معاريف : إسرائيل تغرق ..

حاييم مسعاف.jpeg
حجم الخط

بقلم: حاييم مسغاف

 

 



ليس هناك مثل الشماتة. فالمتعة تكاد لا تكون مفهومة. أعرف أنه في مصادرنا مقبول القول إن الحجر لا يلقى بعد أن يسقط، لكني، لخجلي، ما كان يمكنني ألا أشمت بنفتالي بينيت. رأيته يقف الى جانب الرجل الذي يوشك على أن يحتل مكانه في مكتب رئيس الوزراء، ويحاول أن يشرح بأنه يفعل ما يفعله ليس اضطراراً، بل إيثاراً. كان من الصعب ذرف دمعة لمشهد الرجل الذي برأي الكثير من ناخبيه خدعهم.
يبدو تفسير رئيس الوزراء المنصرف ببساطة غير مصداق. فالادعاء بأنه يعتزل بسبب الخوف من ألا ينطبق القانون الإسرائيلي على السكان في "يهودا" و"السامرة" ابتداء من نهاية هذا الشهر إذا لم يعلن عن حل الكنيست، ليس فيه بالتأكيد أي شيء حقيقي. فوجه بينيت كشف عن كل ما تنطوي عليه روحه، فلعله عرف ان أحدا لا يشتري تفسيراته؛ ليس فقط بسبب ضحالة التفسير. فحزبه تفجر أشلاء. وغادر كل العاملين في مكتبه. الأشخاص الذين عملوا الى جانبه على مدى سنوات طويلة هربوا كالفئران التي تترك السفينة الغارقة. بيته – قلعته في رعنانا أصبح حجر رحى على رقبة الحكومة، بخاصة بعد أن أعلن يائير لابيد أنه سينتقل، مع دخوله مكتب رئيس الوزراء، للسكن في شارع بلفور.
فهم لابيد ما لم يفهمه بينيت أبدا. فالمس بالقدس، موضع روح كل يهودي، لا يوجد ما هو أحقر منه. فنقل المنزل الرسمي الى رعنانا، بحجة أن البيت في القدس حيث سكن في الماضي كل رؤساء الوزراء يحتاج الى الترميم والى عشرات الملايين من الصندوق العام، هنا بدأ السقوط الأكبر لمن لم يكن جديرا في نظري، من نواح عديد، للمنصب الذي فرض عمليا على شركائه إعطاؤه له. انغلاق حسه تسبب بالإحساس بالتقيؤ لأناس كثيرين.
لكن ليست سفينة بينيت الشخصية وحدها هي التي ترنحت في السنة الأخيرة مثل كل سفينة علقت في عاصفة في قلب البحر، فيما فقد القبطان رشده. بدت دولة إسرائيل كلها برأيي سفينة غارقة بعد أن اصطدمت بجبل جليدي. لقد فضل بينيت إغماض عينيه. وسحرته المكانة. في مرحلة معينة طلب ان يبني لنفسه صورة زعيم ذي قامة عالمية، مثل سلفه في المنصب.
مهما يكن من أمر، فإن كل ما قلته حتى الآن لم يعد أمرا ذا صلة. فالشعب اليهودي يوشك على أن يحصل على زعيم – للحظة قصيرة، ينبغي الأمل – من شأنه أن يسير به، على افضل ما أفهم، نحو فقدان صادم للطريق. ليس للابيد المؤهلات، على اقل ما اعرف، لأن يقف على رأس الدولة اليهودية. ليس في جعبته شيء من كل ما كان في الماضي للآباء المؤسسين. لا أعرف كيف سينتهي هذا الفصل، لكن في ضوء سلوك لابيد في السنة الاخيرة فإني قلق حقا. فقد تصرف كمن لا يرى أمامه أحدا. كما أن المنظومة التي وقفت في حينه على شفا كل تعيين في فترة تولى فيها بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء لم تردعه.
الخوف عندي عظيم، وليتني أكون مخطئا. في هذه اللحظة يبدو لي الأمر على حال ليست جيدة على الإطلاق.

عن "معاريف"