يُقال أن المرأة نصف المجتمع، بل قد تكاد تكون المجتمع بأكمله كونه تعمل على تربية النصف الثاني منه ألا وهو الرجل من أطفالها، لذا فإنها عنصر فعال وأساسي في قيام وتنمية المجتمع بشكل سليم وصحيح.
لكن هذه المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة منذ آلاف السنين وحتى اليوم، تتطلب أن تكون المرأة مًحضرة نفسياً وجسدياً لإتمام هذه المهمة، وهي التي تمر بمتغيرات كثيرة في حياتها منذ عمر صغير وحتى مرحلة الشيخوخة.
تؤثر هذه المتغيرات ليس فقط على صحة المرأة بدنياً، وإنما نفسياً خاصة في مرحلة انقطاع الطمث أو ما كان يُعرف سابقاً بإسم سن اليأس، وهي المرحلة التي تبدأ عادة بعد سن الخمسين وفيها تفقد المرأة قدرتها على الإنجاب والخصوبة بسبب تراجع هرمون الإستروجين في الجسم.
وتمر المرأة بمنعطفات كبيرة وكثيرة خلال فترة انقطاع الطمث، منها أمور صحية كالهبات الساخنة وجفاف العضو التناسلي الأنثوي وتساقط الشعر والأرق والتعب وغيرها من الأمور التي تنعكس على الصحة النفسية للمرأة لجهة الإكتئاب والحزن.
في موضوعنا اليوم، نتطرق وإياك عزيزتي لتأثيرات انقطاع الطمث على صحة المرأة النفسية
أثناء فترة ما قبل انقطاع الطمث وعند دخول هذهالمرحلة، تعاني معظم النساء من تقلبات مزاجية وقلق واكتئاب وتوتر بدرجة معتدلة كنتيجة طبيعية لتقلب الهرمونات. إلا أن النساء اللاتي عانين في السابق من نوبات الإكتئاب والقلق والتوتر وغيرها، هن أكثر عرضة للإصابة بأعراض الصحة النفسية الشديدة المرتبطة بانقطاع الطمث.
فبحسب الدراسات، يتضاعف معدل انتشار الإكتئاب خلال فترة انقطاع الطمث. وبالإضافة إلى ذلك، عادة ما يتخلل مرحلة انقطاع الطمث أمور عديدة حاسمة في حياة المرأة حيث تحاول تحقيق التوازن بين تقدمها في السن، والقضايا الصحية الخاصة بها وبشريكها، ووصول الأطفال إلى سن الرشد، والعمل، والأسرة، والوالدين المسنين وغيرها؛ وكل ذلك يمكن أن يُشكل عبئاً نفسياً إضافياً.
أعراض تعاني منها المرأة نفسياً بسبب انقطاع الطمث
أبرز الأعراض التي تؤثر على الصحة النفسية عند انقطاع الطمث هي الآتية:
- مشاعر الحزن والعدوانية.
- التوتر والتحسس.
- نقص أو انعدام الشعور بالتحفيز والتركيز.
كما ترافق مرحلة انقطاع الطمث مجموعة من الأعراض الأخرى مثل الأرق والهبات الساخنة (هبات الحرارة) والتوتر والتعب. ويمكن لتلك الأعراض أن تجعل النساء يشعرن بالإكتئاب أيضاً.
ما الذي يمكن للمرأة أن تفعله لتحسين حالتها النفسية والجسدية
وبإمكان المرأة القيام ببعض الخطوات لتحسين الحالة الصحية والجسدية أثناء فترة انقطاع الطمث، وذلك على الشكل التالي:
- كوني على دراية بالأعراض وحاولي أن تتصالحي معها بالإعتماد على أساليب التأمل والإسترخاء.
- كوني على دراية بأن هذه الأعراض مؤقتة وستختفي قريباً.
- اطلبي المساعدة الطبية إذا كانت الأعراض شديدة أو لم تتمكني من التعامل معها بمفردك. هناك خيارات علاجية مختلفة لانقطاع الطمث، ومن بينها العلاج بالهرمونات البديلة.
- حاولي عدم التركيز كثيراً على المسألة، وبدلاً من ذلك حافظي على نشاطك البدني من خلال التمارين واللقاءات الإجتماعية.
- انضمي إلى مجموعات الدعم وحاولي ألا تكوني بمفردك في وجه التحديات.
ما الذي يمكن فعله للمساعدة في التغلب على هذه الأعراض أو المشاعر
ننصح بضرورة إيلاء بعض النقاط الحياتية، اهتماماً مضاعفاً للتغلب على المشاعر السلبية لانقطاع الطمث، ومنها النظام الغذائي والنشاط البدني وغيرها.
ويمكن تلخيص هذه النصائح بالآتي:
- تناول الطعام الصحي: تجنبي الأطعمة التي تُسبب الهبات الساخنة والتعرق الليلي وغيرها من الأعراض.
- اشربي الكثير من الماء ولا تفوتي أي وجبة.
- أدخلي الأطعمة التي تحتوي على فيتويستروغنز (الإستروجين النباتي)؛ فهي تقوم بدور هرمون الأستروجين في الجسم وتساعد على توازن الهرمونات. ومنها بذور الكتان والسمسم، الثوم، الخضروات الصليبية، الفواكه المجففة، حبوب الصويا، التوت والخوخ.
- الحفاظ على الحركة والنشاط الدائمين وعدم الإستسلام للخمول.
- التواصل بصراحة وشفافية مع الطبيب المختص ومحيطك.
- تجنب الكحول والتدخين والأطعمة المُصنعة، فهي تشكل عبئاً إضافياً على جسمك وذهنك ونفسيتك.
كيف نساعد النساء على تعزيز ثقتهن بنفسهن
السؤال هنا يتعلق بالمحيط الذي يحيط بالمرأة، سواء من العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل وغيرها. ودور هؤلاء أساسي في مساعدة المرأة على تعزيز ثقتها بنفسها وتجاوز تداعيات مرحلة انقطاع الطمث بأقل الخسائر الجسدية والنفسية على وجه الخصوص.
وننصح بضرورة دعم المرأة من خلال التالي:
- يمكن للعائلات والشركاء أن يكونوا أكبر الداعمين من خلال التواصل المفتوح والتحدث بصراحة لمشاركة وتخفيف العبء النفسي.
- ضمان وجود منطقة،أو غرفة نوم مريحة للغاية لتلجأ إليها المرأة عندما تشعر بالإنزعاج؛ حتى لو استلزم الأمر تشجيعها على النوم بمفردها للحصول على قدر كاف من الراحة.
- يجب أن توفر أماكن العمل ساعات عمل مرنة إلى جانب ضمان فهم الأعراض واستيعابها، لمساعدة النساء على الحفاظ على الإنتاجية الأمثل.
- في المنزل والمكتب، يمكن للأشخاص المقربين من السيدات اللاتي يعشن مرحلة انقطاع الطمث، ضمان توفير إمكانية التحكم في حرارة الجو للتعامل مع الهبات الساخنة والتعرق المفرط وما إلى ذلك.
في النهاية، فإن مرحلة انقطاع الطمث هي جزء لا يتجزأ من حياتك عزيزتي القارئة، ويجب أن تكوني مستعدة له جسدياً ونفسياً بالجهد الشخصي والمساعدة الطبية ومن قبل العائلة والأصدقاء وزملاء العمل. وتأكدي أنك ستخرجين من هذه المرحلة بروح أنقى ونفسية مرتاحة واستمتاع بتقدمك بالسن في ظل وجود العائلة ومن يحبونك.