بايدن" على خطى سابقيه 2/3

3_1471273079_4574.jpg
حجم الخط

بقلم د بكر أبو بكر

 

 

 ما بين تحقيق المصالح الإسرائيلية-الأمريكية أولًا كما أشار "بايدن" بكل وضوح وما بين تواصل دعم "إسرائيل" اللامحدود يأتي لرشوة وخداع المنطقة (بطلته البهية) وكأن الملوك بانتظار الامبراطور لإعلان الولاء، ليس إلا دون أدنى اهتمام بالمصائر التي لم ينجح بطرحها في مقاله في "واشنطن بوست".

"بايدن" بين الداخل الامريكي ومتطلبات "الحلفاء"!

يكمن الهدف الرئيسي للزيارة في وقف تراجع شعبية إدارة بايدن عشية الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي جراء غلاء الأسعار والتضخم الأميركي وتعويض الطاقة الروسية، وتحديدًا النفط والغاز كما يقول المحلل هاني المصري، وإن أضاف التطبيع (هو التتبيع) والاتفاقيات السياسية والأمنية والعسكرية والتي لن تصل ل"ناتو" عربي على حد قوله لا لشيء وإنما لأن أمريكا لا تريد الدفاع عن الدول العربية أصلًا، وخاصة أن السعودية لن تنخرط بالتطبيع الابراهامي، أو الحلف العسكري بقيادة الإسرائيلي.

ونقل موقع "اكسيوس" الأميركي قبل مدة أن إدارة بايدن تعمل على وضع "خريطة طريق" لتطبيع (تتبيع) العلاقات، فيما ذكرت صحيفة "وول ستريت حورنال" أن "إسرائيل" والسعودية تبحثان عبر واشنطن مسائل اقتصادية وسياسية بينها مسألة عبور الطائرات لأجواء البلدين.

وفي آذار/مارس الماضي، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن المملكة تنظر إلى "إسرائيل" كـ "حليف محتمل" في العديد من المصالح المشتركة، خلال مقابلة مع مجلة "أتلانتيك" الأميركية.
الكاتبة "داليا داسا كاي"، في مقالها المنشور في (فورين أفيرز) Foreign Affairs تقول: "سيكون المساعدة في أسعار النفط المحلية أمرًا رائعًا، ولكن نظرًا لسوق النفط الضيق في خضم حرب أوكرانيا. فليس من الواضح ما إذا كان بإمكان السعوديين فعل الكثير، حتى لو أرادوا ذلك. ولا يبدو أن حدوث تقدم كبير في تطبيع العلاقات الإسرائيلية– السعودية وشيك. كما أنه ليس من الواقعي توقع أن تؤدي هذه الرحلة إلى قلب العلاقات الوثيقة للسعوديين مع كل من الصين وروسيا."

لذا تختم بالقول:"بايدن سيعقد صفقة سيئة: مبادلة الضرر شبه المؤكد بالسمعة. مقابل مجرد إمكانية تحقيق انتصارات متواضعة. إنها زيارة لم يكن يجب التخطيط لها أبدًا."
الموقف السعودي
يكتب الاعلامي السعودي طارق الحميد (19/6/2022م-الشرق الأوسط) أن "السياسة ليست مسرحاً للشعارات، ولا النوايا الحسنة، ولا حتى أحلام سذّج اليسار... السياسة هي الواقعية والعقلانية ولغة المصالح، ومدرسة ذلك في منطقتنا هي المملكة العربية السعودية، بالأمس واليوم، والغد بإذن الله."

مضيفًا: "قد يقول قائل إن بايدن يأتي من أجل مصالح بلاده، وهذا صحيح، ولكن نقول لمن صدّعوا رؤوسنا بمقولة إن الرئيس الأميركي يهمّه بلاده لا الآخرون، إن القيادة السعودية كانت راسخة وعقلانية أيضاً لتحقيق مصالح السعوديين، وليس غيرهم، وما زالت كذلك."مضيفًا "بمعنى أنه يأتي لتكريس المصالح المشتركة"!

وكان ولي العهد السعودي في لقاء سابق له مع مجلة (ذا اتلانتك) قد رفع شعار "لايحق لأحد التدخل في شؤون المملكة" وعندما سؤل: هل تريد أن يعرف عنك "جو بايدن" شيئًا قد لا يعرفه عنك؟ ببساطة شديدة وكلمة واحدة قال: "هذا لا يهمني".

واستتبع قائلًا: "أنا لستُ أمريكيًّا، لذا لا أعرف إذا كان لدي الحق في الحديث عن المصالح الأمريكية أم لا. ولكنني أعتقد أن أي دولة في العالم لديها مصالح أساسية: اقتصادية، وسياسية، وأمنية. وهذا هو الأساس الرئيسي الذي تقوم عليه السياسة الخارجية لأي دولة".

وحسب نيويورك تايمز (10/7/2022م) أشار بايدن بمقاله (في واشنطن بوست) بالقول "أعلم أن هناك كثيرين يختلفون مع قراري بالسفر إلى السعودية". لكن "آرائي حول حقوق الإنسان واضحة وطويلة الأمد ، والحريات الأساسية دائمًا ما تكون على جدول الأعمال عندما أسافر إلى الخارج"!؟

وأضافت الصحيفة أن من الجدير ذكره أن "ماكرون" قاطع "بايدن" في قمة جي7 ، وقال إن السعوديين يقتربون من الحد الأقصى لسعة النفط، وتضيف نيويورك تايمزفي (28/6) يبدو أن ماكرون أخبر بايدن أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، زعيم دولة الإمارات العربية المتحدة ، قد أخبره أن كل من الإمارات والسعودية لا يمكنهما زيادة إنتاج النفط بشكل كبير.

ولا ينبغي لبايدن الاعتماد على السعودية لإصلاح أسعار الغاز وحسب-توم أوكونور15/6/2022-: فمسؤولو الطاقة السعوديون يريدون من بايدن مواجهة إيران ونسيان خاشقجي في صفقة أزمة الغاز.

يختم طارق الحميد مقاله آنف الذكر: "المهم والأهم أن العقلانية السعودية، والآنفة التي تدرس، هي التي سادت، لأن هذا منطق الدول، كما أن الشراكة الاستراتيجية السعودية - الأميركية تعود إلى الطريق الصحيح".

إن "السعودية دولة ثقيلة" كما يقول الحميد، ونقول نعم "ثقيلة"، وتفهم أن مصلحة أمريكا-إسرائيل فقط فوق الجميع وليس المصالح المشتركة أو الشراكة مع أحد غير لإسرائيلي، والباقي تبع، لذا فمن المهم الافتراض أنها قد تمارس "ثقلها" هذا لما فيه مصلحة الأمة، وخصوصًا بما يتعلق بفلسطين المحتلة قضيتها المركزية، وهي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

الإسرائيلي والسعودية وبايدن
إضافة للاحتفاء الصهيوني بطيارة "بايدن" التي ستنطلق لأول مرة من مطار اللد الفلسطيني المحتل الى السعودية، ذكرت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية "كان"، أن "إسرائيل" تسعى إلى إبرام صفقة أمنية ضخمة مع السعودية خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة إلى المنطقة في منتصف شهر يوليو/تموز الجاري.

وأفادت "كان" (1/7/2022م) في تقرير نشرته أن تل أبيب ستطلب من إدارة بايدن التوسط لإبرام هذه الصفقة التي تشمل منظومات دفاع جوي مع السعودية، نظرا لعدم وجود علاقات رسمية أو علاقات على الإطلاق بين الجانبين.

وذكر التقرير أن تل أبيب نفسها ستطرح على بايدن خلال وجوده عندهم فكرة توقيع صفقة سلاح مع المملكة التي يزورها الرئيس الأميركي بعدما وعد بأن يجعلها دولة "منبوذة" قببل انتخابه رئيسا على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018.

ورغم معارضتها مرارًا وتكرارًا، عملية بيع أسلحة أميركية متطورة إلى الإمارات والسعودية، تحاول "إسرائيل" -اليوم حسب القناة الإسرائيلية- إبرام صفقات أسلحة مع دول عربية مختلفة، تسعى من خلالها إلى تحقيق أرباح مادية من جهة، ومن جهة أخرى تمكنها من الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي في المنطقة. أي بلفظنا نحن تواصل تسيّد وهيمنة الإسرائيلي على الأمة.