"الرصاصة لا تزال في جيبي" رائعة الكاتب المصري احسان عبد القدّوس، تحوّلت إلى فيلم سينمائي بديع أنتج عام 1974 من بطولة و تمثيل محمود ياسين وحسين فهمي ويوسف شعبان وصلاح السعدني ونجوى ابراهيم.
"الرصاصة المصريّة" ما زالت في الجيب، أما الرصاصة "المشئومة"، الرصاصة القاتلة المجرمة، الرصاصة "رصاصتهم" التي قتلت واغتالت الصحفية الفلسطينية المبدعة شيرين أبو عاقلة فلم تعد في جيوبنا وانما اصبحت في "جيوبهم" وفي "عبّهم"!!! في "عبّ امريكا"، في عبّهم المشترك!!!
لقد حلف "عليّة القوم" يمين ومئة مقسم عظيم بأن أسرائيل، "وحتى لوشافت حلمة ودانها" فانها لن تحصل على الرصاصة، لن تفحص الرصاصة، لن تلمس الرصاصة، لن تشمّ الرصاصة "،حتى لو تموت"، ولتمت بغيظها ورغبتها وسعيها للسيطرة على الرصاصة، "الرصاصة بعيدة المنال عنهم،عن أنوفهم، فهي "بالحفظ والصون، في قمقمٍ يحرسها المارد الاسطوري، "مارد مصباح علاء الدين السحري" مُخبّأة في "سابع أرض"، في عمق "السبع بحور"، "لا توجد قوّة في هذا الكون يمكن أن تصل اليها، أن تحصل عليها!!!، فهي كنزٌ ثمينٌ واثمن من "كنوز مغارة علي بابا"، أثمن من "جبل يورانيوم"، اثمن من ماس جنوب افريقيا. تُضاهي في قيمتها زيتون فلسطين وعنب الخليل ونخيل وموز أريحا وبيّارات برتقال يافا وحيفا وعكّا والساحل الفلسطيني قاطبة.
لكن ودائما هناك ولكن كما يقول القول الاسباني المأثور فان التناقض الرئيس، يا سادة يا كرام ويا افاضل ويا أجاويد، المعضلة الاساسيّة السرمديّة، في هذا العالم، هي ما بين الغرب المتوحّش الخبيث اللئيم المُتغطرس الظالم الاستعماري وما بين الشرق البسيط الساذج، الذي يُلدغ عشرين مرّة من نفس الجُحر، الذي يُصدّق الغرب أو "يضحك" عليه الغرب "عينك عينك وعلى عينك يا تاجر"، دون أن يُتعب نفسه بتغيير اساليبه الملتوية أساليب الرياء والمداهنة والمراوغة والتزييف و"ضرب الخوازيق والاسافين"، أسلوب "الثلاث ورقات" و"الضحك على الذقون"، أسلوب "مسح المأساة ببوسة لحية أو بفنجان قهوة أو "كاسة نسكافيه"!!!!
ما لم تستطع ان تحصل عليه اسرائيل بالوعيد والقوّة العسكرية حصلت عليه أمريكا، المعلم الاكبر،"بالخندزة والدسدسة" والوعود الكاذبة واللف والدوران والالتفاف!!! حصلت أمريكا على "رصاصة شيرين أبو عاقله"، ومرّرتها في ممرّ آمن إلى ربيبتها وشبيهتها وحليفتها اسرائيل.
اسرائيل حصلت على الرصاصة، الرصاصة لم تعُد في جيوبنا وانما بين أيدي اسرائيل بين اصابع اسرائيل "الخفيفة". "فحصوها، واكتشفوا ويا للعجب!!"، الرصاصة تالفة، "خربانة"، لم يعد لها لا ملامح ولا تضاريس، وكأنها اصطدمت في جادار برلين، في تحصينات خط ماجلّان، في تحصينات خط بارليف!!! لم يعد من الممكن التعرّف على الرصاصة ولا تتبّع جيناتها ولا بصمتها الورائية، لم يعد من الممكن التعرّف على أبوها ولا أمّها، لقد نتج وبان أن الرصاصة "بنت حرام"، مجهولة الاب مجهولة الهويّة، مجهولة "الاصل والفصل" اذن لا يمكن الجزم من أيّ سلاح انطلقت، ولا أي اصابع ضغطت على الزناد.
لقد "توّه" الامريكان واسرائيل الموضوع، وارسلوا الحقيقة في اجازة طويلة وخلقوا وقائع على مقاسهم وعلى مقاس أيديهم!!
فهل كان في الامتين العربية والاسلامية نفرٌ، نفرٌ واحدٌ فقط، يمكن أن يُصدّق أن أمريكا وسيطُ نزيهٌ بين الاسرائيليين والفلسطينيين؟؟؟!!!
... الرصاصة "طارت من جيبنا" واصبحت في جيبهم، جيب أمريكا واسرائيل!!! .. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.