«إسرائيل اليوم» : بايدن صديق حقيقي لإسرائيل لكن لا يعمل لديها

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 



زيارة الرئيس الأميركي الى إسرائيل يوم عيد؛ دون اي صلة بهوية الزائر، وتجاوزاً لكل خلاف فإنها تدل على قوة العلاقات بين الدولتين والأهمية المتبادلة بينهما.
لا يختلف الرئيس بايدن في هذا الجانب مع أسلافه. قد يكون أكبر سناً منهم، ويوجد في وضعية سياسية معقدة في الداخل، لكنه لا يزال الرجل الأهم في العالم. لهذا السبب (وليس لهذا فقط) فإن الاستخفاف به الذي سمع في الأيام الاخيرة في مطارحنا خطأ. حتى يومه الأخير في البيت الابيض ستكون العيون تتطلع إليه وبكلمته تتقرر الأمور.
فضلاً عن ذلك فإن بايدن مؤيد لإسرائيل عرّف نفسه في الماضي بأنه صهيوني. هذه هي زيارته العاشرة الى إسرائيل، ورغم كل الخلافات بين الدولتين بقي مخلصاً كأسلافه، لأمن وازدهار دولة إسرائيل. وقد وجد هذا تعبيره في غير قليل في الـ 18 شهراً من ولايته؛ من المساعدة الأمنية الخاصة للتسلح بـ «القبة الحديدية» وحتى تعزيز التحالفات الاستخبارية، العملياتية، والتكنولوجية.
درة التاج في زيارة بايدن الاقليمية هي السعودية، لكن قراره الوصول قبل ذلك الى إسرائيل هو اشارة واضحة للمحور الشيعي المتطرف، ولروسيا وللجهات المعتدلة ايضا، بأنه من ناحية واشنطن تقف القدس في المكان الأول. هذا الحلف القوي هو مدماك اساس في الامن القومي لدولة إسرائيل. توجد اهمية زائدة لحقيقة أن رئيساً ديمقراطياً يؤكده على خلفية سياقات راديكالية أميركية داخلية ودولية.
ولا يزال التشوش محظوراً: لا يعمل بايدن لدى إسرائيل. هو يعمل معها. مصالحه هي قبل كل شيء مصالح الولايات المتحدة. من هنا تنبع الفوارق بين الطرفين في المسألة الفلسطينية وفي شؤون النووي الإيراني. الأولى سيحاول بايدن دفعها قدماً في رحلته كي يوفر وان كان ظاهرياً لتحريك الاتصالات السياسية بين الطرفين. اما الثانية فستحاول إسرائيل تحقيقها في الزيارة كمحاولة لكبح أو تحسين كبير للاتفاق النووي المتجدد. يمكن التقدير بحذر ان هذه وتلك مآلها الفشل: إسرائيل والفلسطينيون لن يتقدموا الى اي مكان في المستقبل المنظور، وستبقى الادارة في واشنطن منغلقة على حل اشكالي للغاية مع الإيرانيين.
لا يعني هذا تخفيف جهود إسرائيل في التأثير، بمساعدة ريح إسناد من اصدقائها؛ شركائها من الخليج ومن الشرق الاوسط. إيران ليست مشكلة إسرائيلية ولا اقليمية أيضاً، بل عالمية. قرارها أن تبيع لروسيا مُسيرات هجومية في صالح المعركة في اوكرانيا هو دليل آخر على مكانها العميق في «محور الشر». اذا لم يستخلص الأميركيون هذا من قبل، فعليهم ان يفهموه الآن. على مستويات العمل في واشنطن لم يحسم الامر بعد، وينبغي الامل بأن يحصل هذا ايضا لبايدن ولرجاله. رغبته في أن يرى زيادة كبيرة في انتاج النفط الشرق اوسطي (واساسا السعودية) كي يخفض أسعاره يجب استغلاله لجني ربح في المسألة الإيرانية.
من أمل في أن يرى اثناء الزيارة اختراقاً سياسياً مهماً مع السعودية بانتظاره خيبة الأمل. فقد اراد الأميركيون، واراد الإسرائيليون، لكن السعوديين ليسوا ناضجين بعد لأن يخرجوا العلاقات الى النور. هذا سيستغرق زمناً، لكن ما سيحصل الآن ايضا – نقل الجزيرتين من مصر الى السعودية واعطاء الاذن لرحلات جوية إسرائيلية المرور فوق سماء المملكة - هو تقدم مهم، من خلفه يوجد جبل من العلاقات، اللقاءات، والصفقات التي تجرى في السر.
لزيارة بايدن تأثير إيجابي على هذه العلاقات مع السعودية، ومع دول اخرى. يعمل الأميركيون على خلق جبهة إقليمية استخبارية، عملياتية، وتكنولوجية، إسرائيل في مركزها. قيادة المنطقة الوسطى والمنظومة الدبلوماسية الأميركية يعملون على ذلك ساعات إضافية، وستقدم الأيام القريبة القادمة للعالم الصورة التي ترغب واشنطن في بثها: صورة «محور الشر» – الذي يمر بين موسكو، طهران، وحلفائهما – وأمامه «محور الخير» الذي توجد الولايات المتحدة وإسرائيل في طرفه، والى جانبهما الدول السوية في المنطقة.

عن «إسرائيل اليوم»