حول ملف الغاز.. متأخر ولكنه ضروري

201958134341122636929198211223735-1565767256.jpg
حجم الخط

بقلم غسان زقطان

 

 

 

متأخر، ولكنه ضروري فتح ملف الحقل الفلسطيني للغاز "غزة مارين"، أكثر من عشرين عاما مضت على اكتشاف الحقل وافتتاحه من قبل الراحل ياسر عرفات، عرفات الذي اعتبر الحقل في حينه "نعمة من الله للفلسطينيين".
سيخبرك مطلع أن اتفاقا جرى توقيعه مع وزارة الطاقة المصرية في العام 2021، يقضي بنقل الغاز إلى محطة تسييل الغاز في مصر وتوزيعه من هناك ليغطي حاجات الضفة الغربية وغزة وبيع الفائض.
وستجد خطابا يفيض بالشكوى للوفد الفلسطيني المشارك في منتدى غاز شرق المتوسط، خطاب حول عرقلة الاحتلال لاستخراج الغاز من الحقل الفلسطيني الأول.
وسيتذكر متابع اتفاقا جرى بين وزير الطاقة الفلسطيني السابق والجانب الإسرائيلي يقضي بمبادلة الغاز بالكهرباء، اتفاق فككه ارئيل شارون.
سيذكرك سياسي بالانقسام ودوره في تفكيك المطالبة الفلسطينية.
الانقسام الذي يواجهنا عند كل منعطف وخلف كل عتبة.
الملف مليء بالتفاصيل والأسماء والاتفاقيات وملاحق الاتفاقيات، وتبدل الشركات ونسب ملكيتها، وتقدير الاحتياطي ونوعية الغاز..، ولكن الغاز بقي في قاع البحر ولم يصل إلى غزة أو الضفة، يمكن في الأيام الصافية تأمل شبح البئر على مسافة 21 ميلا بحريا، والمنصة التي بنيت فوقه وفي الصور يظهر بوضوح مهبط مهجور للهيلوكبتر، في الأرشيف صورة لعرفات مبتهجا على السياج المعدني لمنصة الحفر.
على اليابسة، تواصل إسرائيل حصار فلسطين، وعصرها اقتصاديا حتى الجوع، واحتجاز أموال الضرائب وتحطيم محاولات الإنتاج والتنمية وإغلاق سلاسل التصدير، وحرمان الصيادين من تجاوز الأميال الستة، وإغراق غزة في العتمة وتنقيط الوقود، وتهديد الضفة بقطع الكهرباء بسبب تراكم المديونية. بينما تواصل سرقة الغاز من مياه غزة بعد أن جففت الحقل المشترك "مارين ب"، ومفاوضات التصدق على غزة بالوقود القطري.
ملف الغاز يبدو، الآن، أولوية قصوى إذا أرادت السلطة أن تخرج من الدائرة المفرغة لعجزها الاقتصادي، وهو أكثر أهمية بما لا يقاس من "أيديولوجيا العناقيد" وأحلام التنمية التي تصطدم كل يوم بـ"اتفاقية باريس" سيئة الصيت.
هذا جزء من المواجهة التي يجب أن تخوضها الوطنية الفلسطينية في مواجهة نهب الاحتلال لمقدراتها، ووسيلة ستساعد في تخفيف الأعباء المعيشية التي ترهق الشعب الفلسطيني.
شرق المتوسط تحول إلى شبكة من ورشات التنقيب والسيطرة، ونحن، بالمصادفة، حصلنا على فرصة غير محسوبة، أشبه بورقة يانصيب، لتحسين اقتصادنا والتخلص من حصار الاحتلال الذي يبدأ من الطاقة ويتشعب ليشمل مناحي الإنتاج وحقوله.
الحملة الفلسطينية المثارة حول الحقوق في استخراج الغاز من "غزة مارين" ومواصلة عمليات التنقيب التي تبدو واعدة حسب معظم الدراسات، هذه الحملة لا ترقى إلى مستوى أهميتها ومردودها على الاقتصاد الوطني وهدف التحرر من سيطرة الاحتلال.
حملة حقيقية تتجاوز "خطاب الشكوى" والتغاضي الغريب عن الملف، والصراخ في المنتديات الدولية:
لدينا حقل، لدينا حقل
حملة تبدأ بكشفه، الملف، كاملا للناس، من باب الشفافية أولا، وتوفير الحشد وبناء خطة للمواجهة على مستوى البلاد والعالم، وثانيا وثالثا تعزيز مطالبتنا بحقوقنا المتروكة بلا أسيجة.