"إسرائيل اليوم" : السعودية تسير على أطراف أصابعها نحو التطبيع مع إسرائيل

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 



"توقّع اختراق في العلاقات مع السعودية مفهوم، لكن غير حقيقي"، هكذا تقول محافل رفيعة المستوى في إسرائيل قُبيل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة. فقد حاولت الإدارة الأميركية الدفع قدماً بسلسلة مواضيع وأفكار قبل زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل، وبعد ذلك يسافر في زيارة ليومين إلى السعودية.
في جدة سيلتقي مع زعماء دول الخليج ومع بضعة زعماء عرب آخرين، حيث سيكون أحد المواضيع التي ستطرح هو الدفع قدماً بفكرة حلف دفاع إقليمي ضد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية بمشاركة إسرائيل.
موضوع واحد اتفق عليه منذ الآن، وأغلب الظن سيعلن رسمياً في أثناء الزيارة، هو نقل الملكية على جزيرتَي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية. بالمقابل ستسمح السعودية للطائرات الإسرائيلية بالمرور في مجالها.
لما كانت الجزيرتان جزءاً لا يتجزأ من اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر وترابط فيهما قوة رقابة دولية، كانت ثمة حاجة لموافقة إسرائيلية على نقلهما إلى السعودية. اشترطت إسرائيل ذلك بتلقي ضمانة سعودية رسمية على بقاء حرية الملاحقة العسكرية والمدنية في مضائق تيران. رفض السعوديون منح إسرائيل كتاب تعهد عملي كهذا، والذي كان معناه اتفاق مباشر أول بين الدولتين واتفق على أن يتعهدوا بذلك أمام الولايات المتحدة التي تتعهد بدورها لإسرائيل. كجزء من هذا، سيغادر مراقبو الأمم المتحدة الجزيرتين وسيتموضعون من جديد في شرم الشيخ.
بقدر ما هو معروف طالبت إسرائيل أيضاً نصب وسائل تكنولوجية وإلكترونية في جنوب خليج إيلات، ولكن يبدو أنها تراجعت عن ذلك، واكتفت بالضمانات الأميركية التي تلقتها.
كما أسلفنا فإنه من المتوقع أن تقر السعودية للطائرات الإسرائيلية أن تمر في مجالها لدى طيرانها شرقاً. حتى الآن سمحت السعودية فقط لطيران إسرائيلي غايته الإمارات أو البحرين بالمرور في سمائها، وذلك مساهمة غير مباشرة منها لاتفاقات إبراهيم. وسيقصر الإذن الجديد جداً الرحلات من إسرائيل إلى مقاصد مثل تايلاند وهونغ كونغ، وسيسمح للشركات الإسرائيلية بالطيران مباشرة إلى اليابان واستراليا أيضاً. في الاتصالات التي جرت حاولت إسرائيل إقناع السعودية السماح بالطيران المباشر للحجاج المسلمين إلى مكة. لم يتم بعد إجمال الموضوع، ولكن بقدر ما هو معروف لم يستبعد السعوديون الأمر تماماً.

علاقات سرية
فكرة أخرى طرحت - ولم تحسم بعد - هي ضم شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى إلى طائرة الرئيس بايدن في رحلتها من إسرائيل إلى السعودية، وإلى قسم من المحادثات التي سيجريها في المملكة. إذا حصل الأمر (واحتمالات ذلك ليست واضحة) ستكون هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها محفل إسرائيلي رسمي السعودية علناً.
في العقد الماضي زارت المملكة محافل أمنية إسرائيلية عديدة. وكان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي زار المملكة، لكن كل رؤساء "الموساد" الآخرين ومحافل رفيعة المستوى أخرى في الجهاز، رؤساء مجلس الأمن القومي، رؤساء الأركان وألوية الجيش الإسرائيلي وصلوا إلى لقاءات عمل في الرياض. إلى جانبهم تعمل في المملكة في السنوات الأخيرة محافل تجارية مختلفة أيضاً – أمنية وغيرها – بإذن من السلطات في الدولتين.
السعوديون معنيون بالقدرات الإسرائيلية، لا سيما في مجالات الأمن، التكنولوجيا، والزراعة، وبين الشركات الإسرائيلية والسعودية وقعت منذ الآن عدة اتفاقات. هذا التقدم المهم في العلاقات بين الدولتين يجري في معظمه سراً، بنيّة عدم إحراج السعوديين.

بوادر تغيير
"لا تزال السعودية غير ناضجة للقفزة التي اتخذتها الإمارات والبحرين"، يقول المسؤولون. "سيستغرقها وقت. هي أبطأ، محافظة أكثر، ومن المشكوك فيه أن نرى علاقات كاملة قبل أن ينتقل الحكم من الملك سلمان إلى ابنه، محمد بن سلمان".
رغم ذلك تقول المحافل: إن ما يحصل، الآن، "ليس أقل من تاريخي". قد يبدو هذا خطوة صغيرة، لكنه بداية فتح الباب. رويداً رويداً سيكون هناك مزيد من الخطوات إلى أن تنضج العملية كلها. للسعوديين صبر، ونحن أيضاً نحتاج إلى الصبر، ولكن في النهاية سيأتي هذا".
بالنسبة للمواطن البسيط في الرياض تبدو العلاقات مع إسرائيل في هذه اللحظة حلماً بعيداً. من تحدثنا معه في الشارع كان أساساً مذهولاً من أن الإسرائيليين يزورون المملكة. عندما دعوناهم لزيارة القدس كان الجواب الدائم: "إن شاء الله يكون هذا ممكناً ذات يوم".
في هذه المرحلة يخيل أنه لا أحد يريد أن يقول أكثر من هذا. في دولة محافظة ومنغلقة كالسعودية – مسؤولة عن المقدسات الإسلامية – ينتظر المواطنون تلقي الإشارة من السلطات. ولا يزال من الصعب على المرء ألا يشعر ببوادر التغيير: غير قليل من الشبان أبدوا اهتماماً بالضيوف من إسرائيل ولم يخشوا الحديث. هم ضليعون بآخر الأحداث، وذوو رأي، وفضوليون جداً. في دولة أكثر من نصف سكانها دون سن الـ 25 فإن المستقبل يلزم السعودية بالتغير والتطور. يفعل محمد بن سلمان بالضبط هذا ولكن بوتيرته. إذا لم تتهور إسرائيل، وتكيف نفسها، فلهذه العلاقات مستقبل واعد جداً.

عن "إسرائيل اليوم"