يديعوت : بايدن وعد السعوديين بـ "دفع الثمن".. ولكن !

نداف ايال.jpg
حجم الخط

بقلم: نداف إيال

 

 



"نظير الرئيس بايدن هو الملك"، قالت الناطقة بلسان البيت الأبيض بعناد في شباط 2021. وكان هذا بعد أقل من شهر من دخول جو بايدن البيت الأبيض، وبدا المستقبل مفروشاً بالورود المثالية والنمو الاقتصادي. كانت هذه إهانة علنية، لاذعة لولي العهد، محمد بن سلمان، الرجل الذي يدير عملياً المملكة. وهذا ما عني به السؤال للناطقة.
رد ابن سلمان، في غضون اقل من شهر في مقابلة مع "أتلنتيك": للحقيقة، قال، لا يهمني. وذكر بايدن "بمصالح أميركا". لكن الرئيس كان ملتزماً بالمواقف التي أعرب عنها في حملة الانتخابات ضد السعودية، الحليف الاكثر اشكالية للولايات المتحدة، والسم السياسي حسب استطلاعات الرأي العام المتكررة. أنا، وعد بايدن، سأجعل السعوديين يدفعون الثمن، "سنتأكد من أن يكونوا دولة منبوذة". ووعد بأن "حقوق الانسان ستكون مركز سياستنا الخارجية". الرجل الذي أمر، حسب وكالات الاستخبارات الأميركية، بقتل وتقطيع المواطن الأميركي، جمال خاشقجي، ما كان يمكنه أن يكون جزءاً من هذا العالم الجديد.
حسناً، وعندها كانت الحياة. وللدقة: أزمة سلسلة التوريد، التي نبعت من الطلب المتزايد بعد نهاية "كورونا". تضخم مالي يناطح السحاب، نتيجة الخطوات المالية الموسعة في عصر ترامب وبداية عهد بايدن، وبالطبع بسبب ارتفاع الاسعار: "ارتفاعات عالية للوقود والطاقة. متوسط ما يدفعه الأميركي لجالون الوقود اكثر من 5 دولارات. ارتفاع الاسعار ليس الموضوع المهم في السياسة الأميركية الحالية فقط. بل هو الموضوع الوحيد. تشير المعطيات الاخيرة الى تضخم مالي بمعدل 8.6 في المئة في الولايات المتحدة. الاقتصاد يمكنه بالتأكيد ان يخرج من هذا، وبخاصة عندما يكون البنك الفيدرالي يوشك على رفع الفائدة؛ لكن الديمقراطيين عالقون في مشاكل رهيبة.
بيان البيت الابيض، أول من أمس، عن الزيارة المرتقبة لبايدن الى إسرائيل، السعودية، والسلطة الفلسطينية لم يتضمن اياً من هذه التفسيرات. عمليا، دُحر موضوع انتاج النفط كاملاً في التصريحات الرسمية، وهذا دليل واضح على أنه المركز. يزور الرئيس الأميركي إسرائيل؛ لأن هذه هي حبة الكرز في رحلته، قبل لحظة من احتساء الدواء المرير في الرياض. وهو سيعلن مع رئيس الوزراء، بلا شك، عن خطوات إقليمية معينة نشرنا بعضها هنا في "يديعوت احرونوت" في الأسابيع الأخيرة. ستكون اشارة تقدم في العلاقات مع السعودية.
لكن هذه لن تكون الامور التي سيركزون عليها في أميركا. هناك يقولون وعن حق إن بايدن، الرجل الذي حاول اهانة ابن سلمان يسافر الآن للقائه. الديمقراطيون في مجلسي الكونغرس مصدومون. عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الاستخبارات، آدم شيف، قال، اول من امس، تعقيباً على الرحلة انه من المحظور الوصول الى السعودية، ومن المحظور اللقاء مع ولي العهد. لكن شيف يحتاج لينتخب في كاليفورنيا، معقل التقدميين. والأهم من هذا: في كاليفورنيا توجد سيارات كهربائية اكثر من أي مكان آخر، وفي كاليفورنيا، انتبهوا، حصل في 30 نيسان أمر تاريخي: "لعدة دقائق، 100 في المئة من طاقة أحد اكبر الاقتصادات في العالم (اذا ما فصلناه عن الولايات المتحدة) عمل حصريا بالطاقة المتجددة، الشمس والريح.
بايدن ليس عضو كونغرس من كاليفورنيا. 62 في المئة من الديمقراطيين يريدون أن تحسن الولايات المتحدة علاقاتها مع فنزويللا، السعودية، وايران اذا كان هذا سيخفض أسعار الوقود. كما توجد أغلبية واضحة لدى المقترعين المستقلين ممن سيحسمون مصير الانتخابات التالية، وتلك التي بعدها. رغم التحسن الواضح في تكنولوجيات تنقيبات الغاز الطبيعي، ورغم التوسع في صناعة الطاقة المتجددة، لا تزال الولايات المتحدة متعلقة بشكل عميق بالوقود القائم على أساس المترسبات والتي تأتي من أماكن يعتبرها مواطنوها معادية.
يوجد هنا بالطبع درس مهم لإسرائيل، يمثل تفويت الفرصة التاريخية هنا حول الطاقات المتجددة مثل الشمس والريح. في إسبانيا، دولة لا توجد فيها شمس اكثر من إسرائيل، جاءت 46 في المئة من الطاقة في العام 2021 من الطاقات المتجددة. اما في إسرائيل فالحديث يدور عن نسب قليلة باعثة على الشفقة. اقتصاد الطاقة يعاني من نقص التنوع، البيروقراطية، والبساطة، أقل كثيراً من الطاقات الحديثة والمتجددة. التركيز الإسرائيلي حول حقوق الغاز مفهوم، فهذه مكتشفات مهمة للاقتصاد الإسرائيلي، وستبقى هكذا في السنوات القادمة. لكن في المدى البعيد، كما تعرف إدارة بايدن، ويعرف الأوروبيون أيضا، فان الطاقة المتجددة وحدهما يمكنها أن تخلص العالم من التعلق الهدام والضار بالوقود المترسب. ألمانيا، مثلا، وهي ليست بالضبط بلاد الشمس الخالدة، أعلنت بأن نحو 80 في المئة من طاقتها ستكون في غضون ثماني سنوات من مصادر خضراء. المحفز لذلك ليس أزمة المناخ وحدها، بل أساسا الحرب في أوكرانيا.
بخلاف العموم، يجدر بإسرائيل أن تفكر في المستقبل. رحلة بايدن الى المنطقة تجسيد للواقعية السياسية وهي أيضا صفعة ذاتية. يجب أن نتعلم منها.

عن "يديعوت"