بقلم : مؤمن أبو جامع
من واجبنا كفلسطينيين أحرار أن نكون صمّام أمانٍ لمؤسساتنا الوطنية والرسمية وللعاملين فيها, وأن نتصدّى لكل محاولات الخداع التي يُمارسها بعض المتنفّذين عبر وسائل الإعلام, بالقدر الذي نُسلّط فيه الضوء على عراقة وأصالة هذه المؤسسات وما تُقدّمه لأجل المواطن والوطن.
للحقيقة وجهٌ واحد, ومهما نجح المُبطلون في تعميم أكاذيبهم سيأتي التوقيت المناسب لإبانة الحقائق, ولقد استغلت جهات كثيرة مواسم المعاناة التي يتعرّض لها الفلسطينيون على معبر رفح, وحاولت تشكيل رأي عام مُعادي للسفارة بالقاهرة, وكأن السفارة هي المسئولة عن فتح المعبر, لذلك تقوم بعض الأبواق بنشر أكاذيبها وشائعاتها عبر وسائل الإعلام؛ للتحريض على السفارة, واتهامها بعمل تنسيقات للبعض لتسهيل سفرهم, لكن الحقيقة خلاف ذلك, فسفارة فلسطين في القاهرة ليست لها أي علاقة إطلاقاً بالتنسيق للسفر, سوى بعض التسهيلات للطلبة, ومن المعيب أن يستغل أحدهم هذه المناسبة ويُمارس الكذب الصريح في حق أحد الصروح الرسمية والوطنية, وأنا أعتبر المس فيها بمثابة وضاعة. ولاشك أن هذه الأبواق قد تنجح في ترويج أكاذيبها, لكن حتّى من يُصدّقهم عندما يتعامل مع السفارة ويقترب أكثر من المشهد الحقيقي القائم, يتعرّف على الدور الإنساني العظيم الذي تُقدّمه السفارة.
والرسالة هنا شعبوية أكثر منها نخبوية, موجّهة لكل مواطن يصل مصر, أو للمقيمين فيها, وتأتي تأكيداً على عدم صحّة ما قد يُشاع أحياناً حول تقصير السفارة, مع ضرورة معرفة أن كل ما تستطيع السفارة تقديمه فسيكون متاح ودائماً.
وسياسياً تضطلع السفارة بأدوار هامة, فتعمل على تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية مع مصر وسفارات الدول الأخرى؛ لتوطيد العلاقات الثنائية, ولكسب التأييد الرسمي للقضية الفلسطينية, ولإيصال الموقف السياسي الفلسطيني حول ما يجري في الأراضي الفلسطينية؛ وهذه المساعي الجادة والحريصة والمتواصلة تعزّز الحضور الفلسطيني السياسي وتجعل ملفات فلسطين حاضرة في المشهد السياسي العربي والدولي.
ولا نغفل عن الدور الكبير لسعادة سفير دولة فلسطين بالقاهرة, الأخ المناضل جمال الشوبكي, وبصفته المندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية, حيث مساهمته المتواصلة في حشد التأييد العربي والدولي الداعمَين للقضية الفلسطينية, ومتابعته لكل الملفات التي تُعنى بتحقيق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني, وضمان تواجد فلسطين كشريك أساسي في عمقها العربي والإقليمي والدولي.
وتعقد السفارة اجتماعاتها الدائمة مع ممثلي الطلبة, آخرها كان مع القنصل العام للسفارة بالقاهرة د. نداء البرغوثي, لاستعراض كل التحديات والمشاكل التي قد تواجه الطلبة.
وعلى الصعيد القنصلي تولِي القنصل العام اهتماماً واسعاً في خدمة المواطنين الفلسطينيين, والعمل على تذليل وإزاحة كل العقبات التي تواجههم, ومساعدتهم في إتمام معاملاتهم.
ولم تتوانَ السفارة لِلّحظة عن تقديم الخدمة المتكاملة لأبنائها الطلبة, بدءاً بالتنسيق لتسهيل سفرهم إلى جمهورية مصر العربية, مروراً بالتواصل مع الجهات الرسمية والأهلية بمصر وفلسطين, بالإضافة لسرعة إتمام المعاملات الخاصة بهم داخل السفارة, وصولاً لحل ما يعترض الطالب من مشكلات, سواء ما بتعلق بصعوبات الإقامة أو الدوام أو المصروفات, مع ضرورة التنويه إلى أن السفارة تبذل قصارى جهدها لحل تلك المشاكل, لكن هناك بعض القضايا التي يتعلق إنجازها بالطرف الآخر كالجامعة مثلاً, وتكون خارج سيطرة السفارة, كما أن المساعدات المالية الخاصة بالطلبة محدودة جداً, وغالباً ما تكون لتسديد رسوم بالجنيه الإسترليني في حال توفّر المتبرّعين.
وفي المجال الطبّي تبذل السفارة جهودها منذ اللحظة التي يدخلون فيها المرضى لجمهورية مصر العربية وحتى عودتهم, فتقف عند حاجتهم, وتقدّم لهم المساعدة الطبيّة والعينية وتوفّر الإقامة للحالات الإنسانية. عدا عن مساهمات دائمة في الشئون القنصلية والعلاقات العامة. مع السعي لتطوير أدائها بشكل مستمر.
وتشكل الثقافة جزءا لا يتجزأ من هُوية الشعب الفلسطيني, وتُعد الملحقية الثقافية أحد أهم أركان السفارة, فتعمل على إعداد وتنظيم الشئون الثقافية فيما يرتبط بالفنون و الأدب و العلوم و متابعتها, فتنظّم المناسبات العلمية والثقافية والوطنية, والمهرجانات والاحتفالات السنوية, في المحافل الجامعية والمؤسّسية المختلفة, وذلك لخلق الحضور الثقافي الذي يعكس الوجود المجتمعي الفلسطيني, والذي تُشكّل الثقافة عنواناً له.
وعكفت مؤخراً السفارة وعبر المركز الإعلامي التابع لها, على إتاحة فرص تدريبية متنوعة للفلسطينيين المقيمين في مصر, واستفدت منها شخصياً وكانت مجانية, وما زالت هذه الفرص متوفرة, بعد توقيع بروتوكول تعاون بين السفارة وجهات رسمية ونقابية مصرية.
لا يمكن حصر ما تُقدّمه سفارتنا بالقاهرة لأبناء شعبنا وهذا واجبهم, لكن هذا المقال هو جزء من واجبنا أيضاً تجاههم, في سبيل تعريف أبناء شعبنا وتذكيرهم بما يُقدّمه هذا الصرح الوطني الكبير, وبمثابة لكمة في وجه البعض مِن أصحاب الأقلام الصفراء إن جاز التعبير, الذين يُشوّهون الحقائق.
لقد تردّدت على أكثر من سفارة لدول أخرى في القاهرة, فوجدتها تستقبل معاملات الجمهور لغاية الساعة 12 ظهراً في معظم أيام الدوام لديها, ولا تقبل أي معاملة خارج هذا الوقت, لكن في سفارتنا هناك جنود مجهولة تعمل في كل يوم من أيام الدوام لغاية الساعة الثالثة عصراً, في خدمة أبناء شعبنا.
فلابد أن نكون عناصر نجاح لهذه المؤسسات, بدلاً من كوننا أدوات للتشويه, وحتى وإن كان هناك انتقاد فمن الممكن أن تتم ترجمته لاقتراح, وتقديمه للجهة المختصّة, هكذا يمكننا أن نضع بصماتنا بالشكل الحضاري الراقي.