الشهر الماضي، شق مجهولون طريق قرصنة ما بين مستوطنتي “بيت أيل” و”عوفرا”، تمر في أراضي مدينة البيرة وقرى مجاورة شمالي رام الله. جرى شق الطريق بدون معرفة وبدون إذن من أصحاب الأراضي، ومن شأنها أن تقلل زمن السفر ما بين المستوطنتين من خلال تجاوز الشارع الذي يلتف حول رام الله (شارع 60 الجديد). يبلغ طول المسار الذي تم شقه حوالي 3 كيلومترات وعرضه ما بين 5 إلى 7 أمتار. في وحدة منسق نشاطات الحكومة في المناطق، أكدوا لـ”هآرتس” أنه تم شق الطريق دون تصريح وبصورة غير قانونية.
تتفرع الطريق من شارع يقود إلى مستوطنة “بيت إيل” وإلى قواعد عسكرية، باتجاه شمال شرق، وينقص حوالي 400 متر تقريباً لاستكمالها. نفذت أعمال شق الطريق دون إزعاج طوال أسبوعين على الأقل، وذلك على الرغم من وقوع بداية المسار ومكان دخول المعدات الثقيلة أمام بوابة الدخول لقاعدة كتيبة “نتسح يهودا” وهي تقع في مجال الرؤية لقاعدة حرس حدود. قاعدة الإدارة المدنية، والتي يعمل فيها مجلس التخطيط الأعلى ووحدة الرقابة، وتقع على بعد بضع مئات من الأمتار عن الطريق. لهذا، فإنهم في بلدية البيرة يجدون صعوبة في تصديق ممثلي الإدارة المدنية الذين قالوا إنهم لم يعرفوا شيئاً عن الأعمال غير القانونية.
لم تتوقف الأعمال إلا بعد أن اكتشفها سكان فلسطينيون وبدأوا بنشاطات احتجاجية. عضو مجلس بلدية البيرة منيف طريش، ورئيس مجلس عين يبرود ناجح دحابرة، قالا لـ”هآرتس” إن ممثلي لجنة التنسيق والارتباط الفلسطينية سمعوا من ممثلي الإدارة المدنية أن مجلس محلي “بيت إيل” يقف خلف شق الطريق. قسم المتحدث باسم منسق أعمال الحكومة لم يصادق ولم ينفِ. مجلس “بيت إيل” والمتحدث باسم مجلس “هيئة بن يمين” رفضا الإجابة على أسئلة “هآرتس”.
المعدات الثقيلة، وقوة العمل والتخطيط المطلوبة لشق شارع كهذا تدل على أن الحديث لا يدور عن نشاط أفراد. درور اتكس، الباحث في السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، رأى أن جزءاً من الطريق جاء لتوسيع لطريق زراعية فلسطينية قائمة “ولكن من الواضح أنهم لم يكونوا يخشون من الوصول إلى حدود أربعين قسيمة من الأراضي المملوكة ملكية خاصة”. هذا الأمر يدل، كما قال، على “شعور بالحصانة (من أي عقوبة) متبلور جداً”. هذا الاختراق ليس فريداً، ويدل على نموذج. حسب تقدير اتكس، فإن المستوطنين شقوا في الثلاثين عاماً الأخيرة مئات الطرق بصورة قرصنة، بطول إجمالي يبلغ مئات الكيلومترات. هذه الطرق، وعلى الرغم من أنها شقت بصورة غير قانونية وفي أراض خاصة وعامة فلسطينية، تم شرعنتها مع الوقت من قبل السلطات الإسرائيلية وسمح باستكمال شقها. هذه الطرق تقصر المسافة بين المستوطنات المختلفة وما بين بؤر استيطانية وبين المستوطنات. إضافة إلى ذلك، هي تزيد فعلياً الفضاء الذي تحظر فيه حركة الفلسطينيين، ولا يسمح لهم ولا يستطيعون السفر فيها أو فلاحة أراضيهم ورعي أغنامهم، نظراً لأن المستوطنين مسلحون والجنود يمنعونهم من ذلك بقوة السلاح.
في إحدى ليالي أيار، استيقظ سكان قريتي عين يبرود وبيتين على صوت جرافات تحفر في أراضيهم بالقرب من شارع 60 وأمام مدخل مستوطنة “عوفرا”. في الأيام التي أعقبت ذلك، اكتشفوا أن معظم الطريق الرابطة تم شقها من الغرب – في أراضي البيرة، وفي منطقة مخفية نسبياً، حيث يقل وصول الفلسطينيين إليها بسبب قربها من القواعد العسكرية والمستوطنة. بلدية البيرة ومجالس القرى أبلغوا ذلك للجنة التنسيق والارتباط الفلسطينية، التي لم تكن تعرف شيئاً، والتي توجهت بدورها إلى الإدارة المدنية. بعد عدة أيام من ذلك، تجمع سكان عين يبرود وبيتين حول الجرافات (التي واصلت شق الطريق من اتجاه الغرب في وضح النهار) ومنعوا سائقيها – أحدهما عربي والآخر يهودي – من مواصلة العمل. قوة عسكرية ظهرت في المكان، وحسب أقوال دحابرة، هم أوضحوا للقائد بأن الأعمال تنفذ بصورة غير قانونية على أراضيهم ورفضوا تعليمات المغادرة ما دامت الجرافات موجودة. منذ ذلك الحين، توقفت الأعمال.
من منسق نشاطات الحكومة في المناطق، ورد إلى “هآرتس” أنه “عندما علمنا بالأمر، عملت جهات إنفاذ القانون في الإدارة المدنية على وقف الأعمال في المكان”. في الأسبوع الماضي، عُثر على أمر بوقف العمل في المكان صادر من الإدارة المدنية، ولكن التاريخ الذي يحمله – 14 حزيران – يدل على أنه صدر بعد يوم من إرسال “هآرتس” استجواباً بهذا الشأن لمنسق أعمال الحكومة في المناطق. بالرغم من الأمر، يوجد في المكان كومة من أعمدة الكهرباء التي تشاهد جيداً من بوابة المعسكر العسكري. لم يتم رفعها من هناك حتى يوم الجمعة، ولم يتم طمر تلك الحفر التي حفرت لزرعها.
في اللقاء داخل بلدية البيرة جرى الأسبوع الماضي، قال عدد من أصحاب الأراضي في المنطقة بأنهم يتذكرون آباءهم أو أجدادهم وهم يزرعون ويرعون في تلك القسائم التي يمتلكونها، ويحضرون المياه للري من “عين القصعة”. أما اليوم فهم ممنوعون من الوصول إلى النبع الذي سيطر عليه متدينون إسرائيليون قبل عدة سنوات ويستخدمون بركة الري للغطس. العديد من أصحاب الأراضي يحملون الجنسية الأمريكية، وقالوا إنهم ينوون الاستعانة بهذه الحقيقة للتوجه إلى الرأي العام الأمريكي.