كشف رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس، خليل الحية، أنَّ حركته أجرت نقاشاً داخلياً وخارجياً من أجل حسم النقاش المتعلق باستعادة العلاقات مع سوريا.
وقال الحية في حوار نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية: "إنّه بخلاصة النقاشات التي شاركت فيها قيادات وكوادر ومؤثرون، وحتى المعتقلون داخل السجون، تم إقرار السعي من أجل استعادة العلاقة مع دمشق".
وجاء نص الحوار بحسب ما ورد في صحيفة الأخبار اللبنانية كما يلي:
كيف تقيّمون واقع العلاقات الفلسطينية الداخلية؟
انهيار السلطة صار شرطاً لازماً، الرئيس محمود عباس ، كأحد أركان برنامج التسوية، وصل إلى طريق مسدود، ولم يعد متحكماً في مسار الأحداث، ومَن يتحكّم في السلطة هم أرباب الأجهزة الأمنية المرتبطون بالاحتلال والإدارة الأميركية وأصحاب المصالح. حركة فتح تتحمّل المسؤولية، لكننا لا نستطيع أن نقول إنها تدير شؤون هذه السلطة وهذا المشروع.
الآن هناك تدخّلات متعدّدة وصراع داخلي حول هوية مَن يخلف أبو مازن، هناك كثر جاهزون، إذ لا يختلف ماجد فرج و حسين الشيخ وجبريل الرجوب عن أبو مازن في السقف السياسي، إلا أن الولاءات الخارجية هي التي تحسم خليفة الرجُل، وواضح حتى الآن أن الرغبة الأميركية والإسرائيلية هي أن يأتي حسين الشيخ.
المقاومة اليوم في حالة صعود وقوة، بينما السلطة في مسار الانحدار والضعف، إذ لا يوجد لديها مشروع سياسي، وقد سقط النموذج الفلسطيني الثاني، الذي تحدّث عنه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، عندما قال سنريكم نموذجين فلسطينيين، واحد في رام الله والثاني في غزة، فالأول أُعطي المال والرفاهية، لكنه بلا مشروع ولا هدف، وها هو اليوم أسير التنسيق الأمني. أما الثاني، فرغم أنه محاصر، إلا أنه صنع كرامة الشعب ووحدته، وتثني الفصائل الوطنية على أداء اللجنة الحكومية في غزة، لأننا نطلب دائماً شراكة الجميع في القرار والعمل.
هل تملكون تصوّراً خاصاً للسلطة الفلسطينية ما بعد محمود عباس؟
لا يوجد تصوّر خاص لمرحلة ما بعد محمود عباس، لكن لدينا محددات للموقف. لن نكون جزءاً من الصراع على السلطة، ولن نتدخل في خلافات أهل السلطة والتحذير من تفككها لا يعنينا، وعند تفككها لن يكون هناك بديل يملأ فراغها. القوة الموجودة هي قوتنا نحن شعبياً وقوة المقاومة. هذه السلطة إما أن تكون للناس وداعمة لهم، وإما لا تكون، وهي اليوم عبء على مشروعنا الوطني، والاحتلال يتخذها درعاً في مواجهة المقاومة. لسنا معنيين بحماية السلطة إذا قرر أركانها الاقتتال عليها، ولن نكون جزءاً من الاقتتال عليها ولا الصدام من أجلها. لكننا نرفض أي شخصية تأتي بـ«الباراشوت» على شعبنا، ولن نتعاطى معها.
ما هي خطواتكم لكسر الحصار عن غزة؟
لدينا خطط لكسر الحصار على غزة عبر استقدام سفن مساعدات من الخارج. سابقاً كانت لدينا تجربة لم تكتمل بسبب التطورات التي أدّت إلى اندلاع معركة «سيف القدس». وأذكر أنه قبل أيام قليلة من إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في أحد خطاباته، عن أن سفينة المساعدات النفطية الآتية من إيران هي أرض لبنانية وتحظى بحماية المقاومة، كنا في القيادة نفكر في طريقة لكسر الحصار عن غزة، وفكرنا في شراء سفن مساعدات من الخارج لإدخالها إلى غزة. وبالفعل، وضعنا خططاً تلحظ احتمال الاحتكاك مع الاحتلال في سبيل حماية هذه السفن. هذه الفكرة بالنسبة لنا هي جزء من جهود كسر الحصار، والتي لا تقتصر فقط على طرق باب الدول والضغط على الاحتلال، بل كإحدى أدوات الاشتباك مع الاحتلال ولفت أنظار العالم إلى أن غزة محاصرة، وأيضاً هي إحدى طرق تفعيل المقاومة.
ما هو تقييمكم لـ« مسيرة الأعلام » وما تلاها؟
المقاومة لم تتخذ قراراً بمنع مسيرة الأعلام، التي تجري منذ خمسين عاماً، بل الحدّ قدر الإمكان من فعاليتها، وبالقدر الذي يُفقد الاحتلال الانتصار المعنوي الذي يريد تحقيقه. في العام الماضي حدثت ظروف مؤاتية بعد الاعتداء على المسجد الأقصى. هذه السنة الوضع في الضفة مختلف، وعامل المقاومة مختلف أيضاً، والعمليات الفدائية للمقاومة هذا العام متصاعدة.
المقاومة في غزة كانت في أعلى جاهزية واستعداد، وكانت في حالة طوارئ تنتظر قرار بدء المعركة العسكرية. لكن في نهاية فعاليات المسيرة كان تقييمنا أن ما حصل لم يكن يستدعي حرباً عسكرية. بل كان التقييم أننا حمينا المسجد الأقصى من دخول مسيرة الأعلام إليه، وبسحب عنصر السيادة من الاحتلال في القدس، بحيث اضطر لجلب 7 آلاف شرطي ليحمي المسيرة، رغم ذلك خرجت داخل المدينة المقدسة مسيرات فلسطينية تواجه مسيرات الأعلام. أيضاً في ذلك اليوم حصلت 14 حالة إطلاق نار على الاحتلال في الضفة الغربية. عملياً، نحن قيّمنا كل هذا المشهد أنه لا يستدعي ردّ المقاومة. فرغم أن الاحتلال حقق بعض المكاسب المعنوية مما حدث في مسيرة الأعلام، إلا أنها في الواقع كرّست خسائر متعددة له يمكن البناء عليها مستقبلاً.
اليوم، كيف تقيّمون مشروع المقاومة في غزة في مقابل مشروع الاحتلال؟
قبيل معركة «سيف القدس»، وبعدما ألغى أبو مازن الانتخابات، أدركنا أن مشروع المصالحة الفلسطينية لم يعد قائماً، فذهبنا باتجاه إحياء مشروع المقاومة، وحدّدنا 4 عناوين ساخنة تشكل مصدر احتكاك واشتباك دائم مع الاحتلال، وهي القدس والاستيطان والأسرى وحصار غزة.
في عنوان الأسرى، يشكّل الاعتقال الإداري خطراً نازفاً تشترك فيه السلطة مع الاحتلال، حيث يعملان من خلاله على قضم الروح المتوثبة لمقاومة الاحتلال، واستنزاف الحالة الوطنية. لذا، كان قرارنا أن نخوض معركة حقيقية مع الاعتقال الإداري، يبدأها الأسرى بأنفسهم، ونشكل نحن حالة إسناد حقيقية لهم، حتى لو أدى ذلك إلى اشتباك مسلّح.
الاحتلال الإسرائيلي غير مستعد في هذه المرحلة لخوض معارك تلهيه عن التحرّك والتمدّد خارج فلسطين، بينما نحن نراكم قوة المقاومة ونتمدّد لإحيائها وتقويتها في الضفة الغربية. ونحن في حالة اشتباك يومي مع الاحتلال، وغزة رغم أنها محاصرة إلا أننا استطعنا أن نبني فيها بناء مقاوماً، ولم يُعِق الحصار قدرات المقاومة وبنيتها، وذلك من خلال التعامل والإسناد من الحلفاء.
ونحن كقوة مقاومة ومواجهة مع الاحتلال صنعنا توازن ردع معه، ونمتلك القرار ونحدد متى نشتبك مع الاحتلال ومتى لا. فحساباتنا ليست معقدة كثيراً لأننا لدينا مشروع تحرير، فنحن لسنا مقاومة دفاعية، بل هجومية بغرض تحرير الأرض، وهذا ما نأخذه في الاعتبار في تدريباتنا الميدانية.
هل المقاومة مستعدة لخوض معركة «سيف القدس 2»؟
لدينا خطّ استراتيجي واضح، وغزة لا خوف عليها، والمقاومة جاهزة في حال حصلت معركة حقيقية لأن تخوض «سيف قدس» اثنين وأكثر بشكل أكبر يجعل الإسرائيلي يُفاجأ بحجم التطور مقارنة بـ«سيف القدس» الأولى، وهذا الوضع مطمئنون له.
المهم في المعركة المقبلة هو الإجابة عن السؤال المركزي التالي: أين ستدور رحى هذه المعركة؟ نحن نجهز أرضاً لتكون المعركة في قلب الكيان وليس في الأطراف، يجب أن تكون المعركة حيث يؤذى الاحتلال، في القدس والضفة وأراضي الـ48، هذا لا يعني تحييد غزة. لكن من المهم نقل المعركة إلى قلب الكيان، فالإسرائيلي بنى مشروعه ليبعد المعركة عنه، وعمل كل ما في وسعه، بمعاونة السلطة، حتى لا تنشأ حالة مقاومة في الضفة الغربية.
اليوم، توجد معطيات جديدة سمحت بأن ننشئ بنية للمقاومة في الضفة، فالأولوية لرعاية هذا الوليد وإيجاد البيئة الثقافية والفكرية المناسبة لنشر روح المقاومة الفردية والجماعية، ما جعل التخوف قائماً من هذه الروح التي وُجدت في الضفة والـ48 بفعل عمليات المقاومة، وصارت الناس تتحدى السلطة والاحتلال. هذه الروح لا بد أن تبنى. من هنا أتى تبنّي عملية سلفيت من قبل كتائب القسام. والهدف تغذية هذه الروح والقول إن العمل المقاوم هناك منظم. هذا البناء هو مسؤولية الجميع وكلنا نفكر كيف نجعل في الضفة الغربية بيئة للمقاومة، الآن بدأت تتحرك هذه البيئة وقتلت منذ بداية العام ما يزيد على 20 عنصراً من الاحتلال جنوداً ومستوطنين، وهذا غير مسبوق في العشرين عاماً الماضية.
ما جديد ملف العلاقة مع سوريا؟ وهل أصبحت حركة حماس مستعدة للعودة إلى دمشق؟
- جرى نقاش داخلي وخارجي على مستوى حركة حماس من أجل حسم النقاش المتعلق باستعادة العلاقات مع سوريا. وبخلاصة النقاشات التي شاركت فيها قيادات وكوادر ومؤثرون، وحتى المعتقلون داخل السجون، تم إقرار السعي من أجل استعادة العلاقة مع دمشق.