هارتس : اغتيال شيرين: أميركا تتستّر على جريمة إسرائيل

ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 

 




تخيلوا ما لا يصدق: تخرج إيلانا ديان (أو يونيت ليفي) من مناطق راحتها من أجل تغطية الاحتلال إعلامياً.
لقد وجدت نفسها في مكان يتم فيه تبادل إطلاق النار، وأصابتها رصاصة في عنقها، بين الخوذة والسترة الواقية.
لقد قتلت. ماذا سيحدث عندها؟ خلال فترة قصيرة تقوم إسرائيل باعتقال "الخلية" الفلسطينية.
من غير المهم من أطلق النار، حقاً هذا غير مهم، فكل أعضاء الخلية تتم تصفيتهم أو يتم الحكم عليهم بالسجن المؤبد. تعلن إسرائيل الحداد على موت الصحافية الكبيرة لديها.
من الواضح للجميع من هو الذي قتل الصحافية. لا تفكر أميركا في التدخل بالتحقيق. فقط تدين الفلسطينيين، وتشارك في حداد الشعب الإسرائيلي، وربما أيضا تفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية بسبب قتل الصحافية.
من الواضح للجميع أن الصحافية الإسرائيلية قتلت لأنها يهودية ولأنها صحافية. القتلة، هذه الكلمة التي ستستخدم بالطبع، تعمدوا قتلها. أي طفل في إسرائيل يفهم ذلك.
لكن شيرين أبو عاقلة كانت مراسلة حربية فلسطينية، شجاعة وحازمة أكثر بما لا يقاس من ديان وليفي معاً، وقتلت في جنين.
تنصلت إسرائيل من أي مسؤولية كالعادة. تنصلت وطمست الحقائق. كل التحقيقات التي نشرت عن ظروف قتلها أدت إلى استنتاج واحد وهو أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار عليها، لكن إسرائيل استمرت في طمس الحقائق.
بعد ذلك جاء الفحص، الذي جرى بحضور ضابط أميركي. وهاكم النتيجة: وزارة الخارجية الأميركية، التي تهتم بسلامة المواطنين والتي تصدم بشكل خاص للمس بالصحافيين، مثلما تم الإثبات في قضية جمال الخاشقجي، أعلنت أنه لا يمكن الجزم من قتل أبو عاقلة، لكن من المرجح أن النار أطلقت من ناحية الجيش الإسرائيلي.
المقولة القاطعة هي أنه "لا يوجد سبب للاعتقاد بأن النار كانت متعمدة، بل هي نتيجة ظروف مأساوية".
الرصاصة المحطمة، التي تم إخراجها من رأس أبو عاقلة، همست للولايات المتحدة بأن مطلق النار لم يتعمد القتل. كان هذا الفحص المتطور في التاريخ: فحص يفحص القلب والكلى ويشخص النوايا.
من الصعب التفكير في حشد أخرق وغير مهني وسخيف ومهين أكثر من ذلك في خدمة الدعاية الإسرائيلية.
لقد تبين مرة أخرى أنه عندما يكون الأمر يتعلق بأميركا تكون مستعدة لفعل أي شيء، من أجل الدفاع عن بؤبؤ عينها.
وهي مستعدة للتغطية على أي جريمة وتعريض نفسها للسخرية وأن تستخف بمعايير الأخلاق والقانون والمهنية فقط من أجل أن تتمكن من التغطية على إسرائيل.
تقول أميركا لإسرائيل: واصلي قتل المراسلين. فهذا من ناحيتنا على ما يرام. دائما سنقول: أنتم دائما لا تتعمدون، وإن ظروفا مأساوية هي التي قتلت أبو عاقلة وليس جنود "دفدفان"، الوحدة المختارة في الجيش الإسرائيلي.
الأميركيون أيضا لا يشاهدون الـ "سي.ان.ان". فقد أظهر التحقيق الذي بثته الشبكة أنه على غصن الشجرة التي كانت خلف المكان الذي أصيبت فيه أبو عاقلة توجد إصابة لثلاث أو اربع رصاصات أخرى أطلقت بصورة متقطعة وليس صلية واحدة.
هل هذا أيضا يدل على أنه لم تكن هناك نية لقتل الصحافية التي بحثت عن مخبأ تحت الشجرة؟ هل فقط من أجل جعل مكوث الرئيس الأميركي جو بايدن في إسرائيل ممتعا يمكن أن نجعل الأمور ضبابية وأن نطمسها ونقوم بالتضليل؟ هل التستر على جريمة يعتبر بالنسبة لأميركا مظهرا من مظاهر الصداقة تجاه من نفذوها؟
"من الذي قتل نورما جيم؟"، سأل بيت سيغار في الأغنية المدهشة لنورمان روستن. "من شاهدها ميتة؟ قال الليل أنا وضوء غرفة النوم رأيناها ميتة... من سيحمل التابوت؟ نحن، قالوا في الصحافة بألم وضيق. نحن سنحمل التابوت... من الذي سينسى قريبا؟ أنا، قالت الصفحة، وبدأت في التلاشي. أنا سأكون أول من سينسى".
أبو عاقلة ماتت وماتت معها أيضا بقايا الثقة بالولايات المتحدة التي تعرف حقيقة حليفتها.
بفضلها تستطيع إسرائيل مواصلة الادعاء بأننا لن نعرف في أي يوم من الذي قتل شيرين، لكن يبدو أننا نعرف جيداً من الذي قتلها. وهو يتجول، الآن، بيننا.

عن "هآرتس"