هارتس : ضرب أذرع الأخطبوط الإيراني لا يقل أهمية عن ضرب رأسه

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

 



هل أُقيل العميد حسين طائب، رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري، من منصبه؟ أم نجا من محاولة اغتيال؟ في البداية تحدثت وسائل إعلام في إيران عن إصابة طائب بجروح جراء محاولة اغتياله وهو يعالج في المستشفى. في المقابل، جرى الحديث عن إقالته من منصبه، وخلال وقت قصير جرى الإعلان أن محمد كاظمي حل مكانه، وحتى الآن هذه هي الحقيقة الرسمية. لم تُذكر أسباب إقالة العميد البالغ من العمر 60 عاماً، والذي شارك في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينيات، وتقدم في مسار مواز ديني وعسكري. وانتشرت في المقابل على وسائل التواصل الاجتماعي شائعات تقول إن الإقالة جاءت على خلفية فشل طائب في تنفيذ هجمات ضد إسرائيليين، وشائعات أُخرى تدعي أن سبب إقالة طائب هو عدم نجاحه في منع اغتيال علماء وقادة في الحرس الثوري.
وثمة رواية أُخرى نسبت قرار القيادة الإيرانية إلى معلومات قدمها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قبل يومين لطهران تتضمن تفاصيل تتعلق باختراق الاستخبارات في الحرس الثوري. ومن المحتمل أن كشف إسرائيل عن اسم طائب كمسؤول عن التخطيط لهجمات في تركيا ضد مواطنين إسرائيليين ساهم أيضاً في إنهاء مهماته كرئيس للاستخبارات. وفي هذا السياق استشهدت إيران على نطاق واسع بتصريحات رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، المتعلقة بـ"ضرب رأس الأخطبوط" وليس فقط أذرعه، فهذا الوصف ينطبق كثيراً على طائب، لكن يبدو أن أذرع الأخطبوط التي تحاول العمل في تركيا ودول أُخرى لا تقل أهمية عن الرأس القابل للاستبدال.
تولى طائب منصبه سنة 2019 في إطار إعادة تنظيم قيادة الحرس الثوري التي بدأت قبل شهر من ذلك مع تعيين حسين سلامي قائداً بدلاً من حسين جعفري - الذي يشغل حالياً منصب رئيس مؤسسة ثقافية تهتم في الأساس بإدارة "حرب ناعمة" ضد أعداء إيران. فقد دمج سلامي جهاز الاستخبارات الاستراتيجي مع تنظيم الاستخبارات في الحرس الثوري ووضع على رأسه طائب، وعيّن حسن محقق نائباً له.
وطائب ومحقق صديقان وفيان لمجتبى خامنئي، ابن المرشد الأعلى، علي خامنئي، منذ أيام خدمتهم العسكرية في الحرب الإيرانية - العراقية. وبفضل هذه العلاقة جرى تعيين طائب قائداً للباسيج – فرقة المتطوعين التي تنضوي في الحرس الثوري ويمكنها عند الحاجة جمع قرابة مليون متطوع في صفوفها.
قبل عام طُلب من طائب الاهتمام بالملف العراقي، أي استخدام الميليشيات الشيعية التي تعمل تحت حماية إيران وبتوجيهات من فيلق القدس. وجاء هذا على خلفية عدم الرضا عن أداء إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الذي حل محل قاسم سليماني الذي اغتاله الأميركيون في كانون الثاني 2020.

الانتقادات الداخلية
إن المعركة ضد الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل والتخطيط لهجمات انتقامية هما فقط جزء من المتاعب التي تُقلق الحرس الثوري، وخصوصاً تنظيمه الاستخباراتي. فهذا التنظيم هو في حالة تأهب منذ أيار لمواجهة حالات تمرد مدني وتظاهرات وعمليات تخريبية داخل إيران ضد النظام، إذ لا تزال هذه التظاهرات مستمرة لكن بصورة مصغرة نسبياً، في ظل تخوف من أن تمتد وتهدد استقرار الدولة. أمّا السبب الأساسي للاحتجاج فهو قرار الحكومة تقليص الدعم الذي تقدمه من أجل استيراد السلع الاستهلاكية، وبينها سلع أساسية. ولقد أدى هذا القرار إلى ارتفاع حاد في أسعار الزيوت المعدة للطعام بنسبة 200٪ خلال شهر، وارتفاع أسعار مشتقات الألبان بنسبة 50٪.

الملف السوري
وثمة موضوع آخر يُشغل القيادة الإيرانية، وخصوصاً الحرس الثوري وفيلق القدس، هو التطورات في سورية. فقد بدأت إيران بتكثيف وجودها في المناطق التي انسحب منها الروس، ومن الصعب التقدير ما هو عدد الذين غادروا سورية من قرابة 63 ألف مقاتل ومستشار ومدرب وطيار روسي، وذلك من أجل مساعدة القوات التي تحارب في أوكرانيا، وأيضاً ما هو العدد الذي انتشر في قواعد ومواقع أُخرى في داخل سورية. لكن وفقاً لتقارير سورية، استولت إيران على جزء من القواعد التي أخلاها الروس، مثل قاعدة تقع شرقي حمص يوجد فيها مخازن سلاح وعتاد، وقواعد أُخرى في منطقة دير الزور كانت تحت السيطرة الروسية.
كما جرى الحديث عن تكثيف إيران قواتها غربي مدينة حلب في المنطقة التي كانت تعمل فيها الشرطة العسكرية الروسية، وأيضاً في منطقة مدينة درعا الواقعة جنوب هضبة الجولان السورية.
وجاءت الزيارة التي قام بها هذا الأسبوع وزير الخارجية الروسي إلى إيران على خلفية التهديدات التركية بغزو مناطق إضافية شمال سورية، وهي خطوة تعارضها بشدة كل من موسكو وطهران. واعترفت إيران لأول مرة علناً بوجود خلاف بينها وبين تركيا بشأن موضوع سورية، كما أن التقارب المتسارع بين تركيا وإسرائيل يساهم في زيادة مخاوف إيران وكذلك روسيا.
لا يتم اتخاذ القرارات الاستراتيجية والسياسية المطروحة حالياً على إيران في الساحة السورية واليمن والعراق وفي مواجهة الهجمات الإسرائيلية، وبالطبع مسألة الاتفاق النووي، على مستوى رئاسة الاستخبارات في الحرس الثوري، بل تأتي مباشرة من مكتب خامنئي. ويعتمد المرشد الأعلى على مستشاريه وعلى مواقف الأمين العام لمجلس الأمن القومي علي شمخاني، وعلى مستشاره السياسي علي أكبر ولايتي، وعلى قائد الحرس الثوري سلامي. وهذه ليست قرارات إدارية، إذ يشارك في النقاشات سلسلة طويلة من خبراء ومستشارين يعرضون تداعيات الاحتمالات المختلفة لكل خطوة، سواء على المستوى السياسي، أو المستوى الداخلي، أو على صعيد منظومة العلاقات الخارجية لإيران.
لن يكون للاضطرابات التي يشهدها حالياً تنظيم الاستخبارات في الحرس الثوري تأثير كبير في اتخاذ القرارات السياسية والاستراتيجية. لكن كما في كل عملية تبديل في المناصب، فإن التطلع نحو تحقيق انتصار، ولو رمزي، في مواجهة إسرائيل يضع تحديات صعبة أمام الرئيس الجديد للاستخبارات، والذي لم يظهر حتى الآن في وسائل الإعلام. هذا بالإضافة إلى التوقعات الكبيرة منه لتصفية الحساب الطويل في مواجهة إسرائيل. هناك اليوم، وبالإضافة إلى التحذير من سفر الإسرائيليين إلى تركيا التي يسكنها أكثر من 100 ألف إيراني، مصدر تهديد جديد هو طهران.

عن "هآرتس"