرهما مرتبط بما سيقرره عباس.
بماذا يختلف ذلك عن كل حكومات إسرائيل، اليمينية في معظمها، التي كانت مرتبطة بالحاخام شاخ أو مجلس حكماء التوراة؟ لا يوجد اختلاف كبير. ولكن في صالح الأصوليين يجب القول: إنهم كانوا قادرين على تقليص الأزمات التي خلقوها. ليس في كل أسبوع مثل "راعم".
يمكن التقدير بأن أي شيء كتب هنا لا يضيف أي شيء لعباس. فهو يعرف جيداً الأضرار، لكن سيطرته على الحزب غير مطلقة. "راعم" حزب ديمقراطي بصورة تقريباً تذكر بما كان عليه الليكود وحزب العمل ذات يوم. الكثير من القوى، التي حصلت فجأة على أهمية واهتمام لم تتخيل في أي يوم بأنه ستكون لها.
السخرية الكبيرة هي أنه من كل الخطاب حول هذا الموضوع، فإن المبرر الحقيقي لانضمام "راعم" إلى الائتلاف اختفى. فسلّة الإنجازات الاقتصادية – الاجتماعية لـ"راعم" هستيرية جداً إلى درجة أن جميع الأطراف تريد عدم إبراز عدد من الإنجازات؛ كي لا تتحول إلى مواد للدعاية من أجل نتنياهو وبن غفير.
إذا لم تعد "راعم" إلى رشدها ولم تغير اتجاهها، فإن عباس سيصبح بطلاً مأساوياً، حيث إنه سيكون بطلاً دفع ثمناً سياسياً باهظاً لقرار انضمامه إلى الائتلاف، وأيضاً بيده يكون رسم طريقه الجديدة كإحدى الطرق التي تحظر على أي زعيم يريد البقاء من الاقتراب منها.
عن "هآرتس"