يمكن للسيدة أن تذهب للعمل في السابعة صباحا مشيا على الأقدام، وتعود لمنزلها في الحادية عشر صباحا، لتقضي أربع ساعات فقط تستطيع بعدها متابعة منزلها وأسرتها دون مشاكل، مع ضمان دخل جيد جدا لها، هكذا تصف "مِنار معبد" مؤسسة مشروع "مينيز" لتجفيف الفواكه بالطاقة الشمسية النظيفة.
المشروع الذي بدأ في عام 2012 يهدف لتوفير طعام صحي من الفواكه المجففة والتي يمكنها البقاء لفترة أطول دون فساد خارج الثلاجة مع احتفاظها بمكوناتها الطبيعية وفوائدها، وذلك دون استخدام مواد حافظة أو مكسبات طعم ولون ورائحة، كما يوفر فرص عمل مناسبة للغاية للسيدات لا سيما في القرى.
تؤكد "مِنار" مؤسسة مشروع "مينيز" ، أن الفكرة لاحت لها منذ 12 عاما حيث رأت أحفادها يتناولون طعاما غير صحي، وقد رأت في بعض الدول تقديم الفاكهة المجففة دون سكر أو مواد حافظة، وبعد بحثها عن الموضوع عرفت أن هناك شركة ألمانية تقوم بإعطاء تدريبات في الهند على التجفيف بالطاقة الشمسية، ما دفعها للسفر هناك، حيث قضت ثلاثة أسابيع في تعلم هذه العملية فضلا عن تعلمها أشياء أخرى مرتبطة بالزراعة والتعامل مع مخلفاتها.
ولأن الشمس في مصر ساطعة طوال السنة فقررت مِنار استخدام الطاقة الشمسية، بدلا من الكهرباء العادية، واستعانت بسيدات في قرية من قرى مدينة البدرشين التابعة للجيزة (32 كم جنوب القاهرة) لتنفيذ هذه الفكرة فيها.
"كنت سعيدة بما تعلمته في الهند خاصة أن طريقة تجفيف الفواكه غير مميكنة وبأدوات بسيطة من المطبخ، وهي أشياء يستطيع من خلالها الفلاح المصري تزويد قيمة منتجاته بالتجفيف، وبعد أن أنهيت التدريب طلبت من المدرب الألماني تطبيق الطريقة في مصر واشتريت "المنشر" وهو خاص بالتجفيف، وبدأت العمل لمدة ثلاثة أشهر على تطبيق الفكرة وساعدتني إحدى السيدات التي أتعامل معها في القرية، حيث قمنا بتجارب كثيرة على الخضراوات والفاكهة، وبدأت أقدم هذه الفواكه المجففة لأحفادي ووجدت أنهم قد أقبولوا عليها، وأخذوا هذه الفواكه المجففة معهم في المدارس خاصة أنها لم تكن تتأثر بعوامل الجو وتظل بحالتها حتى نهاية اليوم الدراسي وتؤكل كاملة" هكذا وصفت "مِنار" مرحلة البداية في مشروع تجفيف الفواكه بالطاقة النظيفة.
وتبين "مِنار" أنها عندما لاحظت إقبال زملاء أحفادها على تناول هذه الفواكه قررت بيعها، وتم تسويق منتجاتها من خلال معرض في حي الزمالك الراقي كان يقبل عليه السياح والأجانب المقيمين ثم بدأت بعد ذلك عملية الانتشار في المعارض ثم في المحلات الخاصة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وتعاقدنا مع شركة للترويج لمنتجات المشروع.
التجفيف يتيح تقديم الفواكه بقيمتها الغذائية في غير مواسمها
تؤكد مِنار أن: "الفاكهة الطبيعية بالطبع هي الأفضل في مواسمها، لكن التجفيف يتيح وجود الفواكه في غير موسمها مع بقائها بنفس قيمتها الغذائية، كما أن صغر حجمها بسبب تخلصها من المياه، يسهل حملها في السفر دون تعرضها للفساد مع سهولة تخزينها، أما بالنسبة الطعم فلا يختلف كثيرا سوى في عدم وجود مياه فيها، حيث تشبه الفواكه المجففة التي نشتريها في رمضان مثل التين المجفف والزبيب المجفف، مع القدرة على تجفيف كل أنواع الفواكه دون استخدام مواد حافظة أو سكر إضافي أو مكسبات لون وطعم، وبالتالي نقدم للناس منتج آمن وصحي، بعيد عن الأشياء المعلبة التي بها مواد حافظة والهدف منها تغيير الفكر الخاص بالطعام".
فرص عمل للسيدات
المشروع حتى الآن يحتوي على خط إنتاج واحد لكنه جذب عددا من سيدات القرية للعمل فيه وبحسب مؤسسة المشروع: "فمكان العمل في نفس قرية السيدات ويستطعن الذهاب للعمل مشيا، حيث يعملن لمدة 4 ساعات من 7 صباحا حتى 11 صباحا، بشكل لا يؤثر على وقت المرأة مع أسرتها، لأن هذا الوقت هو أفضل وقت تكون الشمس فيه مناسبة لآلية التجفيف والتي لا تعمل بشكل جيد بعد هذا التوقيت، ورغم إمكانية العمل بعد هذا التوقيت بطرق مختلفة لكنها لا ترغب في ذلك حتى لا تشغل وقت السيدات عن أسرهن كما أنها لا ترغب في الاستعانة بالرجال حتى لا يزاحمن السيدات على هذا النوع من فرص العمل المناسبة لهن، حيث يمكن للسيدة الجمع بين العمل وتقديم أكل صحي لأولادها وفي نفس الوقت توفر دخل لها.
وتختم مِنار حديثه بالقول: "من مميزات المشروع الاستفادة من كل شيء، فقشر الفواكه يمكن وضعه في الأرض المطمورة، والبذر والنوى نستفيد منها في صناعات أخرى، وبعض البقايا نقدمها كغذاء للطيور، كما نقوم بعمل خل من التفاح، وبالتالي مع كل هذه المزايا أتمنى أن ينتشر الوعي بأهمية الفواكه المجففة".
المصدر: سكاي نيوز عربية