هارتس : شيرين أبو عاقلة تحوّلت رمزاً خلال زيارة بايدن

جاكي-خوري.jpeg
حجم الخط

بقلم: جاكي خوري

 


بالنسبة إلى الزعامة الفلسطينية، فإن كل زيارة لرئيس أميركي إلى الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين كانت تثير بصيصاً من الأمل، خصوصاً إذا تضمنت زيارة إلى رام الله وبيت لحم. بالنسبة إلى الرأي العام الفلسطيني لا يتغير شيء إذا كان الرئيس الأميركي ديمقراطياً أو جمهورياً، فكل زيارة من هذا النوع ترمز إلى بدء تحريك عملية سياسية، حتى لو كانت محدودة الحجم.
زيارة الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، استثنائية؛ فهي زيارة لرئيس لديه خبرة غنية بالساحة الفلسطينية، وكان نائباً للرئيس باراك أوباما، وشكّل مجيئه نهاية إدارة أميركية هي الأسوأ في العقود الأخيرة بالنسبة إلى الفلسطينيين، ومع ذلك فقد اعتُبرت حدثاً لا ينطوي على أهمية سياسية كبيرة، ولا تحمل رؤية أو أملاً بالتغيير، وذلك في ضوء خيبة الأمل بإدارة بايدن.
في بداية ولاية بايدن كانت الأمور تبدو مختلفة، فقد سارع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى تهنئة الرئيس الأميركي لدى تسلّمه منصبه، وأعلن استئناف العلاقة بالإدارة الأميركية بعد قطيعة دامت 4 أعوام. وفي البداية حظيت المحادثات المباشرة مع وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بالثناء. «لم أسمع قط وزير خارجية أميركيا يتحدث بهذه الطريقة»، قال عنه مسؤول فلسطيني رفيع المستوى. ووصلت إلى رام الله تلميحات من الحزب الديمقراطي إلى حدوث تغيير مهم في الأفق، وكلام عن الدفع قدماً بحل الدولتين في عدة مناسبات، لكن مرت أسابيع وأشهر وأخذت الآمال تتبدد.
مؤخراً، عبّرت مصادر فلسطينية في أحاديث مغلقة عن خيبة أملها حيال عدم استجابة الإدارة الأميركية لمحاولات إعادة منظومة العلاقات إلى الأيام التي سبقت رئاسة دونالد ترامب، والدفع قدماً بخطوات بناء للثقة. كما أمِل الجانب الفلسطيني بالدفع قدماً بفتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وفتح مكاتب منظمة التحرير في واشنطن، وبمساعدة اقتصادية مباشرة. وحتى الآن لم يحدث شيء من كل هذا.
نتائج التحقيق في مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، والتي نُشرت قبل أسبوعين، ورفضُ الإدارة تقديم جواب قاطع بشأن ظروف مقتلها اعتُبر ضربة إضافية. «إذا كانت الإدارة الأميركية لم تنجح في تقديم جواب مقنع في قضية تتعلق بمواطنة أميركية، فكيف يمكن أن نتوقع عملية سياسية مهمة؟»، قال مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، وأشار إلى كلام بايدن لدى وصوله إلى مطار بن غوريون، مضيفاً: «عندما يعلن رئيس أميركي أنه صهيوني، ماذا تنتظر منه؟».
التصريحات التي صدرت عن بايدن بشأن استعداده لحل الدولتين اعتبرها الجانب الفلسطيني غير ملزمة، ولا تدل على رغبة فعلية في الدفع قدماً بعملية سياسية، وفي رام الله مقتنعون بأن الإدارة الحالية اختارت الاستمرار في المسار الذي بدأه الرئيس السابق، دونالد ترامب، مسار يبقى فيه الفلسطينيون في الخلف. في اليومين الأخيرين شددت السلطة الفلسطينية على عدم تطرُّق الرئيس الأميركي إلى حدود 1967.
يظهر الإحباط وخيبة الأمل في تغطية زيارة بايدن في وسائل الإعلام الفلسطينية. في رام الله وبيت لحم تبرز صور شيرين أبو عاقلة، والتي عُلّقت في كل زاوية، أكثر من العلم الأميركي. «العدالة لشيرين» شعار الناشطين الاجتماعيين، وهي القضية الأساسية في الزيارة، وربما الموضوع الذي يمكنه إحداث تغيير، في نظر الفلسطينيين. وخلال أيام الزيارة جرت اعتصامات احتجاجية في القدس الشرقية ورام الله وبيت لحم، كما جرت تظاهرات بموافقة ومراقبة.
في الأيام الأخيرة، قالت مصادر في الإدارة الأميركية: إنها على علم بالانتقادات الفلسطينية.. لكنها أوضحت أن هامش العمل السياسي المتاح أمام الإدارة حالياً محدود جداً. في محادثات مع شخصيات فلسطينية ودبلوماسية عربية، تقول الإدارة الأميركية: إن على الطرفين التعبير عن استعدادهما للدفع قدماً بعملية سياسية كشرط لمثل هذه العملية، وإن عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل وضعف السلطة الفلسطينية لا يسمحان بعملية مهمة. والصورة يمكن أن تتغير لاحقاً بعد انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة وتأليف حكومة مستقرة في إسرائيل. وفي هذه الأثناء، المطلوب من السلطة الفلسطينية هو الانتظار.

عن «هآرتس»