ثماني سنوات على "صراع الحكم" في فلسطين

كتاب
حجم الخط

في البداية وقبل الخوض في موضوع مقالي , أود ان أنوه أني اتحدث كلاجئ فلسطيني يقيم في غزة بعيداً عن انتمائي الحزبي وفكري السياسي المنتمي لأحد الطرفين .

صراع الحكم , منذ عام 2007 هناك سلطتين قائمتين في الضفة الغربية تحت سيطرة حركة فتح وفي قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس , ظهرت هذه الحالة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية لعام 2006 , لأسباب كثيرة منها النقل السلمي للسلطة بين الحركتين وقبول المجتمع العربي والدولي لحركة جديدة داخل فلسطين في حيز الحكم أو بالأصح التيار الإسلامي السياسي المتمثل في "الاخوان المسلمين".

طلب الرئيس عباس آنذاك من حركة حماس بتشكيل حكومة , فبدأت الحركة بتشكيلها في حين رفضت معظم الفصائل الفلسطينية المشاركة فيها والتي كان يترأسها " أسماعيل هنية " , لم تستطع هذه الحكومة ان تكتسب ثقة المجتمع العربي والدولي وقوبلت بحصار إسرائيلي ورفض عربي ودولي لها , ولم تتعاطي الأجهزة الأمنية معها , لتلك الأسباب وغيرها من الأمور الداخلية التي كانت أساسها عدم تقبل الأخر , فشكلت حماس " القوة التنفيذية " كسلاح بديل عن الأجهزة الأمنية ومن هنا بدأت حكاية الاصطدام والاشتباك الدموي بينها وبين الأجهزة الامنية .

تدخلت بعض الدول , منها مصر وثم الوساطة القطرية وبعدها اتفاق مكة الشهير , ثم جاء اليوم الأسود في غزة لتنقلب موازين القوى وتفرض حركة حماس نفسها بالقوة على الشعب والرئيس والمجتمع العربي والدولي , فأصبح هناك انقسام سياسي كامل بين قطاع غزة من جهة والضفة الغربية التي أصبحت مقر للسلطة الفلسطينية من جهة أخرى , ودخلنا بازدواجية الحكومات وحوارات ولقاءات ومحاولات للمصالحة ولكن جميعها باءت بالفشل حتى جاءت أخر محطة وهي اتفاق الشاطئ , وتشكيل حكومة توافق , ولكن النقاط المختلف عليها مازالت قائمة , الملف الأمني وإعادة الحكم للسلطة داخل القطاع ورواتب الموظفين وتحسين الحالة المعيشية " الكهرباء والمياه والوقود وغلاء المعيشة .. ألخ " , ناهيك عن إعادة الأعمار بعد الحرب الأخيرة على غزة .

ويعود التراشق الإعلامي بين الحين والاخر وتهم التي لا تنتهي , بالعمالة والخيانة وبيع الوطن وزرع الفتن وخلق زعزعة في الامن , هذا يسرق وذلك يقتل ويشوه ويلعن ويكفر .. ألخ , ثماني سنوات وحركتي فتح وحماس كالأطفال يتشاجرون مع بعضهم البعض , ثماني سنوات و الحركتين ينهشون جسد الوطن والمواطن .

بعد كل ذلك , إلى أين يأخذنا ملف الانقسام الفلسطيني ؟! , وهل هناك نية حقيقية للمصالحة ؟! , وهل هناك تلاعب من قبل الدول العربية والغربية في هذا القرار ؟! , وأن تم نفي كل ذلك فمن مصلحته من  ان تبقي حالتنا كما هي عليه ؟! , وهل الشعب الفلسطيني أصبح مغيب عن قضيته الأساسية وما عاد يستطيع التمييز بين الحق والباطل ؟ , وهل فقد الوعي في قدرته على التغيير ؟ .

كل ما أستطيع الحديث فيه اليوم , أن ضحية كل هذا الترهل والتشرذم , " القضية الفلسطينية والمواطن الفلسطيني" , فأننا نمر بمرحلة خطيرة تحتاج شعب واعي لما يدور من حوله , ولديه الإرادة والقدرة لقيادة حركة تغيير داخلية تفرض نفسها على القوي الموجودة لتعيد تصحيح البوصلة و إنهاء الملفات العالقة التي تقف أمام قضيتنا الرئيسية بالتحرير وحلم الدولة , ومن المؤكد ان هذا التغير للبوصلة الفلسطينية ليس مجانياً  , فلسطين بحاجة "لثورة" لإنهاء "صراع الحكم" .