«يديعوت أحرونوت» : اليسار الإسرائيلي.. جسر لاستحضار بن غفير!

سيما كدمون.jpeg
حجم الخط

بقلم: سيما كدمون

 

 



بعد الانتخابات القادمة، عندما سيجلس نتنياهو في رئاسة حكومة 61 مع بن غفير، سموتريتش والحريديم، وفي معسكر اليسار يشتكون كم كانت حكومة التغيير عزيزة على قلبهم – سنذكّرهم. نحن سنذكّرهم بهذه الأيام، الذين كانوا يجلسون فيها في الحكومة وبدلاً من الحفاظ عليها كبؤبؤ العين، فعلوا كل ما هو ممكن كي لا تطول أيامها.
بعد الانتخابات، حين يدخل وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، إلى المدن المختلطة، وسموتريتش يجلس في وزارة العدل ويحرص على إجازة قوانين إحلال السيادة في يهودا والسامرة، نحن سنذكّرهم. الزعبي من ميرتس، غنايم من الموحدة، ولكن أيضاً ميخائيلي من العمل وهوروفيتس من ميرتس. كيف أنهم، بأيديهم، بثوا أملاً لعودة نتنياهو إلى الحكم، وكيف انطلاقاً من انعدام التجربة، الضعف والغباء السياسي، أدوا بأيديهم إلى إقامة حكومة يمين لم يشهد لها مثيل هنا.
كان هذا أسبوعاً سيئاً لحكومة بينيت. لكن من جعله هكذا لم تكن المعارضة. كان هذا هو الائتلاف، الذي كان سلوكه منذ بداية هذه الدورة مثالاً على نزعة التدمير الذاتي. النتائج قصيرة المدى معروفة. لكن المأساة هي بالذات في المدى الطويل. بعد حل الحكومة لا يعود ممكناً لأحد أن يكون واثقاً بتعاون ائتلافي مع حزب عربي. وهذا سينتشر إلى ما وراء ذلك أيضاً: إذ إنه عندما تفعل نائبة من ميرتس، حزب يهودي مع نهج براغماتي، مع ما فعلته الزعبي وتواصل الالتصاق بمقعد ليس لها – فمن سيعطي الثقة لنواب عرب. الزعبي وغنايم سيذكران دوماً كمن عملا ضد مصلحة جمهورهما وألحقا ضرراً مهماً بعلاقات العرب واليهود.
هذه مأساة. لأن مفهوم عباس كان صحيحاً: الأخذ بخطوة شراكة في قرارات ذات صلة بالقوة السياسية التي أعطيت له. لكن مع الزمن تبين أنه هو الوحيد من بين النواب العرب الذي يوجد له التزام حقيقي، قدرة امتصاص وشجاعة جماهيرية وشخصية.
عندما لم يجز القانون لتمديد الأنظمة في يهودا والسامرة، أعلنوا في الموحدة وفي ميرتس أنهم سيفرضون النظام وسيعملون على عزل النواب المتمردين. يتبين أن النواب لا يسارعون إلى أي مكان. ولماذا يسارعون؟ حياة برلمانية مهنية لم تعد بانتظارهم، فماذا يهمهم لو كسبوا يوماً آخر، يومين آخرين، وليخرجوا للائتلاف الروح؟
لقد أعلن عباس منذ الآن أنه لا يبدو له أنه سيكون ممكناً إجازة القانون، فيما أن الزعبي تواصل الجدال فيما وعدها به أو لم يعدها به رئيس الوزراء البديل. يوم الأحد (غداً)، سيجاز القانون مرة أخرى في الحكومة، وأغلب الظن سيحاولون في الائتلاف تهريبه مرة أخرى للتصويت في الهيئة العامة، دون الضجيج الذي رافق التصويت السابق.
لكن الغضب في أوساط رؤساء الائتلاف وصل إلى ذروته، عندما تسبب العمل وميرتس بالخسارة في التصويت على قانون الحد الأدنى للأجور الذي تقدم به أحمد الطيبي. بعد أن أجيز في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وإدارة الائتلاف ودون أي إخطار مسبق، يخرج نواب العمل وميرتس من الهيئة العامة لأجل السماح لقانون الطيبي بالمرور. وإذا لم يكن هذا بكافٍ فإن النائبة نوعاما لزيمي من العمل تطرح قانوناً خاصاً بها بخلاف موقف الحكومة. «تحرقني روحي»، قالت لزيمي باكية من على منصة الهيئة العامة. مشوق أن نعرف ماذا سيحترق لها حين يدير بن غفير وسموتريتش الكابينيت التالي.
يدور الحديث هنا عن عدم مسؤولية على المستوى الأكثر أساسية، يقول وزير في الائتلاف، وبعد ذلك يروون كم مهمة لهم الحكومة وميخائيلي تدعي بأن حزبها لا يخرق الانضباط الائتلافي. ما حصل هذا الأسبوع هو «أمُّ خرق» الانضباط.
نير أورباخ بالذات، المشبوه الفوري لأن يكون النائب الـ 61 الذي سيصوت على حل الكنيست، مع كل آلام البطن وأحاديث التحفيز التي لا تنتهي لبينيت – لا يصوت ضد موقف الحكومة. وهو لن يصوت قبل أن يخطر قبل ذلك، مثلما وعد رئيس الوزراء أول من أمس. ناهيك عن أمل جديد، الذي رغم تهديدات ساعر في موضوع القانون عن تمديد أنظمة المناطق، يتمسكون بأسنانهم بهذه الحكومة.
يجب أن يقال بصدق: بدأ الناس ييأسون. حتى الوطنيون في هذه الحكومة بدؤوا بإبداء بوادر التنازل. لا أحد يحب حكومة لا تحكم.
بينيت ولابيد هما الوحيدان اللذان يبثان التفاؤل تجاه الخارج. وهما يأملان أنه في نهاية الأسبوع سيجري الناس حساب النفس. أن يبردوا حين يفهموا ماذا يوجد على جدول الأعمال، وكم يمكن لهذا أن يكون قريباً. وهما يأملان بأن ينجوا في الأسابيع السبعة المتبقية حتى الدورة الصيفية، ما سيمنحهما نصف سنة إضافية.
يدعي وزير كبير أن كل الوضع كان يمكن أن يحل في لحظة، لو أعلنت القائمة المشتركة أنها لن تصوت في صالح حل الكنيست. وحقاً كيف يعتزم أيمن عودة، حبيب اليسار الإسرائيلي، أن يصوت في صالح شيء ما سيجلب إلى الحكم على نحو شبه مؤكد سموتريتش وبن غفير؟
القصة، مثلما هي دوماً، شخصية. إذا جرت الانتخابات هذه السنة، يمكن لعودة أن يبقى رئيس الجبهة الديمقراطية – حداش. بالمقابل إذا ما جرت السنة القادمة، فسيتعيّن عليه أن يتنافس مرة أخرى على منصب الرئيس، حين سيحتاج هذه المرة إلى أغلبية الثلثين كي ينال المنصب. بالضبط هكذا خسر النائب محمد بركة رئاسة حداش.
لعودة توجد مصلحة لإجراء الانتخابات هذه السنة، يقول المسؤول إياه. لو كانوا وعدوه بأنه سيتمكن من أن ينتخب بأغلبية كبيرة حتى لو لم تجر الانتخابات هذه السنة، لحلت القصة في ألا تكون أغلبية لحل الكنيست.
إذاً عدنا إلى نقطة البداية: أين اليسار، إذا كان ما كنا نحتاجه هو حملة لتغيير دستور حداش؟

عن «يديعوت أحرونوت»